الرقابة علي المصنفات الفنية جهاز يعتبره السينمائيون عدوا يتربص بأعمالهم, مؤكدين أن مقص الرقيب قد يصل بالعمل إلي الهاوية وقد يقضي علي مضمونه ورسالته الأصلية رغم ان الوظيفة الحقيقية للرقابة هي تقييم الأفلام حسب مستواها والرقابة دون التعرض للمستوي الفني للعمل وتنحصر وظيفتها في مراقبة الابعاد الأخلاقية. كيف يكون شكل الرقابة بعد ثورة الشباب.. سؤال محوري ينقل الأهرام المسائي اجابة السينمائيين عليه خلال هذه السطور. في البداية يري الناقد أحمد يوسف أن السينما بطبيعتها مثلها مثل الفنون الجماعية تحتاج لنوع من أنواع التنظيم لأنها تعرض لعدد كبير من المشاهدين وعبر الوسائل الحديثة تعرض في اكثر من دولة في الوقت ذاته ولهذا يحتاج هذا النوع من الفن لنوع من أنواع الضوابط. ولكن هذا الضابط هو الذي نختلف عليه.. وأضاف يوسف: نحتاج لتنظيم بدون أن نسميها رقابة بالمعني السلبي الذي عهدناه سابقا والتي كان يتولي أمورها جهة واحدة تفرض رأيها علي الجميع, مؤكدا أن هوليوود وهي صاحبة الريادة العالمية في هذه الصناعة ورغم خلافنا علي بعض الأفكار السياسية التي تتبناها فقد مرت بظروف قاسية جدا في هذا الشأن ففي ثلاثينيات وأربعينيات هذا القرن كان ميثاق الانتاج لديها يفرض اشكالا عديدة من المحرمات حتي ظهرت المكروفية في الخمسينيات وكانوا يطاردون أي عمل يظهر فيه التعاطف مع الفقراء أو أي توجه يساري ويحاكمون صانعي الفيلم ولما رأوا أن هذا ضد حرية الابداع تماما ويشكل نوعا من أنواع الرقابة انشأوا مايسمي ب اتحاد المنتجين من داخل الصناعة نفسها هدفه اعطاء شهادة للفيلم بالفئة العمرية التي تصلح أن تشاهده.. فأصبحت هناك مستويات للمشاهدة هدفها حماية الجمهور من التعرض لقيم اخلاقية تنتهك الفئة العمرية ولها ميزة أخري هي حماية صانعي الفيلم من المساءلة امام القضاء من أي جهة أو شخص يعترض علي العمل فمن يساءل في هذه الحالة هو الجهة المسئولة عن تحديد الفئة العمرية للمشاهدة وبالنهاية قال يوسف لابد أن ينشأ هذا الشكل من أشكال الرقابة من داخل الصناعة نفسها وبعيدا عن أي جهة حكومية. ويقول الدكتور رفيق الصبان انه من ضروري وجود رقيب نفسي وذاتي بداخل كل فنان يعرف جيدا ماذا وأين ومتي يقول ويفعل.. وأضاف أن الرقابة الموجودة حاليا في كل أنحاء العالم هي رقابة فئوية لتحديد المرحلة العمرية التي يسمح لها بمشاهدة العمل.. مؤكدا أن هذه الرقابة غير فعالة ونحن بصدد قنوات فضائية مفتوحة أمام الجميع وإنترنت يسمح بمرور أي شخص إلي مايريد وتوافر فيديوهات أو سي دي يحمل افلاما امريكية لم يقترب منها الرقيب, الآن لم يعد هناك تحكم حقيقي في المادة الفيلمية ولابد أن يرجع ذلك للقائمين علي صناعة العمل ورؤيتهم.. وعن الافلام الرديئة التي يصنعها غير مؤهلين لصناعة السينما, قال الصبان أعتقد بعد ثورة25 يناير سيختلف الأمر كثيرا فمفهوم الشباب تغير وصاروا انضج فكريا ولم تعد تجذبهم هذه الافلام الهابطة التي تسيء لمن يشاهدها قبل صانعها. بينما يبدي الفنان عزت العلايلي حيرته قائلا نحن بين نارين, لدينا من هم يعرفون قيمة الفن ورسالته ويتعاملون معه برقي وتحضر وبداخلهم رقيب ذاتي ويقدمون فنا جيدا يحمل رسالة للمجتمع ولا يحتاج الرقيب إلي التدخل في أعمالهم لأنهم أصحاب رسالة.. ولدينا من هم دون ذلك أنصاف موهوبين ومدعو فن يقحمون أنفسهم بأعمال رديئة تسيء للفن والفنانين ويقدمون الأعمال التجارية التي لا تهدف إلا للربح ويستثمرون أموالهم في الفن وهم أبعد مايكونون عنه.. وأضاف العلايلي: لابد من وجود هذا الرقيب بداخل كل منا.. رقيب ذاتي يسأل ويحاسب نفسه عما يقدم من أعمال تحرك المجتمع وتشكل أفكار بناءة فالفن رسالة هدفها الأرتقاء بالمجتمعات ومعالجة أمور الضعف فيه. ويؤكد المخرج حسني صالح أن الفنان سواء كان مخرجا أو ممثلا أو مؤلفا أو منتجا لابد أن يكون رقيبا علي ذاته.. وأكد رفضه للرقابة علي الفن وقال: الفن يحتاج إلي حرية كاملة ليحقق هدفه وهو الارتقاء بالمجتمعات فهو لسان حال الشعب المصري ولسان حال الفقراء ومن حقي أن أقول وأنقل كل ماأراه سلبيا في المجتمع دون تتدخل من رقيب قد لا يكون مؤهلا لهذه الرقابة من الاساس وأضاف صالح: للأسف الشديد يقرأ النص من أكثر من جهة وكل يخرج برأيه وبالنهاية يخرج نص غير المقدم بالأساس وعن الأفلام الرديئة التي تنتج ممن لا يقدرون قيمة الفن قال صالح: المشاهد العربي لديه من الدراية والمعرفة والثقافة مايؤهله للتفرقة مابين الأعمال الجيدة والأعمال دون المستوي.. وبالنهاية لا يستمر إلا الفن الجيد الذي يحمل مضامين مؤهله لمشاهد مثقف. ويري الناقد طارق الشناوي ضرورة إلغاء الرقابة علي المصنفات الفنية لأن الرقابة بوضعها الحالي رقابة سياسية مرفوضة والبديل هو وجود لجنة ليست حكومية لتحديد المرحلة العمرية لمشاهدة الأفلام ويكون دورها حماية المجتمع من الأفلام التي تسيء للأديان أو تخترق الآداب العامة.