رغم المعاناة التي يعيشها أبناء سيناء شمالا وجنوبا, فرضها موقعهم الإستراتيجي علي حدود البلاد... حماة لها يتصدون لكل من تسول له نفسه الاقتراب فيتحولون هم إلي درع واقية لنا جميعا, ورغم الظروف المعيشية السيئة التي كادت أن تعزلهم مؤخرا عن باقي الوطن تظل هناك شعاعات من نور تعطي أملا في أن الغد أفضل, وأن الحياة لابد أن تنتصر علي الإرهاب رأيت هذا الأمل في العيون, رأيته في بعض الشوارع التي تزدحم بأهل العريش مثل سوق العريش وميدان الحرية وكورنيش شارع البحر, رأيته في الجامعة الممتلئة بطلابها... ورأيته في قلب صحراء وسط سيناء. الطلاب ينقسمون بين مؤيد ومعارض لقرار تحويل جامعة قناة السويس إلي جامعة العريش قبل أيام قليلة وبالتحديد في الثاني عشر من إبريل االماضي صدر قرار بإنشاء جامعة العريش الحكومية والذي يتم بمقتضاه تحويل فرع قناة السويسبالعريش إلي جامعة مستقلة... هل يؤيد طلبة الجامعة هذا القرار أم يرفضونه ؟ وما هي الأسباب في الحالتين ؟ وما هي المشكلات التي يعاني منها طلبة الجامعة ؟ انتظام الدراسة في أي مكان هو خير دليل علي درجة الاستقرار به, ولأنني مثل الكثيرين ذهبت إلي العريش وأنا أعتقد أنني لن أجد بها حياة طبيعية نتيجة للظروف الأمنية التي تمر بها, فقد قررت أن أزور جامعتها لأرصد بنفسي كيف يواجه شبابها هذه الظروف, خاصة أن المدينة الهادئة ذات الكثافة السكانية المنخفضة تبدو شوارعها خالية في معظم الأوقات فلا يستطيع الغريب عنها مثلي تحديد ما إذا كان الأمر طبيعيا أم لا. لم أحتج إلي وقت طويل لأدرك أن شباب العريش قد قرروا مواجهة الإرهاب بالحياة, فالشارع الطويل الذي يؤدي في آخره إلي بوابة جامعة العريش في حي الضاحية, مكتظ بالطلبة والطالبات المتجهين إلي كلياتهم... وما أن عبرت البوابة إلي داخل الجامعة حتي فوجئت بأعداد كبيرة من الطلبة يملأون الساحة ويطلون من شرفات المباني, صعدت إلي مبني كلية التربية وتجولت بين قاعاته ومعامله, كانت الأبواب مفتوحة وحول كل أستاذ أو معيد تلتف حلقات من الطلبة يتلقون دروسهم الجامعة حتي الآن تضم كليات التربية, الزراعة والعلوم البيئية, التربية الرياضية, العلوم والآداب... وقد تقرر إنشاء كليتين متخصصتين نوعيتين لاستغلال وتنمية الثروات والموارد الطبيعية في سيناء هما كلية الاستزراع البحري والمصايد السمكية, وكلية الثروات الطبيعية والتقنية الحيوية, إضافة إلي كلية الاقتصاد المنزلي والتجارة والطب, وقد بدأ بالفعل إضافة مبان جديدة داخل الحرم الجامعي لاستيعاب الكليات الجديدة. قررت أن أجري استفتاء سريعابين الطلبة للوقوف علي مدي رضاهم عن قرارتحويل جامعتهم التي كانت تعتبرحتي أسبوعين مضيا فرعا لجامعة قناة السويس,أما في هذه اللحظة فقد صارت جامعة العريش الحكومية. براءة الشريف الطالبة بالسنة الثالثة بكلية التربية قسم اللغة الإنجليزية بدأت الحديث بقولها أرفض هذا القرار وأري أن سلبياته أكثر من إيجابياته, فالمجتمع المصري يضطهدنا كسيناويين والدليل