حالة من الجدل ظلت مستمرة طوال الفترة الماضية بسبب إلزام البرلمان- طبقا لنصوص دستورية بعرض كل القوانين التي يناقشها ويبت فيها علي قسم التشريع بمجلس الدولة لضبط صياغتها وضمان عدم تعارضها مع نصوص الدستور. برلمانيون وصفوا هذه الخطوة بأنها وصاية علي البرلمان وتقارير إعلامية قالت إنها بمثابة فخ نصب لمجلس النواب للوقوع تحت عصمة مجلس الدولة ورأي ثالث ذهب للقول بأنها حيلة للحد من صلاحيات المحكمة الدستورية العليا التي توسع نفوذها خلال السنوات الاخيرة الماضية. الأهرام المسائي التقي المسئول الأول عن صياغة القوانين في مصر المستشار محمود رسلان نائب رئيس مجلس الدولة الذي يشغل حاليا منصب رئيس قسم التشريع بالمجلس وهو القسم الذي يضطلع بالعديد من المهام الثقيلة خلال الفترة المقبلة.. سألناه عن القوانين التي تم مراجعتها ومصير قوانين محلب ورؤيته للرقابة السابقة واللاحقة علي القوانين وسر الخلاف بينه وبين رئيس مجلس النواب.. ومن هنا كانت البداية: بداية.. كم عدد القوانين التي قمتم بمراجعتها منذ توليتم رئاسة قسم التشريع بمجلس الدولة؟ هناك156 مشروع قانون عرضت علينا منذ تولي المسئولية من أهمها مشروعات قوانين اللائحة الداخلية لمجلس النواب واللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية وتعديل قانون هيئة الشرطة وقانون الرياضة وقانون الطفل وتعديل قانون التأمين الاجتماعي وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون الإخلال بأعمال الإمتحانات الخ... وما هي أبرز مشروعات القوانين التي تراجعونها في الوقت الحالي؟ هناك34 قانونا يتم مراجعتها في الوقت الحالي من بينها تعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون نقابة الإعلاميين وتعديل أحكام الجنسية المصرية وقانون حماية المنافسة والإحتكار وقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز وتعديل ضريبة الدمغة وأحكام نظام السلك البلوماسي والقنصلي. وكم يبلغ عدد القوانين التي قمتم برفضها في قسم التشريع بمجلس الدولة؟ لم نرفض سوي قانون الرياضة الذي أثير حوله جدلا كبيرا وتم إستطلاع رأي الجمعية العمومية للفتوي والتشريع وأيدت توجهنا وتم إرسال هذه الفتوي لرئيس مجلس الوزراء ووزير الرياضة ورئيس مجلس الدولة. فأعادوا صياغة الإعتراضات التي كانت لنا علي الباب السابع وتم عرض القانون المعدل علينا بعد الإلتزام بالملاحظات وإضافتهم أحكاما جديدة خاصة بالشركات الرياضية التي سوف تنشئ وراجعنا ذلك كله وأرسلناه لمجلس الوزراء وأعتقد أنه سيعرض علي مجلس النواب قريبا. وماهي أسباب الرفض؟ ليس بالضرورة أن يكون هناك رفض ولكنها ملاحظات لشبهة عدم الدستورية كما حدث في قانون الإجراءات الجنائية مثلا ولذلك أعدناه لمجلس الوزراء مرة أخري لتعديل الملاحظات التي أكدنا عليها. لكن قوانين التظاهر والخدمة المدنية والاستثمار كانت ضمن القوانين التي أصدرتها الحكومة متجاهلة ملاحظاتكم؟ قانون الخدمة المدنية عرض علي قسم التشريع وقام بمراجعته وأقره عندما كان المستشار مجدي العجاتي رئيسا للقسم وبعد ذلك جاءت اللائحة التنفيذية في عهدي وقمنا بمراجعتها وإقرارها وقانون التظاهر عرض علي القسم أيضا قبل أن أتولي مسئوليته. وهل تجاهلت السلطة التشريعية أيا من ملاحظاتكم علي مشروعات القوانين ومن بينها قانون اللائحة الداخلية لمجلس النواب؟ السلطة التشريعية لم تنظر في قوانين قمنا بمراجعتها حتي الآن سوي قانون اللائحة الداخلية لمجلس النواب وأخذت بمعظم ملاحظاتنا عليه ولا يوجد هناك تجاهل فكل شيء يخضع للدراسة ويكون في النهاية بمثابة اختلاف في وجهات النظر ليس أكثر. لكن هناك من قال إن صراعا خفيا دار بينكم وبين الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب بخصوص ملاحظاتكم الكثيرة علي اللائحة؟ هذا ليس صحيحا بالمرة ولايوجد صراع بيني وبين الدكتور علي عبدالعال وهو رجل مهذب ومحترم أعرفه منذ مدة طويلة ويعلم جيدا أنه في حالة وجود خلاف في وجهات النظر لا يؤدي أبدا إلي وجود صراع والدليل علي ذلك أنني مرات عديدة أختلف مع زملائي من أعضاء قسم التشريع بمجلس الدولة فهل هذا معناه أنني في صراع معهم. لكن هناك من يري أن إخضاع القوانين لمراجعة مجلس الدولة جاء للحد من دور المحكمة الدستورية؟ إطلاقا فإخضاع القوانين لمراجعة قسم التشريع لا يغل أبدا يد المحكمة الدستورية عن إعمال رقابتها إذا ما أثيرت مسألة دستورية قانون من عدمه. هناك بعض من النواب يرون أن مجلس الدولة يفرض وصاية علي البرلمان ويجعل كل القوانين الصادرة في عصمته. فكيف ترد علي ذلك؟ لا وصاية لنا علي البرلمان وهناك فرق بين مراجعة التشريع وبين إعداده وتقريره ونحن لا نصدر مدي ملاءمة التشريع فالبرلمان هو من يضع التشريع ويقول هذا ملائم وهذا غير ملائم وفي قانون الخدمة المدنية مثلا هناك كيفية التعيين أنا هنا لا أراجع ولكن هم من يقولون هل هناك عقود مؤقتة أم لا ولا دخل لنا بتلك المسألة تماما ودوري ينحصر في رؤية ما إذا كان هذا المشروع يتسق مع الدستور من عدمه وأوجه ببعض الملاحظات إنما المادة نفسها الخاصة بالقانون تأتي من البرلمان. والدستور الذي قال إن البرلمان يعد القوانين هو الدستور نفسه الذي قال إن مجلس الدولة يراجع القوانين إذا الدستور هو من يحد سلطة البرلمان وحدود مجلس الدولة وليس أنا. لكن لو نظرنا لتاريخ مجلس الدولة منذ تأسيسه عام1946 سنجد أن هناك صداما قديما بينه وبين السلطة التنفيذية. فهل مازال هذا الصدام موجودا؟ الصدام مع الدولة غير وارد وليس هناك أحد لا يخضع للقانون فالحكومة تصدر قرارات والذي يقول هذه القرارات صحيحة أم خاطئة محكمة القضاء الإداري وهذا ليس صداما فكون أن هناك أحكاما تلغي قرارات هذه مسألة طبيعية ومتعارف عليها في كل دول العالم فهل ينفع أنه لو كان هناك نزاع بينك وبين الحكومة ومفيش قضاء إنك تروح تخبط دماغك في الخيط. لكن مجلس الدولة هو ديوان المظالم وهناك شكاوي من تأخر القضايا فيه لأعوام طويلة قد يتوفي خلالها أحد أطراف القضية المنظورة أو كلاهما. ألا توجد خطة للقضاء علي تلك المشكلة؟ مجلس الدولة متخم بالقضايا لأسباب لا دخل له فيها وأضرب لك مثالا بالموظف الذي خرج علي المعاش وطالب الدولة بالمقابل النقدي لرصيد أجازاته التي لم يستنفدها تقول له الدولة روح ارفع قضية. وتنظر القضية وحكم فيها مرة واثنين وثلاثة وألف فإذا لماذا تصر الحكومة علي إعطاء الناس فلوسها من خلال القضية رغم استقرار القضاء علي أحقية العامل او الموظف في ذلك. إذا الحكومة هي من تفعل ذلك ولدينا الآف مؤلفة من القضايا. وهل زيادة عدد المستشارين يمثل حلا لهذه القضية؟ هذا جانب من الحل لكن الجانب الآخر هو أن يكون هناك إقرار بالحقوق من جانب الحكومة دون اللجوء للمحكمة. أيضا الفترة الماضية شهدت صدور أحكام قضائية لإبطال عقود بين الدولة والمستثمرين فما هو دوركم هنا للحفاظ علي أموال الدولة وضمان عدم بطلان تلك العقود؟ هناك قانون صدر ينظم الطعن علي عقود الدولة والمفروض أن مجلس النواب هو من ينظم تلك المسائل ومن بينها الطعن علي عقود الدولة لأنه لا يجوز إن واحد معدي في الشارع يرفع قضية ويكلف الدولة أموالا طائلة وهذه العقود تعرض علي لجان الفتوي بمجلس الدولة وهذه أيضا دورها استشاري. علي ذكر العقود سبق أن لفت الرئيس السيسي إلي وجود ملاحظات علي بعض العقود. فهل تعتقد أن مجلس الدولة طرفا في هذه الملاحظات؟ هناك ملاحظات موضوعية وأخري قانونية وانا كمجلس دولة لا أستطيع التدخل واقول يبقي كذا أو كذا إنما أقول هذا النص مخالف أو يهدر المال العام أو لا يتوافق مع الدستور. كان هناك حديث سابق عن إنشاء إدارة فتوي للمصالح في منطقة قناة السويس بهدف الإسراع في إنجاز العقود. فإلي أين وصل هذا الموضوع؟ سيتم صدور قرار بخصوصها قريبا إن شاء الله. نعود للقوانين مرة أخري فما الذي تم في قانون الخدمة المدنية تحديدا حتي الآن؟ الخدمة المدنية حاليا في مجلس النواب ودخل لجنة القوي العاملة وعندما ينتهون منه سوف يرسلونه لنا. وهل إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية وموضوع جزيرتي تيران وصنافير عرض عليكم؟ الاتفاقيات الدولية تعرض علي مجلس الدولة لمراجعتها لكن حتي الآن لم يرد إلينا أي شيء بخصوصها. دعنا نتجه للدستور فالبعض يراه غير حاسم في عدد من الأمور ويحتاج إلي تعديل. أنت كيف تراه؟ أنا اري أن هذا الدستور قرر مزايا غير موجودة في أي دستور آخر وقد توسع جدا في المزايا والحقوق وراعي طوائف ومناطق كثيرة جدا لم يتم التعرض لها في الدساتير السابقة ولذلك لا أري وجود ضرورة للتعديل.