في ليلة الثالث والعشرين من يناير, وقبل يومين فقط من بدء الانتفاضة الشبابية التي سرعان ما تحولت إلي أول ثورة شعبية مصرية, كان بعض الشباب المشاركين لاحقا في الثورة يسخرون علي موقعي الفيس بوك وتويتر من تعبير ثورة خمسة وعشرين يناير, وكان هؤلاء الشباب ومنهم ناشطون سياسيون وحقوقيون يرون أن مصطلح الثورة يأتي فضفاضا وغير معبر, كانوا لا يخفون إحباطهم بعد سنوات من العمل السياسي منذ التحقوا بحركة كفاية وشباب من أجل التغيير, ورأوا أنها لم تفض إلي الحراك الشعبي الذي كانوا ينتظرونه, لكن باتجاه الجنوب الغربي وعلي مسافة تفصلها عن مصر أكبر صحراوات العالم( الصحراء الإفريقية الكبري) ومحيطا كاملا( المحيط الأطلنطي) كان رسام برازيلي من أصل لبناني يدعي كارلوس لطوف مشغولا برفع عدة صور لأعمال كاريكاتورية أنجزها خلال الأيام السابقة يتنبأ فيها بنجاح تلك الانتفاضة في تحرير مصر من سنوات القمع السياسي, والنهب, والإفقار, ليتلقي هؤلاء الساخرون علي تويتر عدة صور لكاريكاتيرات لطوف بعد أن رفعها مدونون مصريون وعرب أصدقاء له. كاريكاتيرات لطوف لم تكن وحدها مساندة منذ البداية للثورة المصرية, بل رافقتها وتزامنت معها أعمال كاريكاتيرية لفنانين عرب وأجانب جاءت رسومهم متناغمة مع أعمال الفنانين المصريين الذين تنبأوا بالثورة وسجلوا وقائعها عبر رسومهم علي صفحات الصحف, أو علي مواقع شبكة الإنترنت, أغلب هذه الرسوم ضمها معرض كاريكاتيرالثورة المقام حاليا في أتيليه القاهرة بمبادرة من متحف الفيوم للكاريكاتير الذي يرأسه أيضا الفنان محمد عبلة صاحب فكرة المعرض, الذي يقول عنه: قبل انطلاق الثورة, ومع نجاح ثورة تونس, وجدت الكاريكاتير المصري مواكبا جدا للأحداث, وظهرت تطلعات عبر الكاريكاتير بأن تلحق مصر بتونس, وتنال حريتها. لم تكن الثورة في الكاريكاتير موضوعا فقط, بل أسلوبا, وفنا كذلك, ولفت نظري مع قيام الثورة أن كثيرا من الرسامين التحقوا بها وأنتجوا أعمالا تستحق التسجيل, لهذا جاءت فكرة عمل معرض فني لكاريكاتيرات الثورة, يحفظ لكل ذي حق حقه, فهناك فنانون مارسوا حقهم في المعارضة بشجاعة قبل قيام الثورة, وتألقوا مع أحداثها, وشاركوا في صنعها, هؤلاء الفنانون الذين لم يغيروا مواقفهم جديرون بالاحتفاء. ليس معرض كاريكاتير الثورة هو المعرض الوحيد الذي تشهده القاهرة حاليا حول النتاج الفني لثورة الخامس والعشرين من يناير, ففي منطقة مصر القديمة وعلي مرمي حجر من مجمع الأديان يقيم مركز درب1718 معرضا باسم ملصقات الثورة يجمع المعرض المقام بمبادرة من الفنان معتز نصر الدين مجموعة من اللافتات التي رفعها الثوار في ميدان التحرير, تجمعت عدة لافتات علي حائط في مواجهة الداخل إلي المركز الفني, في حين امتلأت باقي القاعات بأعمال فنانين استلهموا روح الثورة في أعمالهم التي تراوحت بين التصوير الفوتوغرافي, والفيديو آرت, والنحت, والتشكيل في الفراغ( انستوليشن), إلا أن فكرة المعرض كما يقول معتز نصر الدين بدأت في الميدان نفسه: منذ اليوم الأول للثورة بدأت الهتافات في الميدان, ومعها محاولات ناجحة لشباب الفنانين والهواة لتوثيق وقائع الثورة عبر الصور الفوتوغرافية, وتكونت في الميدان لجان لجمع هذه الصور وتوثيقها وتصنيفها, وكان أغلبها ذا مستوي فني شديد التميز, في الميدان وجدت اللافتات المرفوعة تحمل إبداعا مميزا علي مستوي اللغة والإيجاز, وعلي مستوي التركيب واستخدام الخامة, وجدت فنا فطريا ملهما لهذا فكرت بجمع هذه اللافتات أولا بأول لتكون نواة لعمل لم أكن أعرف أبعاده بعد, لكن داخل الميدان نفسه ولدت فكرة هذا المعرض وبدا الفنانون المشاركون في العمل بالفعل لتخرج أعمال فنية نقلت الثورة من الشارع للفنون البصريةvisualarts دون مبالغات, ويؤكد نصر الدين أن هذا المعرض لن يكون الأخير في سلسلة المعارض التي سيقيمها مركز درب حول الثورة, وأن أبريل المقبل سيشهد معرضا خاصا للفنان الشهيد أحمد بسيوني الذي استشهد برصاص قناصة الشرطة في الثامن والعشرين من يناير( جمعة الغضب), وسيتضمن المعرض صوره التي وثق بها أحداث الأيام الأولي للثورة, بالإضافة إلي الفيلم التسجيلي الذي صوره متضمنا تسجيلات مع المشاركين في الثورة في أيامها الأولي, الذي استشهد قبل استكماله, كما سيضم المعرض مجموعة من أعماله, بالإضافة إلي صور شخصية له ليكون معرضا تكريميا يليق بالشهيد.