أن في أي تجمع للسيارات أجدهم يوقفون السيارات التي تحمل أرقام سيناء علي جانب, فعندما نحمل شهادة من جامعة العريش سيتم عزلنا ومعاملتنا معاملة سيارات سيناء! تتفق معها تماما زميلتها أسماء فتحي وتضيف عندما علمت بهذا القرار شعرت بالسعادة في بادئ الأمر, فقد فكرت أنه سيكون من الجيد أن تصبح لنا جامعة تحمل اسم مدينتنا وسيساهم ذلك في تنمية سيناء, لكنني سرعان ما أدركت أنه قرار شكلي علي الورق فقط, بدليل أن طاقم الأساتذة سيظل هو نفسه الذي يستقدمونه من محافظات أخري كأنهم لا يثقون في كفاءة الأساتذة السيناويين, فكيف يقيمون جامعة لمدينة لا يثقون في كفاءاتها ؟ أما محمد نجاح الذي يدرس الرياضيات فيقول بصراحة اسم جامعة قناة السويس أقوي كثيرا من اسم جامعة العريش, وعندما أتخرج في جامعة العريش التي ستحتاج إلي سنوات طويلة لتبني اسما ومكانة بين الجامعات فلن أستطيع العمل بشهادتها بسهولة, ربما يكون القرار مفيدا للدفعات القادمة لذلك كان يجب عليهم تطبيقه بدءا من الدفعات التي ستلتحق بالجامعة في العام المقبل وليس علي الدفعات التي التحقت بالفعل. يختلف معه زميله محمود أشرف ويعلل ذلك بقوله من يرفضون القرار يفكرون في مصلحتهم الشخصية فقط... لأن مصلحة العريشوسيناء بأكملها هي إنشاء جامعة خاصة بها تحمل اسمها, فذلك سيفيد عملية التنمية العمرانية التي أساسها هو التعليم, ويجب علي أبناء سيناء أن يعملوا علي تنميتها بأنفسهم لذلك فأنا أؤيد القرار للمصلحة العامة حتي لو كان ذلك علي حساب مصلحتي الشخصية زميلهما محمد حسن ينظر للأمور من زاوية مختلفة ويقول أنا التحقت بجامعة قناة السويس وهي جامعة معروفة عالميا وحققت ترتيبا لا أعلم إن كانت ستحققه جامعة العريش أم لا, فضلا عن أن كليات قناة السويس قد حصلت علي علامة الجودة التي لا أعلم أيضا متي ستحصل عليها جامعة العريش, مخاوفي كثيرة خاصة أن عدد طلاب الجامعة قليل جدا نسبيا مما يصعب معه تحقيق أرقام جيدة في أي مجال, لذلك أعتقد أن القرار قد يكون مفيدا لطلبة العريش أما طلبة باقي المحافظات مثلي فهو قرار ضد مصلحتهم يعود إسلام محمود الذي يدرس العلوم الاجتماعية بكفة الميزان نحو الموافقة علي تحويلها إلي جامعة للعريش لأن ذلك سيحتم تواصلا مع جامعات أخري كبيرة مما سيفتح آفاقا جديدة للتنمية التعليمية والعمرانية بكل سيناء, أما محمد حلمي الطالب بقسم اللغة الفرنسية فمازال مترددا بين القبول والرفض, فبينما يخشي علي الأنشطة الجامعية مثل الجوالة من الاضمحلال أو الضعف إذا استقلت جامعة العريش, يؤكد في نفس الوقت علي إيجابيات القرار الذي سيؤدي في رأيه إلي جذب طلبة من كل المحافظات المحيطة مما سينعش العريش سياحيا ويعيدها إلي مكانتها الأولي وتختتم إيناس عبد الفتاح الطالبة برياض الأطفال استطلاع الرأي بقولها إنها تخشي أن يؤثر استقلال الجامعة علي كفاءتها التي تري أنها تعاني من الأصل من انخفاض المستوي في التجهيزات والأساتذة, لذلك فلا يعنيها اسم الجامعة قدر ما يعنيها