' البرزخ' هو: الحاجز بين الشيئين, والمانع من اختلاطهما وامتزاجهما. و لقد جاء ذكر البرزخ في القرآن الكريم في مواضع ثلاثة كلها بالمعني المتقدم, مرج البحرين يلتقيان* بينهما برزخ لا يبغيان' الرحمن20 وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا' الفرقان53 ... ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون' المؤمنون100 والرؤية الإسلامية بالنسبة إلي عالم البرزخ هي أن الموت ليس نهاية الحياة, وإن الحياة لا تنعدم بالموت, بل الإنسان ينتقل بواسطة الموت من نشأة( طور)إلي نشأةأخري( طور),و من حياة في عالم الدنيا إلي حياة في عالم آخر يسمي بعالم البرزخ, الذي يتوسط عالمي الدنيا والآخرة. ويمكن استنباط ومعرفة شيء عن البرزخ لكونه عملية تحول من طور الحياة الدنيا الي طورالحياة الآخرة وهو ما يعني ان البرزخ ليس الا' مرحلة انتقالية' بين طورين هما الحياة الدنيا والآخرة.' يقول المولي عز وجل:' مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا' نوح14 معرفتنا عن هذه الأطوار من القرآن الكريم توضح بجلاء هذا المفهوم: ' التغير في الشكل والخواص وذلك بالتحول من منظومة الي منظومة اخري او من طور الي طور آخر.مثال ذلك التحول من طور الشبيبة الي طور الرجولة وبينهما مرحلة تحول هي المراهقة. لايمكن ان يتحول ولد الي رجل دون المرور بمرحلة المراهقة. وعليه وطبقا لهذا التفسير فأن البرزخ يشبه فترة المراهقة بين الحياة الدنيا والآخرة وانه مرحلة نمو وتجهيز للآخرة وانه خير من الدنيا.الموت يجب الا يفزعنا لاننا سننتقل من دار الي دار أكثر خيرا واعظم صحبة وبالطبع أجمل واقعا. .1 إن الحياة البرزخية حياة تتوسط حياة الإنسان في عالم الدنيا وحياته في عالم الآخرة, وتبدأ الحياة البرزخية من حين قبض روح الإنسان عن بدنه وإيداعه . يصف الله سبحانه وتعالي الحياة البرزخية للكافرين والمجرمين لا سيما آل فرعون بقوله:{ النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}], فالآية تحكي عن أن آل فرعون يعرضون علي النار صباحا ومساء قبل يوم القيامة, وأما بعدها فيقحمون في النار, لقول الله تعالي' ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب'. . إن حالة النعيم التي يعيشها المؤمنون في الحياة البرزخية رغم أهميتها وكونها من قبيل نعم الجنة, لكنها لا تصل إلي مستوي تلك النعم, كذلك عذاب العصاة والكافرين من أهل البرزخ رغم كونه عذابا أليما إلا أنه بالقياس إلي ما سيلاقونه من عذاب الآخرة في نار جهنم لا يعد شيئا. . إن حالة البرزخ تتناسب مع عمل الإنسان, فان كان صالحا كانت حالته في البرزخ جيدة, وإن كان فاسدا كانت حياته البرزخية شديدة, وإلي القول:'... إن للقبر كلاما في كل يوم, يقول أنا بيت الغربة, أنا بيت الوحشة, أنا بيت الدود, أنا القبر, أنا روضة من رياض الجنة, أو حفرة من حفر النار'].