أنفاس تتردد ببطء وصعوبة, وقلب مثقل بالهم مليء بالرجاء والأمل في رحمة الله, وعينان تدوران بحثا عن لفتة إنسانية, يرقد جسد الحاجة سعاد مسجي في غرفة العناية المركزة بمستشفي خاص بمنطقة العجوزة, تنتظر أن يسمح لها برؤية أسرتها للحظات كل يوم, لا تستطيع أن تشكي لهم حالها ولا أن تسألهم عن أحوالهم فهي لا تستطيع الكلام, يكفيها أن تجدهم بجوارها يغمرونها بالحب والحنان, فتستمد من وجودهم قوة تواجه بها قدرها, لعلها تهزم المرض الذي أصابها علي غير موعد. قبل خمسة أشهر كانت سعاد في تمام صحتها وعافيتها, امرأة خمسينية تعيش حياة ملؤها السعادة والرضا والاستقرار مع زوجها رفيق عمرها, وترعي ابنها الشاب وابنتها العروس, وتحلم برؤية أحفادها وتربيتهم كما ربت ابنيها, كانت في مطبخها عندما انزلقت قدمها وشعرت بآلام خفيفة في الركبة اليسري. لم تلق بالا لما حدث ولم تهتم كثيرا وأكملت إعداد الطعام, وعندما عاد الزوج وجدها تتألم, ورغم أنها طمأنته وأخبرته بأن الألم محتمل وسيزول إلا أنه أصر أن تذهب إلي الطبيب:' أهو نطمن.. ويديكي مسكن للألم'. في المستشفي الخاص فحص الطبيب الركبة وطلب أشعة مقطعية, بينت الأشعة أن سعاد مصابة بقطع في الغضروف, فطلب الطبيب إجراء جراحة تهذيب لغضاريف الركبة بالمنظار,' صعبة العملية يا دكتور'؟ تسأل سعاد ويسأل الأهل,' صعبة إيه بس.. دي حاجة بسيطة.. نص ساعة وتبقي زي الفل' هكذا طمأنهم الطبيب, فدخلت سعاد إلي المستشفي في28 يناير2016, وأجرت الفحوص والتحاليل اللازمة وتأكد الطبيب من سلامة القلب والكبد وباقي أجهزتها الحيوية,' جاهزة للعملية يا ست سعاد'؟ ردت:' اللي تشوفه يا دكتور'!' توكلنا علي الله' رددت:' ونعم بالله'. العملية التي من المفترض أن تتم في نصف ساعة استغرقت8 ساعات كاملة, خرجت بعدها الحاجة سعاد إلي غرفة العناية المركزة بناء علي توصية طبيب التخدير كما هو مثبت في التقرير الطبي الصادر عن المستشفي بتاريخ2016/1/31, وفيه أن' المريضة في حالة فقدان وعي وضعف بالأطراف السفلية والعلوية بالجانب الأيمن من الجسم.. واشتباه جلطة بالمخ بالجانب الأيسر...'. ظلت الحاجة سعاد لمدة5 أيام في غيبوبة تامة, ثم أفاقت وقد فقدت القدرة علي الكلام وأصيبت بشلل في جانبها الأيمن نتيجة جلطات بالرقبة والقدم اليمني. والتهاب رئوي تمت معالجته, وعندما تأكد الزوج المكلوم من إهمال الفريق الطبي ووقوعهم في أخطاء أثناء العملية توجه إلي قسم الشرطة وحرر محضرا ضد الطبيب المعالج وطبيب التخدير ومدير المستشفي برقم1148 لسنة2016 إداري قسم العجوزة, وبعد تحرير المحضر تغيرت معاملة أطباء المستشفي للمريضة, وحاولوا إخراجها وتسليمها لأهلها لتستكمل العلاج في البيت, وهو ما رفضه الزوج لضرورة وجود الحالة تحت العناية الفائقة. خمسة أشهر وحالة الحاجة سعاد تتدهور, فقد أصيبت قدمها اليمني بالغرغرينا, وقد يتم بترها إذا اقتضت الضرورة الطبية, كما توالت عليها الجلطات ففقدت القدرة علي البلع, وهو ما أدي إلي إصابتها بالأنيميا الحادة والجفاف الشديد ونقص بالأملاح الضرورية للجسم, وأصبحت تتغذي عن طريق الأنابيب والمحاليل, ولم يعد في جسدها شيء يتحرك سوي عينين تنظران إلي المجهول. يناشد جمال محمد محمد زوج المريضة سعاد حسن فرغلي. الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة أن يوجه بتكليف' كونسلتو' من الأطباء من غير المستشفي لمناظرة حالة زوجته وكتابة تقرير طبي محايد, بعد تعنت إدارة المستشفي ضده واختصامه لها قانونيا في محضر للشرطة, وبناء علي التقرير المحايد يأمر بمعالجتها بالخارج علي نفقة الدولة, أو بعلاجها في أحد مستشفيات القوات المسلحة بعد موافقة الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع. علي حافظ