إصلاح أحوالها. خارج أسوار الجامعة سألت بعض الأهالي عن رأيهم في هذا القرار الذي يمس أبناءهم الطلبة كما يمس مستقبل شمال سيناء, قال أحمد فوزي الشاب الثلاثيني الذي تخرج منذ سنوات طويلة من كلية الزراعة إنه يري أن القرار ممتاز واتخذ في وقته تماما بعد أن أصبح عدد طلبة سيناء أكبر من عدد الأماكن المتاحة في كلياتها, وإنه بالضرورة تحويل الجامعة إلي جامعة خاصة بالعريش سيؤدي إلي افتتاح كليات جديدة تستوعب جميع الطلبة, وتؤيده حسناء محمود التي مازال أبناؤها يدرسون بالمرحلة الإعدادية والثانوية لكنها سعيدة جدا بالقرار الذي سيضمن لأبنائها الالتحاق بالكليات التي يرغبونها دون مشقة السفر والاغتراب, ومثلهم تماما عم محمود سويلم الذي يؤيد القرار رغم أن أبناءه تخرجوا كلهم لأنه يري فيه مستقبلا أفضل للعريش يعيدها إلي خريطة السياحة الداخلية وينعش أحوالها الاقتصادية, ويضرب مثلا بالجامعة الخاصة التي أقيمت في حي المساعيد فأنعشت سوق العقارات والمحال التجارية به. رئيس منطقة تعمير شمال سيناء:80 بيتا و12 مزرعة نموذجية للبدو في اليوم التالي تلقيت دعوة كريمة من المهندس مصطفي عايش رئيس منطقة تعمير شمال سيناء لتفقد مزرعة الجفجافة وهي واحدة من12 مزرعة نموذجية تتراوح مساحاتها من20 إلي40 فدانا تتم زراعتها تمهيدا لتسليمها للبدو في وسط سيناء وتحديدا8 مزارع في مدينة نخل و4 مزارع في الحسنة, بالإضافة إلي تفقد30 بيتا بدويا في قرية الريد ومشغل لسيدات وفتيات نخل. تحركت السيارات في السابعة صباح يوم أعلنت الأرصاد الجوية أنه شديد الحرارة, واخترقت شوارع العريش الهادئة وانطلقت صوب عمق الصحراء وما أن توسطت الشمس كبد السماء حتي أثبتت صحة ما أعلنته الأرصاد, فقد اختفت نسمات شمال سيناء المعروفة ببرودتها وحل محلها هواء شديد السخونة يحمل رمال الصحراء إلي داخل السيارة التي وصلت بعد مشقة إلي منطقة الجفجافة التابعة للحسنة وتوقفت داخل المزرعة. بمجرد ترجلنا من السيارة أشفقت علي كل من يعمل ويقيم في هذا المكان القاسي لكن خففت من قسوته روعة النباتات التي بدأت تزهر وتثمر من حولنا معلنة عن ميلاد جديد لواحة خضراء في قلب الصحراء, كان سامي محمد نجيب أول من استقبلنا في المزرعة, الرجل الأربعيني الأسمر الذي جاء من بني سويف ليؤسس المزرعة بخبراته التي حصلها نتيجة عمله في الزراعة والبستنة منذ كان في التاسعة من عمره, قال سامي إن المزرعة تضم20 صوبة زراعية تنتج الطماطم والفلفل والخيار والكوسة, غير الزراعات المكشوفة مثل أشجار التين والرمان والنخيل المثمرة, بالإضافة إلي3 أحواض كبيرة لزراعة الأسماك, ومزرعة لتربية الأغنام, وأضاف أن مهمتهم هي تسليم المزرعة بالكامل بعد أن تقف علي رجلها إلي البدو المقيمين في المكان. التقط إبراهيم حماد طرف الحوار, فهو البدوي الذي تم اختياره ليكون واحدا من مجلس إدارة المزرعة الذي تم تشكيله لتسلمها فقال الأرض دي كانت بتاعتنا من زمان وكنا بنزرعها علي خفيف من مياه السيول, وجاءت الدولة وقالت