تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بالقديس يوسف النجار, وتعتبره أحد أفراد الأسرة المقدسة التي شرفتنا, عندما خرجت مريم العذراء حسبما يروي الكتاب المقدس في غير موضوع, بالمولود الجديد من بيت لحم الي أرض مصر هربا من هيرودوس, الذي عقد العزم علي قتل المولود المبارك. وتصف العديد من كتب التراث يوسف النجار بأنه كان خطيب السيدة مريم, والأب الراعي للمسيح عليه السلام طفلا, والحامي الأمين للعائلة المقدسة, وهو دور عظيم أكبرته الكنيسة الكاثوليكية, فأعلنت القديس يوسف النجار شفيعا للعمال وللمربين والمعلمين, قبل أن يتصدر اسمه في وقت لاحق, صدارة عشرات من المدارس الكاثوليكية التي تنتشر في مختلف ربوع مصر, ويصل عددها اليوم الي نحو168 مدرسة, يدرس بها ما يزيد علي165 ألف طالب وطالبة. ويرجع تاريخ إنشاء أول مدرسة كاثوليكية في مصر الي العام1847, حيث انشئت المدرسة بمنطقة الخرنفش في حي الظاهر, وحملت اسم القديس يوسف, وهي تسبق في العمر مدرسة فرير باب اللوق التي انشئت في العام1888, ومدرسة دي لاسال الظاهر التي انشئت في العام1898, ثم مدرسة سان جابريل في حي سبورتنج بالإسكندرية التي ظهرت الي الوجود مع مطلع القرن الماضي. وتشرف علي مدارس سانت جوزيف في مصر, الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية, وهي هيئة تأسست في خمسينيات القرن الماضي, لتوثيق الصلة بين المدارس, وتجديد أساليبها التربوية, وتوحيد سياستها بما يتفق والاتجاه العام للسياسة التعليمية في مصر, والأمانة عبارة عن هيئة تضم مجلسا يجري انتخابه مرة كل أربع سنوات, ويشكل الأعضاء المنتخبين مجلسا للإدارة يضم17 عضوا, يترأسه الأمين العام المنتخب, ويضم هذا المجلس في عضويته ثلاثة من الشخصيات العامة, لان الهدف الرئيسي وراء انشاء المدارس الكاثوليكية كان ولا يزال, هو التواصل مع المجتمع, وبناء إنسان قادر علي التواصل مع محيطه الانساني والحضاري, دون تفرقة او تعصب او تمييز. وحتي قريب للغاية, كان أبرز ما يميز المدارس الكاثوليكية في مصر, هو اهتمامها غير المسبوق بتربية النشيء, إلي جانب ما كانت تتميز به أيضا من جودة التعليم, عبر اختيار أطقم تدريس متميزة وقادرة, ومدربة علي احدث المهارات, ومن أسف أن يكتشف المرء أن هذين الملمحين الرئيسيين لتلك المدارس العريقة, قد تحولتا الي أثر بعد عين, ولن أقول في معظم مدارس سانت جوزيف في مصر, لأن التعميم هنا غير دقيق, وإنما سأخص هنا فرع الإسماعيلية, الذي شهد خلال فترة وجيزة للغاية, سلسلة من الانهيارات, لم تتوقف فحسب عند حد العملية التعليمية, وإنما امتدت لتطال منهج المدرسة ورسالتها في المجتمع, وذلك عبر تذويب الفارق بينها, وبين عشرات من المدارس الخاصة الاخري, التي لا تستهدف سوي الربح, الي درجة تصل حد الابتزاز, وهي قيمة مرزولة يقينا, وتقف علي النقيض من القيم التي كانت مدارس سانت جوزيف تسعي حتي وقت قريب, لغرسها في نفوس طلابها مثل التطوع والمساواة وقبول الآخر. ويحار المرء كثيرا عندما يحاول البحث عن دور لإدارة اسمها التعليم الخاص تتبع وزارة التربية والتعليم, وما هو الدور الرقابي والاشرافي الذي تمارسه تلك الإدارة, علي سانت جوزيف وغيرها من المدارس الخاصة, بعدما انضمت المدرسة العريقة الي الطابور, ولعل صديقنا العزيز الأستاذ جورج اسحق يقول لنا ما الذي يحدث بالضبط, أو فليراجع نفسه فيما قاله ذات يوم, من أن المدارس الكاثوليكية تحقق المعادلة الصعبة, بتقديم أفضل خدمة تعليمية, بربع التكاليف المناظرة في المدارس الأخري.