يدرك المسئولون في الحزب الديمقراطي الأوربية أن فرصة هيلاري كلينتون أفضل بكثير في الفوز بمنصب الرئيس الأمريكي في نوفمبر القادم ولتصبح أول امرأة في تاريخ الولاياتالمتحدة تحصل علي هذا الشرف الرفيع, رغم ما يحيط بها من شكوك أنها ليست موضع ثقة الكثيرين نتيجة ما حدث في بنغازي إبان الثورة الليبية ونتيجة الحريق في القنصلية الأمريكية هناك والذي تسبب في مقتل أربعة من العاملين الأمريكيين, ونتيجة تسرب البريد الإلكتروني السري لها عندما كانت وزيرة للخارجية. بدأ اليوم الأول للمؤتمر في الخامس والعشرين من يوليو, فوضويا وغاضبا لعدم رضاء المؤيدين لبيرني ساندرز المرشح التقدمي الذي خسر أمام هيلاري كلينتون في الانتخابات المبدأية, وادعائهم أن القائمين علي الحزب الديمقراطي ينهجون سياسة غير عادلة ظهرت جلية في تعاملهم مع ساندرز من خلال تفضيلهم غير العادل لهيلاري كلينتون. كانوا غاضبين ومقاطعين لكل المتحدثين, وخصوصا رئيسة الحزب التي اضطرت للاستقالة نتيجة إتهامها بأنها أرسلت بريدا إليكترونيا هاجمت فيه ساندرز قبل عقد المؤتمر بيوم واحد واتهمته بأنه ملحد وأنه ليس يهوديا كما يدعي. كانت إذاعة هذا البريد مفاجأة كبري وحادثا جللا, ثم اتهام روسيا بأنها وراءه لأن القيادة الروسية تفضل انتخاب ترمب رئيسا, وأنها اخترقت إليكترونيا أسرار البريد الإليكتروني للحزب الديمقراطي. هذا موضع تحقيقات كبيرة في الأوساط الأمنية الأمريكية. استمرت الفوضي والانشقاقات بين المشاركين في المؤتمر حتي جاء الدور علي كلمة السيدة ميشيل أوباما زوج الرئيس والتي إستطاعت في كلمتها إثارة حماس المشاركين في المؤتمر وتوحيد صفوفهم عندما قالت: كل يوم استيقظ في بيت بناه العبيد وأري ابنتي تلعبان في حديقته, أدرك أن هيلاري فقط هي القادرة علي تحقيق ستمرار حياة إبنتي لينعما بالسلام كانت كلمة تاريخية بشهادة الجميع وكان لها وقع السحر في توحيد صفوف الديمقراطيين. في اليوم الثاني كان أهم المتحدثين زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون. كان كعادته بارعا ومعلما في إلقاء الخطابات. ركز في خطابه علي الأشياء البسيطة والإنسانية عنهما. حكي للمؤتمر قصة لقائه بها وحكاية زواجهما بطريقة رومانسية فجعل القاعة تصغي بكل حواسها. تحدث عنها كأم ووصفها بأنها أفضل أم وأنها دائما تضع أمومتها قبل كل شيء. ثم تطرق الي اهتماماتها بالآخرين واستشهد بإنجازاتها في ذلك المضمار في خدمة الأقليات وكل أمريكا, وأنها لم تخذل أحدا أبدا. كان مدركا بخبرته أن الشعب الأمريكي يحب الحكايات, فحكي لهم حكايتهما الإنسانية كزوج. بدأ بعدها في سرد قدراتها كعضو كونجرس عن ولاية نيويورك ثم كوزيرة للخارجية الأمريكية, وكرر أنها منجزة وأنها تمثل قوة تغيير. كان بارعا في إلقاء خطابه, لدرجة أذهلت الجميع. أحبه الحشد كثيرا, وأثني عليه المحللون بعدها وعلي طريقته التي جعلت المستمعين يتفاعلون معه وعلي حلاوة كلامه وطلاوته وبساطته وخفة ظله. ولما كانت الليلة الثالثة من المؤتمر, تحدث جو بيدون نائب الرئيس الأمريكي فكان رائعا في سرد ثلاث: محنته الشحصية وقصة ابنه الذي مات مصابا بالسرطان, وفي تقديمه صورة إنسانية مشرفة لهيلاري كلينتون, وأخيرا في هجومه الكاسح علي ترامب ووصفه له بأنه أجهل مرشح في التاريخ الأمريكي وأنه غير مؤهل ليكون رئيسا لأمريكا. وأضاف أنه ينتمي للطبقة المتوسطة والتي يريد ترمب سحقها. أما أوباما فقد ألقي خطابا تاريخيا وصف فيه هيلاري بأنها أكثر شخص مؤهل في التاريخ لتكون رئيسا, أكثر منه ومن زوجها ومن كل السايقين, وأنها كانت شريكة في أخذ القرارات المصيرية عندما كانت وزيرة للخارجية. وكان هجومه كاسحا علي ترمب ووصفه بالغرور والعنصرية وتشخيص نفسه أنه منقذ لأمريكا, وسخر من شعار ترمب بأنه سيجعل أمريكا عظيمة مرة أخري, وذلك بقوله: إن أمريكا قوية وعظيمة وليست كما يدعي ترمب, ثم ختم خطابه بقصته التي لا يمكن أن تتحقق إلا في أمريكا.