لنا سنستصلحها ونردها إليكم, في البداية تشككنا لكن وجدناهم يعملون بجدية ويستعينون بنا في كل المهام من زراعة وتأسيس وخدمات فشعرنا بالاطمئنان, وهم يوزعون علينا معظم ريع المزرعة وشكلوا منا مجلس إدارة لاستلامها عندما تثمر بالكامل أحمد جودة كامل شاب في الثانية والثلاثين, ورغم أنه خريج الحاسبات والمعلومات إلا أنه أحب الصحراء, جاء إلي الحسنة منذ عام ونصف العام بعد أن قرأ إعلانا من شركة مشروعات زراعية للعمل في سيناء, يقول إنه لم يخش الوضع الأمني المضطرب لأنه يؤمن أن الحياة والموت بيد الله وحده ويؤكد أنه لم يتعرض لأي موقف مخيف فقد اكتشف أن المكان آمن جدا والبدو طيبون رغم أنهم كانوا غير مصدقين في البداية... أحمد متفائل جدا بمستقبل المزرعة خاصة بعد أن بدأت في طرح إنتاجها من الخضار الذي يتميز بدورته السريعة, ويصبو إلي الانتهاء من عمله في هذه المزرعة لينتقل إلي واحدة جديدة يبدأ في تعميرها. انطلقت السيارات مرة أخري في اتجاه مدينة نخل ومرت في الطريق علي قرية الريد لنتفقد30 بيتا تم تجهيزها بما يلائم طبيعة البدو, مساحة كل بيت80 مترا يحتوي علي غرفتين نوم وغرفة استقبال وباحة خلفية لتربية الدواجن ومساحات خارجية واسعة, المنطقة تم تجهيزها بالكامل من إنارة وخزانات مياه وترانشات للصرف الصحي ولم يعد ينقصها سوي استقبال سكانها من بدو المكان الذين كانوا يتفقدون البيوت معنا في لهفة وسعادة بيت عيلة سيناء عدت إلي العريش التي امتدت فترة إقامتي بها ستة أيام كاملة لاحظت خلالها انتشار العمل التطوعي بشكل لافت جدا, أينما ذهبت كنت أصادف شبابا وفتيات متطوعين خاصة في المستشفي, سألت إسلام عروج وأحد من أنشط الشباب العاملين في المجال الخدمي والتطوعي عن هذه الظاهرة فقال: مجتمع شمال سيناء يمر بظروف غاية في الصعوبة تتطلب تضافر الجهود التنفيذية الشعبية وتعاونا أكبر بين مؤسسات الدولة المختلفة وبين مؤسسات المجتمع المدني, في هذه الظروف الأخيرة اشتدت الحاجة إلي وجود جهات ومؤسسات أهلية لعلاج الخلل وسد الفجوات التنموية, ورغم أن عدد الجمعيات الأهلية يصل إلي500 جمعية إلا أن عدد الجمعيات الفاعلة لا يتعدي10% من إجماليها! مما دفع الشباب السيناوي للنزول إلي أرض الشارع للعمل بيديه في كل مكان, وهو ما شجعني للقيام بمبادرات لتجميع هؤلاء الشباب وتوحيد جهودهم لمساعدة متضرري السيول والنازحين من رفح وزويد ومساعدة المرضي, في العريش يكفي أن أعلن عن المبادرة علي صفحات الفيسبوك حتي يتجمع مئات الشباب للمساعدة ويكشف إسلام عن وجود بعض الجمعيات الكبيرة صاحبة الشهرة التي تدعي أنها تسهم في الارتقاء بالمجتمع السيناوي رغم أن دورها يقتصر علي استضافة مجموعة من الجمعيات الصغيرة في فنادق القاهرة الكبري من أجل الشو الإعلامي بينما يمكن استثمار تكلفة هذه الاستضافة في مشروعات صغيرة تخدم المجتمع بصورة حقيقية, ويدعو تلك المؤسسات الأهلية للمساندة في بعض المشروعات الكبري التي تقوم علي الجهد التطوعي والتبرعات وعلي