طفت قضية عذاب القبر علي الساحة الاعلامية بشكل كبير خلال الأيام الماضية. سواء من خلال ماذكره الكاتب الصحفي إبراهيم عيسي. أو إمام التحرير الشيخ محمد عبد الله نصر. وبغض النظر عن الحديث عن التوقيت الغريب لظهور هذه القضية في وقت يذبح فيه المسلمين في غزة والعراق وسوريا وليبيا. سنقوم بمناقشة القضية مناقشة هادئة. بعيدا عن الحرب الاعلامية الدائرة حاليا حول هذه القضية. بسؤال مباشر.. هل هناك فعلا عذاب في القبر ام لا؟ پنبدأ من دار الافتاء التي سارعت بمجرد إثارة القضية إلي نشر فتوي للدكتور علي جمعة قال فيها¢ من المقرر عقيدةً أن عذاب القبر ونعيمه حق. فقد أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "عَذَابُ الْقَبْرِ حَقّى". وهذا ثابت في الإسلام بأدلة متكاثرة. منها قول الله عز وجل عن آل فرعون: -وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ-"غافر: 45. 46" أي أن العذاب السيئ يحيق بآل فرعون. وهو أنهم يعرضون علي النار في قبورهم صباحًا ومساءً قبل قيام الساعة. وهي القيامة. فإذا قامت القيامة قيل لملائكة العذاب: -أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ-"غافر: 46" وهو عذاب النار الأليم. وقال الله عز وجل عن الفاسقين الكافرين: -وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَي دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ-"السجدة: 21"پفقد ذكر المفسرون أن العذاب الأدني -أي الأقرب أو الأقل- هو عذاب القبر. وأن العذاب الأكبر هو عذاب يوم القيامة. قال الله تعالي: -وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا - "طه: 124" قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود: ضنكًا: عذاب القبر..پوقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةى مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةى مِنْ حُفَرِ النَّارِ" رواه الترمذي. فقوله صلي الله عليه وسلم: "أَوْ حُفْرَةى مِنْ حُفَرِ النَّارِ" دليل علي أن عذاب القبر ثابت. وروي زِرُّ بن حُبَيش عن علي رضي الله عنه قال: كنا نشك في عذاب القبر حتي نزلت هذه السورة: -أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّي زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ- "التكاثر: 1: 3" يعني في القبور. وعلي ما سبق: فإن عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع. ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينكر عذاب القبر ونعيمه¢. مفتي الجمهورية الأسبق الشيخ حسانين مخلوف. قال في فتوي سابقة له: استقر رأي الأمة علي ما جاء في الأحاديث الصحيحة عن عذاب القبر ونعيمه. ولا عبرة لمن ينكرها. وللشعراوي رأي في المقابل نجد مقطع فيديو متداول لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراي يقول فيهپأنه لا يوجد عذاب في القبر. لأنه لا عذاب إلا بعد حساب. والحسابپفي الآخرة. إنما في القبر فيعرض عليه عذابه في الآخرة ان كان عاصيا . وإن كان مؤمنًا يعرض عليه الثواب. ويتابع الشعراوي عذاب القبر عرض لمنازل الآخرة. ولذلك اقرأ قول الله سبحانه وتعالي في "قوم فرعون": "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ.. غافر "46". ويستكمل: ¢الزمن بالنسبة للإنسان يبقي إيه؟ حياته مماته. وبعثه. آل فرعون ما عرضوش في الحياة علي النار. خلاص. إذن لم يبق سوي زمنين اثنين. زمان الموت اللي هو البرزخ. وزمان الآخرة. أما زمان البرزخ فقال: "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا". وعن زمان الآخرة قال: "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ". يبقي هنا عرض وهنا إدخال. وهذا الفرق بين الاثنين¢. حسان يثبت في المقابل أيضا نجد الشيخ محمد حسان. في درس له بعنوان ¢عذاب القبر¢ يعرض أدلة عذاب القبر من القرآن والسنة. قائلًا: ¢ترجم الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز باباً بعنوان: "باب ما جاء في عذاب القبر". وتكفي هذه الترجمة. فقهُ البخاري في تراجمه كما قال علماء الحديث والجرح¢.پوساق البخاري في هذا الباب الآيات الكريمة عن الله جل وعلا. وروي فيه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم. واكتفي بآية واحدة استدل بها جميع أهل السنة بلا خلاف علي ثبوت عذاب القبر: تدبر معي قول الله في سورة غافر في حق آل فرعون: وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ "غافر:45-46".