ولد رضي الله عنه للنصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة بالمدينة النبوية المنورة, لأبوين كريمين سيدتنا فاطمة بنت سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم وسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحنكه رسول الله صلي الله عليه وسلم بريقه الطاهر الشريف, وسماه حسنا, وهو أكبر أولاد أبويه. شب في حجر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي كان يحبه حبا لا نظير ولا مثيل ولا شبيه له, وكان يمص لسانه, ويعتنقه ويداعبه, ويطيل السجود لأجل ركوبه رضي الله عنه علي ظهره الشريف صلي الله عليه وسلم وتأدب بآداب جده رضي الله عنه وأمه وأبيه رضي الله عنهما, وتواترت روايات ووقائع المحبة الفائقة من سيدنا رسول الله صلي الله عليه له فمن ذلك: اللهم إني أحب حسنا فأحبه, وأحب من يحبه, إني أحبه وأحب من يحبه وأجلسه سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم جواره علي المنبر, ينظر صلي الله عليه وسلم إلي الناس مرة, وإليه مرة, ويقول: إن ابني هذا سيد, ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين. كان مثالا عاليا في مكارم الأخلاق, تقيا زاهدا ورعا كريما متواضعا حييا معظما في قلوب الناس. ورد أنه إذا صلي الغداة, يجلس في مصلاه يذكر الله تعالي حتي ترتفع الشمس ويجلس من يجلس إليه يتحدثون عنه ثم يقول فيدخل علي أمهات المؤمنين رضي الله عنهم فيسلم عليهن, ثم ينصرف إلي منزله. شهد وعاني وقاس أحداثا عظاما من وفاة جده صلي الله عليه وسلم وأمه رضي الله عنها وأبيه رضي الله عنه, وتحمل مؤامرات وافتراءات حتي لقي الله عز وجل شهيدا. ودفن بالبقيع خلافا لوصيته أن يدفن جوار جده صلي الله عليه وسلم حيث منع الأمويون الإمام الحسين رضي الله عنه من ذلك إكراها. الشخصية العلمية: اتقن حفظ القرآن, وخبر أحكامه, وروي عن جده صلي الله عليه وسلم أحاديث كثيرة مثل حديث الدعاء في القنوت, وحديث: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة, وكان دقيقا في الإفتاء فقد سأله رجل عن المراد بشاهد ومشهود, بعدما سمع الرجل إجابات عديدة قبله, فقال: الشاهد هو رسول الله صلي الله عليه وسلم لقول الله عز وجل:( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا). والمشهود: يوم القيامة لقوله سبحانه:( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود). وسأله أبوه رضي الله عنه: كم بين الإيمان واليقين؟ قال: أربعة أصابع قال: بين؟ قال: اليقين ما رأته عيناك, والإيمان ما سمعته أذنك وصدقت به, قال رضي الله عنه: أشهد أنك من أنت منه, ذرية بعضها من بعض. وقال له أيضا أبوه رضي الله عنه: يا بني ألا تخطب حتي أسمعك؟ فقال أني لاستحي أن أخطب وأنا أراك, فذهب الإمام علي رضي الله عنه فجلس حيث لا يراه الحسن رضي الله عنه ثم قام الحسن رضي الله عنه في الناس خطيبا وعلي رضي الله عنه يسمع, فأدي خطبة بليغة فصيحة, فلما قضي, جعل علي رضي الله عنه يقول:( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم). من حكم ومواعظ الإمام الحسن رضي الله عنه: لا أدب لمن لا عقل له, ولا مودة لمن لا همة له, ولا حياء لمن لا دين له, ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل, وبالعقل تدرك الداران جميعا, ومن حرم العقل حرمها جميعا. هلاك النفس في ثلاث: الكبر, والحرص, والحسد: تعلموا العلم, فإن لم تستطيعوا حفظه, فاكتبوه وضعوه في بيوتكم المروءة: العفاف وإصلاح الحال الإخاء: المساواة في الشدة والرخاء الغنيمة الباردة: الرغبة في التقوي, والزهادة في الدنيا كن في الدنيا ببدنك, وفي الآخرة بقلبك العظام أهون من أن يقسم عليها.