رأسها بناء مستشفي للأورام في سيناء تماثل مستشفي57357 مما يمثل دفعة جديدة وقوية للعمل الأهلي ويعطي أملا في مستقبل أفضل. أما بيت العيلة فهو نموذج آخر للعمل التطوعي في سيناء, ويحكي تجربتها أشرف الحجاوي قائلا: بعد إعلان نتائج انتخابات البرلمان عن دائرة العريش, أسفرت جولة الإعادة عن تنافس4 مرشحين علي مقعدين, اثنان منهم من أهالي العريش واثنان من المغتربين فحدثت حالة من القبلية والعنصرية نتجت عنها مشادات كبيرة كادت أن تحدث فتنة مما دعا مجموعة من المخلصين والمهتمين بالشأن العام إلي تأسيس ما أطلقنا عليه بيت العيلة واتخد من حزب الوفد مقرا له, وبعد انتهاء الأزمة علي خير استمر البيت في الانعقاد مرة أسبوعيا كل يوم خميس لحل مشكلات أبناء سيناء سواء الخاصة التي تخص أفرادا أو عامة تخص المحافظة. يضيف أشرف:بيت العيلة ليس جهة تنفيذية بل هو ظهير شعبي للمواطنين يساعدهم علي طرق أبواب المسؤلين والضغط عليهم لحل مشكلاتهم, فقد ساهم بيت العيلة في تقليل مدة الحظر بدلا من بدئها من7 م لتصبح في21 م, كما ساهم في السيطرة علي أزمة حرق سيارات شركة النظافة, أما أزمة انقطاع المياه العذبة عن العريش فتمت مشاركة مجلس المدينة في توزيع عربات المياه علي الأحياء ويختتم أشرف الحجاوي كلامه بمطالبة الجهات المسؤلة بتخفيف العبء عن المواطنين في الأكمنة وخاصة كمين الميدان وذلك بزيادة عدد المجندين مراعاة للمرضي وذوي الحاجة, مؤكدا أن كل أهالي سيناء يقفون مع الجيش صفا واحدا تقديرا لجهوده في مواجهة الإرهاب لكن مع هذا لابد من الإعلان عن أسماء المعتقلين في الجهات الأمنية لطمأنة ذويهم ولتقليل الفجوة بين المواطن والأمن. المشغل وصلنا إلي مدينة نخل حيث تم من أيام قليلة افتتاح تجريبي لأول مشغل لسيدات وفتيات المدينة, كان المشغل مليئا بالسيدات والأطفال والسعادة بادية علي وجوه الجميع, فالمشغل لا يقدم التعليم والتدريب المجاني علي الخياطة والتطريز فقط, لكنه يقدم خدمات أخري مثل محو الأمية حتي تتوفر للملتحقات به فرص عمل جديدة. قالت عزيزة حسين التي تعمل مدربة بالمركز: أنا أساسا من الشرقية وأقيم هنا منذ16 سنة, أعمل موظفة في التربية والتعليم لكنني أهوي الخياطة التي أمارسها منذ25 سنة لذلك تم اختياري لتدريب السيدات والفتيات هنا, لا أستطيع وصف حماس النساء في نخل وفرحتهن بهذا المشغل, فمنهن من تريد تعلم حرفة جديدة لتدر عليها دخلا, ومنهن من تحب الخياطة والتطريز وتريد تنمية موهبتها, ومنهن من تريد فقط تعلم شيء مفيد بدلا من تضييع وقتها في جلسات الجارات, وهن في جميع أحوالهن سريعات التعلم بمجرد تعليمهن خطوة أجدهن عدن في اليوم التالي وقد نفذنها في بيوتهن عظيمة محمود قالت إن زوجها توفي من عامين وترك لها3 أبناء فجاءت إلي المشغل لتمحو أميتها وتتعلم حرفة في نفس الوقت وتحلم بأن تمتلك مكنة خياطة! مثلها تماما زينب سعد التي جاءت لتعلم حرفة لتساعد زوجها الذي يعمل موظفا منذ18 عاما ولم يتم تثبيته حتي الآن, أما هدي عبد