پوقال جميع أهل السنة: ذكر الله في هذه الآية عذاب دار البرزخ وعذاب دار القرار ذكراً صريحاً. "وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا" أي: صباحاً ومساءً. هذا في دار البرزخ. وفي دار القرار يوم القيامة "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ". فذكر الله عذابين في الآية: عذاباً في الدنيا وعذاباً في الآخرة. عذاب دار البرزخ وعذاب دار القرار. وأود أن أنبه الجميع إلي أن الله قد أنزل علي النبي وحيين. وأوجب الله علي عباده الإيمان بهذين الوحيين. ألا وهما القرآنُ والسنة. القرآن والسنة الصحيحة. انطلق هؤلاء المنكرون وقالوا: كفانا القرآن. وظنوا أنهم بهذه الدعوي - التي يغني بطلانها عن إبطالها. ويغني فسادها عن إفسادها- قد خدعونا. وسنسلم لهم بأنه يكفي القرآن كلا.. كلا.. من كذب السنة الصحيحة فقد كفر بالقرآن. ومن رد السنة فقد رد القرآن". وتابع هناك دعاء النبي "صلي الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر". وفي الحديث الذي رواه مسلم وأحمد وابن حبان والبزار وغيرهما من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه: "أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يركب علي بغلة له. ودخل حائطاً -أي: حديقة أو بستاناً لبني النجار. وهم أخوال النبي- ومر النبي في الحائط علي ستة أقبر أو خمسة أو أربعة. فلما مر ببغلته عند القبور حادت البغلة بالنبي صلي الله عليه وسلم حتي كادت أن تلقي النبي علي الأرض. فسأل النبي صلي الله عليه وسلم: من يعرف أصحاب هذه القبور؟. فقال رجل أنا يا رسول الله. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: متي ماتوا؟ قال الرجل: ماتوا في الشرك. فقال المصطفي: إنهم ليعذبون في قبورهم. ولولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع". وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "دَخَلَتْ علي امرأة يهودية من يهود المدينة. فذكرت عذاب القبر فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر. فلما خرجت اليهودية سألت عائشة النبي صلي الله عليه وسلم عن عذاب القبر. فقال: نَعَمْ عذاب القبر"". أما الدكتور أحمد صبحي منصور. والذي تعرض من قبل لهجوم حاد بسبب ارائه الشاذة فقال في كتابه ¢عذاب القبر والثعبان الأقرع¢ أنه في الوقت الذي يتقدم فيه العالم بمزيد من العلوم تقترب إلي الخيال. يحصر المسلمون اهتماماتهم حول قضايا ترجع إلي ¢خرافات¢ تنتمي إلي ما قبل الميلاد من نوع عذاب القبر والثعبان الأقرع وأنها من اختراع المصريون القدماء منسوبة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم - بحسب ما يصف - وأن من ينكرها يكون بالضرورة كافرًا. ويقول أحمد صبحي في دراسته. أعيدت إلي المناقشات الفكرية قبيل القرن الحادي والعشرين قضايا كانت تعتبر في العصور الوسطي في قاع التراث مثل اللحية والجلباب والثعبان الأقرع وعذاب القبر وسائر الغيبيات الخرافية التي يرفضها القرآن الكريم - بحسب ما يقول الباحث. ولكن الدكتور إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية - قال في بيان رسمي صادر عن دار الافتاء رداً علي تصريحات الشيخ محمد عبد الله نصر - خطيب التحرير - الأخيرة والتي شن فيها هجومًا حادًا علي كتاب صحيح البخاري وتوثيقه للأحاديث النبوية المسجلة فيه عن الرسول. وقوله ¢صحيح البخاري مسخرة للإسلام والمسلمين¢. وأن عذاب القبر ليس من الثوابت إن تطاول السفهاء علي الصحابة. والاستهزاء بكتب الحديث تطرف شديد يغذي التطرف الديني الموجود علي الساحة حالياً ويشوه صورة الدين الإسلامي أمام العالم. وأشار مستشار المفتي أن دار الإفتاء تعكف الآن علي صياغة ردود علمية موثقة ستظهر تباعاً خلال أيام قليلة لكل المسائل والقضايا والشبهات المثارة علي الساحة الآن قياماً بواجب الوقت في توضيح صحيح الدين ودفعاً للاتهامات التي يحرص السفهاء علي إلصاقها بالإسلام. ووأداً لأي محاولة لنشر الفتن أو الطعن علي الثوابت. وشدد مستشار مفتي الجمهورية علي أن هذه الدعاوي والأقاويل تشغل المسلمين عن القضايا العظمي التي يواجهها المسلمون في عصرنا الحالي. وتثير الخلاف والنزاع بين الناس في أمور ثبتت من عقود وتناقلتها الأمة جيلاً بعد جيل بالقبول وقتلها العلماء بحثًا وصدر فيها مؤلفات كثيرة. عذاب القبر ثابت ويقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الاسبق إن عذاب القبر موجود وأمر واقع ورسول الله صلي الله عليه وسلم أخبرنا أن للموتي حياة في القبور فمنهم من يعيش في قبره وكأنه يعيش في روضة من رياض الجنة ومنهم من يعيش فيه كأنه في حفرة من حفر النار وهو ما يسمي في العقيدةپالاسلامية بعذاب القبر ونعيمه فالموتي يعذبون في قبورهم أو ينعمون فالقبر أول منازل الآخرة كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم فيقول تعالي: النار يعرضون عليها غدوا وعشية ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ¢هذه الآية تدل علي عذاب القبر الذي يكون قبل يوم القيامة لكن صورة العذاب لايعلمها أحد الا الله وكون العذاب بالجسد أو الروح أمراً مختلفاً فيه بين العلماء. يقول الدكتور مختار عبدالرحيم. أستاذ التفسير وعلوم القرآن. عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط. إنكار عذاب القبر هو خروج من دائرة الايمان إلي دائرة الفسق. بعد أن استقرت آراء كبار العلماء حول وجوده. واضاف أخبرنا عنه النبي صلي الله عليه وسلم في حديثه حينما مر علي قبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير. أحدهما كان لا يستبرئ من بوله. والآخر كان يمشي بالنميمة بين الناس. وعليه لايجب الالتفاف حول هذا الكلام الذي يروج في توقيت غريب وفي وقت تحارب فيه الامة الاسلامية علي اكثر من جبهة.