تتعدد الأجهزة الرقابية في مصر التي يتراوح عددها بين20 إلي30 جهازا رقابيا علي مستوي الجمهورية بل وتتعدد التقارير التي تصدرها تلك الجهات سنويا والتي تكشف مواطن الخلل والفساد في العديد من قطاعات الدولة لكنها لم تكن مجرد تقارير ورقية للإطلاع فقط دون اتخاذ أي إجراءات تكفل التحقيق فيما رصدته من وقائع وإقرار العقاب الرادع ولم يكن لهذا الوضع من نتيجة سوي تفشي الفساد المالي والإداري حتي أنه لم يعد مجرد ظاهرة بل عادة مترسخة امام صمت الجميع, فهل كان هذا الوضع نتيجة الخلل في تلك الأجهزة أم الخلل في التعامل مع ما يخرج عن تلك الأجهزة ولمصلحة من؟ ليس من إجابة علي تلك التساؤلات إلا ما كشفته الوقفات الاحتجاجية التي نظمها عدد من أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات فترة ما بعد الثورة والتي كانت نتيجتها أن تم رفع مذكرة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة لمعالجة أوجه القصور التي قالوا إن الجهاز يعاني منها والتي تتضمن قصوره عن التصدي لوقائع الفساد الناتج عن قصور قانون الجهاز بعدم احتوائه علي النصوص التي تكفل تنفيذ توصيات الجهاز فيما يتكشف له من مخالفات بالجهات الخاضعة لرقابته وبعد احتوائه علي النصوص التي تتيح للجهاز الحق في تقديم المسئولين في تلك المخالفات إلي العدالة, واضعين عددا من الإجراءات لمواجهتها تتضمن النص في الدستور أن الجهاز المركزي للمحاسبات هيئة رقابية مستقلة تختص بالرقابة علي أموال الدولة وإنشاء محكمة محاسبات تختص بمحاكمة المسئولين عن المخالفات التي تكشفت للجهاز كما هو معمول به في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا والمغرب والجزائر وتونس والعديد من الدول, وأن يتضمن الدستور نصا بأحقية الجهاز في احالة المخالفات التي تتكشف له إلي جهات التحقيق ممثلة في النيابة العامة أو الإدارية بحسب الأحوال. وطالبوا بتشكيل لجنة تقصي حقائق لبحث أسباب فشل الجهاز المركزي للمحاسبات في مواجهة الفساد حتي انتشر بشكل غير مسبوق في العشر سنوات الماضية, مما أدي إلي نهب ثروات البلاد. طرحنا ملف قصور الأجهزة الرقابية في مصر علي المتخصصين وخرجنا بتلك الأفكار التي تكفل الاستقلالية والحصانة المطلوبة لتلك الأجهزة وأعضائها.