بعد يوم من إدانة مجلس الأمن الدولي للعنف ضد المدنيين الليبيين وتهديده بمحاكمة المسئولين عنها, تدرس العديد من العواصم فرض عقوبات ضد النظام الليبي, وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة التي أعلنت أنها تدرس تجميد الأصول التي تخص الحكومة الليبية والزعيم معمر القذافي. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي قرر عقد اجتماع مع عدد من مستشاريه ورؤساء الوكالات الحكومية لمناقشة الأوضاع في ليبيا. وأشار مسئولون أمريكيون إلي أن الرئيس أوباما يخرج عادة بعد مثل هذا الاجتماع بموقف محدد بهذا الشأن مثلما فعل فيما يتعلق بالأحداث في مصر وتونس. ويواجه أوباما الكثير من الانتقادات من جانب الكثير من المشرعين الأمريكيين, وحتي من عدد من الديمقراطيين من حزبه, لاتخاذ موقف واضح بشأن وقف ما وصفته إدارته بحمام الدم في ليبيا. وأشار مسئولون أمريكيون إلي أن الآليات المتاحة أمام واشنطن في هذا الصدد محدودة جدا ولا يمكن مقارنتها بما قام به الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بالأحداث في مصر وتونس من قبل, حيث لا يوجد تقارب بين الرئيس أوباما والزعيم الليبي معمر القذافي. وأضافوا أن العلاقة بالجيش في مصر كان لها دور في مواصلة حوار إيجابي بشأن الموقف الأمريكي من الأحداث في مصر, وهذه العلاقة غير موجودة مع ليبيا وهناك الكثير من الغموض بشأن المرحلة اللاحقة وما يمكن أن يقدم عليه القذافي. وتشمل الضغوط علي الرئيس الأمريكي أيضا مطالبته بفرض العقوبات من جديد علي ليبيا, وهي العقوبات التي رفعها الرئيس السابق جورج بوش بعد أن أبدت ليبيا رغبتها في التعاون مع الولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب, والتوصل إلي تسوية مع أسر الضحايا في حادث' لوكيربي', إضافة إلي تقارير بشأن ما قيل إنه برنامج نووي ليبي. وحث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أوروبا أمس علي تعليق كل علاقاتها الاقتصادية مع ليبيا وتأييد فرض عقوبات علي البلاد في أعقاب القمع الوحشي للاحتجاجات هناك. وقال ساركوزي في بيان عقب اجتماع اسبوعي مع حكومته' اطلب من وزير الخارجية أن يقترح علي شركائنا الأوروبيين تبني فرض عقوبات سريعة وملموسة حتي يعلم جميع المتورطين في أعمال العنف أنه سيكون عليهم مواجهة تبعات أفعالهم.' وأضاف' أود تعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع ليبيا لحين اشعار اخر.' وقالت وزارة الخارجية إن قيمة صادرات فرنسا لليبيا بلغت نحو مليار دولار في عام2009 في حين بلغت قيمة الواردات من ليبيا حوالي3.1 مليار دولار معظمها في صورة نفط ومنتجات تكرير مما يجعل ليبيا سوق التصدير الثالثة لفرنسا بعد إيطاليا وألمانيا. وطالب ساركوزي بوقف فوري للعنف وبإجراء حوار سياسي لوقف الأحداث الدامية في ليبيا. وقال' لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقف موقف المتفرج من هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان. وقال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني أمس ان بلاده ترغب في استصدار قرار من مجلس الأمن التابع للامم المتحدة يدين استخدام ليبيا القوة ضد المتظاهرين. ووبخ مجلس الامن أمس الثلاثاء حكام ليبيا علي استخدام القوة ضد متظاهرين سلميين وطالب بمحاسبة المسئولين عن هذه الهجمات. وقال كاميرون خلال زيارة لجامعة قطر' هل أريد ان نذهب الي ابعد من هذا وان نصدر قرارا تاما من مجلس الامن التابع للامم المتحدة؟ نعم أريد. اعتقد ان هذا سيكون شيئا جيدا.' واستطرد' هل اعتقد ان علينا ان نوجه تحذيرا صريحا للعقيد القذافي وللقوات المسلحة الليبية ان ما يفعلونه هو خطأ وضد القانون؟ نعم اعتقد ان علينا ان نفعل لكن من الافضل ان يتحرك العالم بشكل موحد وهذا يمكن ان يتم من خلال مجلس الامن التابع للامم المتحدة. وأعرب عضو المحكمة الجنائية الدولية الدكتور الهادي الشلوف عن اعتقاده بأن مجلس الأمن الدولي لن يكتفي بشجب الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات الليبية ضد المتظاهرين, ولكنه سيطلب إرسال لجنة تحقيق في هذا الأمر. وأوضح الشلوف- في مقابلة مع راديو هيئة الإذاعة البريطانية' بي.بي.سي' أمس- أن مجلس الأمن سيطلب من منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وضع دراسة حول ذلك..وقال: إنه علي ضوء ذلك فإن مجلس الأمن سيعقد اجتماعا جديدا لاتخاذ قرار بإرسال لجنة تحقيق وتحديد الأشخاص المكلفين بالتحقيق في هذا الأمر.