السميع فقد جاءت فقط لأنها تحب الخياطة وتريد أن تتقنها طالبت السيدات بتوفير أثواب من القماش للتدرب عليها, وطالبن بمساعدتهن في تسويق إنتاجهن من المشغل خاصة أن نخل ذات كثافة سكانية منخفضة وربما تكون معروضاتهن أكثر من الطلب عليها, أما طلبهن الأخير فهو توفير فرص عمل لهن بعد محو أميتهن... المرأة السيناوية تحب العمل والإنتاج بغض النظر عن احتياجها المادي, هذا ما تأكدت منه بعد حديثي معهن. تركنا المشغل بعد أن ودعنا أطفال وسط سيناء بابتساماتهم التي تحمل الأمل, وقررت انتهاز وقت العودة الذي يمتد لأكثر من ساعتين في إجراء حوار سريع مع المهندس مصطفي عايش الذي كان يبدو راضيا تماما عما تفقدناه من مشاهد تنمية حقيقية علي أرض الواقع فبادرته بسؤال عن رأيه في قرار إنشاء جامعة العريش وعما إذا كان بالفعل سيسهم في التنمية التي يرأس أحد أجهزتها فأجاب: بالطبع سيسهم هذا القرار في رفع مستوي التعليم لأهالي سيناء, بالإضافة إلي أن إنشاء الكليات المتخصصة لاستغلال موارد سيناء الطبيعية سيساهم في رفع المستوي الاقتصادي للمحافظة, وهذا هو أساس التنمية بطبيعة الحال. -يعتقد بعض المواطنين هنا أن مشروعات التنمية التي يعلن عنها في سيناء هي مجرد حبر علي ورق... بماذا تجيب ؟ أجيب بأن مكتبي مفتوح لكل من يتشكك في جدية المشروعات التي يعلن عنها جهاز تنمية شمال سيناء والمنطقة التي أرأسها, ومستعد لتجهيز رحلات مجانية لمن يرغب من المواطنين في تفقد ومعاينة ما نعلن عنه علي الطبيعة. -بصفتك أحد المسئولين عن التنمية, كيف تواجه مشكلة عدم تمليك الأراضي لأهالي سيناء والتي تمثل عائقا أمام التنمية ؟ هذه المشكلة ليست من اختصاصنا وأنشئ جهاز منفصل لحلها هو الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء الغرض منه تقنين وضع اليد علي الأراضي وتحديد سعر للمتر في المدن وآخر للمتر في القري, والمحافظة تنفذ هذه القرارات ونحن حين ننشئ تجمعات سكنية نحصل علي قرارات تخصيص من خلالها بالإضافة إلي الموافقات الأمنية. -مشكلة نقص المياه وانقطاعها كانت شكوي أساسية في معظم أنحاء شمال سيناء... ما الحل ؟ المشكلة أن ترعة الإسماعيلية تغذي3 محافظات هي الإسماعيلية وبورسعيد وشمال سيناء, بالإضافة إلي أن منسوبها ينخفض طوال أشهر الصيف, والحل الوحيد هو الاستفادة من مياه البحر بإقامة محطات تحلية وقد أعلن الفريق أسامة عسكر عن البدء في تنفيذ هذه المحطات وأنا أعلم أن القوات المسلحة قادرة علي تحقيق أكثر من ذلك. -إلي أي مدي تؤثر الظروف الأمنية التي تمر بها شمال سيناء حاليا, علي سير مشروعات التنمية بها ؟ يوجد بعض التأثيرات المباشرة مثل الأكمنة الكثيرة التي تعطل الحركة بين مدن المحافظة, وحلها هو تكثيف تشغيل المعديات وتشغيل كوبري السلام وسرعة تنفيذ تعليمات الرئيس بإنشاء3 أنفاق في الإسماعيلية ومثلها في بورسعيد لربط سيناء بوادي الدلتا, فيما عدا ذلك يوجد تفهم كبير وتعاون من الجهات الأمنية لتذليل أي عقبات تقف أمام طريق التنمية.