لا أعلم الكثير عن الخلفية التاريخية وحقوق الملكية والسيادة لجزيرتي تيران وصنافير والتي أعلن حديثا عن أعادتهما للمملكة العربية السعودية كما لا أدعي أيه خبره لي في هذا المجال. اجل كونت رأيي الخاص بعدما طالعت الكثير من وجهات النظر المؤيدة والمفندة في الصحف والإعلام المرئي وما علمته ان ترسيم الحدود البحرية بين الدول يقتضي خبرات متنوعة سياسية وتفاوضية وقانونية وتاريخية ووثائقية ومساحية وجغرافية, ولا يمكن هنا الاعتداد بجملة قيلت في خطاب وأستلت من السياق أو ورقة هنا وأخري هناك. علمت أيضا ان الرئيس الأسبق مبارك كان يؤجل دوما اية مناقشات في هذا الملف ويعتذر انه ملف ملتهب والظروف لا تسمح بفتحه. لعدم خبرتي كما اسلفت فلن أخوض في أمور أجهلها حول أحقية هذا الطرف او ذاك, وأتمني أن يتم حسم الموضوع من اهل العلم والثقة ثم يتم التصويت بشفافية وبدون ضغوط. لكن السؤال الذي احاول الاجابة عليه هو: لماذا غضب الناس في ربوع البلاد برغم ان معظمهم غير مختص مثلي؟ أزعم ان هناك عدة أسباب لهذا الغضب, اولهما: عنصر المفاجأة وما نجم عنه من الإحساس بالمهانة وربما أجج البعض للغضب في ظل مناخ الاستقطاب السائد. عموما لم يكن من السهل علي المصريين ان يتقبلوا حقيقة ان هذا الأمر كان محل نقاشات لشهور عدة اشتركت فيها كل من أمريكا وإسرائيل ومصر والسعودية ولم يعلموا هم- اصحاب الشأن الأصيل- او برلمانهم المنتخب عنها شيئا. المصريون يرغبون- وهذا حقهم- ان يشعروا انهم مواطنون وليسوا رعايا وأنهم شركاء في تقرير المصير. ثانيهما: طريقة الإعلان حيث تم نقل الخبر ضمن الاعلان عن حزمة من المساعدات من المملكة السعودية لمصر بصورة أعطت الجماهير انطباعا بأن التنازل تم من اجل منافع أقتصادية, ربما كان هذا الانطباع خاطئا, لكن المواءمات والحكمة السياسية كانت تتطلب ان يتم الإعلان عن الأمرين بصورة منفصلة وبفاصل زمني. ثالثهما: احساس عام بغياب البوصلة والتذمر من أمور عدة وهو الأمر الذي جعل التوتر المكتوم علي أشده, ثم جاء هذا الموضوع الأخير ليعطي لهذا التململ متنفسا للانطلاق. لعل من أسوأ ما أنتجته تلك الازمة هو التراشق والتلاسن علي مواقع التواصل الاجتماعي بين البعض من المصريين و السعوديين, وما نخشاه بشدة هو أن تترك تلك المشاحنات ندوبا تؤدي الي افساد العلاقات المصرية السعودية علي المستوي الشعبي. مهما كان الامر فعلينا جميعا ان نتذكر ان الغضب لم يكن من الدولة الشقيقة والتي وقفت بجانب مصر في أزمات عدة, وانما من اسلوب ادارة الملف وغياب السياسة والشفافية. للخروج من هذه الازمة وغيرها من الأزمات التي حاصرتنا في الشهور الماضية, ينبغي ان ننظر الي صلب الموضوع ولا ننشغل بمواضيع هامشية وجانبية. ماذا كنا نريد بعد25 يناير؟ بناء دولة حديثه يحظي فيها كل مواطن بالأمنوالأمان والعدالة والكرامة والعيش والحرية, أليس كذلك؟ نريد ان تنطلق معظم طاقات المجتمع نحو العمل والإنتاج والاستثمار وان نمكن الشباب ونزوده بافضل خبرات عصره ونحارب الفساد الذي يمتص دماء الوطن. هل هناك اختلاف علي هذا ؟ فلتكن هذه هي أهدافنا ولا داعي للحوارات من نوع: أيهما أهم الأمن ام حقوق الانسان؟ وكأنهما لا يجتمعان او التقسيمات من شاكلة: أهل الخير وأهل الشر, او الحديث الضبابي عن حروب الأجيال والمؤامرات الكونية. فلتكن رؤيتنا للمستقبل هي احترام المواطن, التركيز علي التعليم والصحة, محاربة الفقر والجهل والفساد والاستقطاب والتطرف والعنصرية الطائفية. وفق الله الجميع.