فيما يمكن اعتباره ملحمة جماهيرية غابت طويلا عن الحياة, كتب ستاد الجيش المصري في برج العرب حقيقة واحدة وهي إمكانية الثقة في جماهيرنا وإعادتها مرة أخري إلي المدرجات بحثا عن عودة المتعة إلي كرة القدم... الجماهير المصرية ضربت مثلا كبيرا في التفاعل والانضباط والحب منذ حضورها إلي ستاد الجيش لتشجيع المنتخب المصري أمام النسور الخضر بشكل عفوي وعشوائي وفي نفس الوقت تلقائي يشبه ألحان الموسيقي. من يتابع الأجواء قبل اللقاء يجد أن الجماهير المصرية بدأت التواجد برفع الأعلام المصرية والضرب علي الطبول مرددة الهتاف الوطني الشهير مصر مصر.. تحيا مصر, وفور نزول اللاعبين إلي أرض الملعب من أجل إجراء عملية الإحماء ظلت تهتف لكل لاعب تلو الآخر بشكل متساو ولم تحدث التفرقة رغم سيطرة الشعبية الجارفة التي يملكها رمضان صبحي نجم الأهلي ومحمد صلاح هداف روما الإيطالي, وحسام غالي كابتن المنتخب. وبعد الهتاف للاعبين بشكل حضاري واستقبالهم بصورة طيبة فاجأت الجماهير أيضا هيكتور كوبر المدير الفني باستقبال جيد, وهتفت له بشكل خاص جابون يا كوبر جابون يا كوبر في إشارة إلي حلم الفوز والعودة من جديد للمشاركة في بطولة كأس الأمم الإفريقية بعد غياب7 سنوات كاملة عن آخر ظهور مصري. وداخل المدرجات ومع إطلاق صفارة البداية, كان المشهد الأروع, فهناك تفاعل تم خلال90 دقيقة كانت فيها الفوفوزيلا حاضرة بقوة في المدرجات, ولم تصمت الجماهير طيلة90 دقيقة, وظلت تنهال بالهتافات المصرية بدون تحصيص هتاف لنجم علي حساب آخر سوي في التصفيق مع كل لعبة حلوة, وعادت الأمواج الشهيرة التي كانت من صفات جماهير التسعينيات لتفرض نفسها من جديد, خاصة في مدرجات الدرجة الثانية والثالثة, كما كانت الطبول حاضرة, وبعد غياب أيضا عن الملاعب المصرية, وظلت تدق بها الجماهير وتطلق صفارات الفوفوزيلا إلي جانب الصياح بشكل جنوني كلما أهدر لاعب من المنتخب مثل عبدالله السعيد ومحمد صلاح ومروان محسن أي فرص للتسجيل. والمثير في الأمر, أن الجماهير خرجت عن النص عندما سجل رمضان صبحي هدف المنتخب الوطني هدف الفراعنة الأول من خلال إطلاق الشماريخ بمعدل4 شماريخ, وهو معدل يعد بسيطا في الوقت نفسه مقارنة بعدد آخر أكبر من الشماريخ انطلقت في سماء المدرجات المصرية خلال فترات الظلام التي كانت فيها الجماهير خارج السيطرة. مافعلته الجماهير المصرية خاصة في تصفيقها للاعبين رغم وجود أخطاء كبيرة, منح الثقة والأمل في إمكانية عودتها من جديد ومنحت المسئولين في مختلف الأندية واتحاد كرة القدم الكرة لحسم ملف عودتها مرة أخري خاصة في ظل الالتزام التام بالتعليمات الأمنية والخضوع للتفتيش بشكل حضاري.