وسط أحداث دالاس التي راح ضحيتها خمسة من ضباط الشرطة الامريكيين علي يد جندي سابق بالجيش الامريكي ذي أصول إفريقية, وأخبار زيارة نيتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي لعدد من الدول الإفريقية, وهبوط أول رحلة سياحية روسية لتركيا منذ أيام, كان لابد من التوقف أمام أخبار تتعلق بسوريا ومستقبلها القريب. جاء الخبر الأول من دمشق مشيرا لوجود زيارة لوفد إيطالي برئاسة مدير الاستخبارات الخارجية بهدف استكمال الملفات التي تم طرحها خلال زيارة رئيس المخابرات السورية محمد ديب زيتون لإيطاليا مؤخرا تمهيدا لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وقال الخبر الصحفي للزيارة ان المباحثات تركزت علي تطبيع العلاقات بين البلدين, وفك الحصار الأوروبي علي سوريا, وهو ما اشترطته دمشق لبدء أي مفاوضات أو تعاون أمني بين البلدين. و هو ما تعهد به الوفد الإيطالي تمهيدا لتطبيع أوروبي- سوري قريب برعاية إيطالية!! لم يكن ذلك هو الخبر الوحيد الذي يلفت انتباهك ولكن كان هناك خبر عن زيارة أخري وأولي لدمشق تبدأ اليوم الاحد الموافق10 يوليو2016 يقوم بها وفد من البرلمان الأوروبي تستغرق يومين. يلتقي فيها الوفد بالرئيس السوري بشار الأسد, وعدد من كبار القادة السوريين ووزير الخارجية وليد المعلم وبعض من رموز المعارضة السورية داخل سوريا. ويترأس الوفد وفقا للأخبار نائب رئيسة الشئون الخارجية في البرلمان الأوروبي خافيير كوسو. وتأتي تلك الزيارة بعد زيارتين قام بهما منذ ثلاثة أشهر وفد برلماني بلجيكي ضم ثلاثة أعضاء, وزيارة أخري قام بها وفد برلماني فرنسي ضم خمسة أعضاء من الجمعية الوطنية الفرنسية برئاسة عضو اللجنة البرلمانية للشئون الخارجية في الجمعية تيري مارياني. ليطرح السؤال نفسه: هل اكتشفت أوروبا أن الأسد ليس ارهابيا بل يحارب ارهاب دول لاسقاط دولته؟ أم أدركت برلمانات أوروبا أن الأسد لن يسقط ولن يحقق أهداف دولهم في تقسيم خريطة سوريا بين أصحاب المصالح؟ نعم كان هناك العديد من الزيارات السرية غير المعلنة لدمشق علي مدي العامين الأخيرين لوفود رسمية وغير رسمية حاولت التفاوض من وراء الكواليس وعقد اتفاقيات تحقق مصالحهم ليس فيما يتعلق بخريطة سوريا أو ما ادعوا انه بحث عن خروج آمن للأسد وحسب, ولكن للتباحث حول العديد من القضايا التي تعنيهم في مجالات الأمن الاوروبي و الارهاب والتسليح الذي سبق لأوروبا منحه للأسد كصفقة الاسلحة الكميائية الألمانية التي اشتراها النظام السوري سابقا من ألمانيا ثم قررت أمريكا عبر منظمة أممها تسليم الأسد لها بدعوي أنها تستخدم ضد المدنيين! نعم يمارس الأوروبيون والامريكيون دورا قميئا في منطقتنا لا يختلف عن دور العاهرات في أي شيء فكل شيء قابل للبيع حتي حياة الإنسان التي يدعون حمايتها وفقا لمنظومة قيمهم الواهمة. ولكن ما المبرر الذي سيسوغه الغرب لشعوبه وهو يبرر لهم ضرورة بقاء الأسد أو تفاوضه معه؟ هل سيجد مبررا مقبولا؟ بكل تأكيد سيجدون المبرر الذي بات معدا بمنطقية بعد إعلان تقرير لجنة تشيلكوت البريطانية التي اعترفت بخطأ غزو العراق علي غير أسس حقيقية, بينما بلير يؤكد أنه ليس آسفا من الإطاحة بصدام. سيقولون:ا لقد أدركنا أنه لا يمكن تكرار سيناريو العراق الذي ظننا فيه أن إزاحة حاكم دكتاتوري هدف نبيل لشعب يحلم بالديمقراطية و الاستقرار و الازدهار. ولذا رأينا أن الإبقاء علي بشار الأسد رغم مساوئه ودكتاتوريته أفضل من نشر الإرهاب والفوضي في المنطقة وأكثر أمنا لأوروبا التي انضم الكثيرون من أبنائها لداعش سورياوالعراق. مبرر نظيف مائة بالمائة يغسل ايديهم من دماء الاف القتلي في سوريا وملايين اللاجئين المشردين. ومنطق يسمح لهم بإجراء مفاوضات جديدة تبقي علي بشار وعليهم في المنطقة. وبخاصة مع إعلان تركيا عبر تصريحات وزارة خارجيتها لجريدة الشرق الأوسط اللندنية امس أنها تتقبل بقاء بشار الأسد لمرحلة انتقالية بالتوافق مع القوي الدولية وفي مقدمتها روسيا والولايات المتحدة. نعم يا سادة كل شيء معد سلفا وسننسي ارهاب بشار ومئات الآلاف من القتلي وملايين النازحين واللاجئين ومليارات من الدولارات فقدتها سوريا بعد تدمير دولة بالكامل سكنها السلاح و ميليشياته الممولة عربيا سعوديا وقطريا للأسف. سننسي في ظل تحالفات جديدة و اتفاقات تضمن النفوذ لكبار اللاعبين وتابعيهم ومنفذي سياساتهم ولا عزاء للشعوب. وللحديث بقية...