يعتبر القديس يوسف النجار خطيب السيدة مريم العذراء أحد الشخصيات المنسية في قصة الميلاد، لكن له دور مهم في حياة الأسرة التي تربى فيها الطفل يسوع، ولم يركز الكتاب المقدس كثيرًا على حياة القديس يوسف، أو يذكر تفاصيل كثيرة عنه، نظرًا لتركيزه الأساسي على سر التجسد الإلهي، وعلى تعاليم المسيح والخلاص الذى قدمه للبشرية، فأكثر المعلومات التفصيلية عن حياة "يوسف" ذكرت في كتاب "ميلاد السيدة العذراء" للقديس يعقوب الرسول ابن حلفى، أحد أفراد عائلة السيد المسيح، وكان كأول أسقف على مدينة اورشليم. وتظهر صفات "يوسف" الحسنة في موقفه من حبل السيدة العذراء، حيث كان الموقف في غاية الخطورة، فإذا كان أفصح عن حبلها كانت العذراء ستتعرض لعقوبة الرجم "بحسب الشريعة اليهودية" غير أن حكمته وقرابته من "مريم" كونه ابن عمها، وشاهد على أخلاقها لم يتصرف بفضح أمرها، بل أانتظر حتى عرف الحقيقة، وجاء عنه بالكتاب المقدس: "فيوسف اذ كان بارا، لم يشأ أن يشهرها، وأراد تخليتها سرًا". ولم يتركه الله كثيرًا في حيرته من أمر حبل "مريم"، فأرسل له ملاك يطمئنه أن هذا الحبل إلهي، غير ناتج عن علاقة بشرية، بل إن "مريم" ستبقى عذراء حتى بعد ولادتها "يسوع"؛ ومن تلك اللحظة تغيرت حياته كلها وسار "النجار" خادما لسر عجيب لم يسمع به أحد من قبل ولم من بعد، مصدقاً قول الملاك وحفظ سيرة العذراء. كما ارتبطت حياته بأكملها بقصة الميلاد، فجاء عنه في الكتاب المقدس "أنه لما بلغت السيدة العذراء الثانية عشرة من عمرها كان لزامًا أن تتزوج، حيث لا يسمح للعذارى بالبقاء في الهيكل بعد هذه السن، فاجتمع شيوخ وشبان لكى تخطب العذراء لواحد منهم فيأخذها لبيته، وحدث أن وقفت حمامة على عصا يوسف، فأقر الجميع بأن هذه إشارة إلى أنه هو الذى يخطبها، فأخذها معه الى الناصرة، وهناك بشرها الملاك غبريال بحبلها وميلاد المخلص منها، وكانت في عمر 15 سنة. وتحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد القديس يوسف النجار قبل بدء صوم السيدة العذراء بأسبوع، وشيدت له كنيسة على اسمه في مصر القديمة بالقاهرة. وتكرّم الكنيسة يوسف كقديس عظيم كالرسل أنفسهم، فيما تعيّد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية "الكنيسة الغربية" للقديس يوسف في 19 مارس من كل سنة، بينما تحتفل به الكنائس الأرثوذكسية والكنائس الكاثوليكية الشرقية "كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك" بما يسمّى "تذكار يوسف الصّدّيق خطّيب مريم" في الأحد الذي يلي عيد الميلاد.