قد يكون مشرط الجراح هو الوسيلة للإبقاء علي حياة الانسان, فعلي قدر حدته في قدرته علي بتر أحد أعضاء الجسم, إلا أنه يظل الملجأ الذي لا بديل عنه في حالة تهديد المرض لحياة المريض. من هذا المنطلق نجد أننا نحتاج إلي أن نواجه مشاكلنا المؤسسية التي تضرب بجذورها في أعماق الاقتصاد المصري بمنهج البتر المؤسسي لبعض المهام المنوطة لتلك المؤسسات, وذلك بهدف تحقيق التنمية المنشودة والإصلاح الهيكلي والمؤسسي للقطاعات الاقتصادية. وأحد تلك القطاعات الاقتصادية المهمة, هي المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة, فيأتي الاهتمام بها والبحث عن سبل لتنميتها علي رأس أولويات الحكومة المصرية سواء السابقة أو الحالية وكذلك القادمة. وإذا ما تحدثنا بمنطق المسكنات أو الأدوية المؤقتة فلن نصل إلي التنمية المنشودة, لذا قد يتحتم الأمر أن نتدخل جراحيا, وقبل أخذ القرار بالجراحة علينا أن نحدد أين نحن؟ وإلي أين نريد إن نتجه بتلك المنظومة؟ فالمشكلة تكمن في تعدد الجهات المؤسسية المعنية بتلك المنظومة, والتي يصل عددها إلي35 جهة مؤسسية تعمل في مجال المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة, وبلا شك قد تتداخل مهامهم المؤسسية وتتكرر, وهو الأمر الذي ينعكس علي أن الشخص الذي قد يريد أن يؤسس مشروعه فلن يعرف إلي أين سيتجه. فما نريد أن نحدده هو نقطة البداية وخط سير واضح, وقد يكون العلاج في تحديد المهام المطلوب تنفيذها, ومن ثم تسكين تلك المؤسسات وفقا للمهام المحددة, وقد نحتاج في تلك الخطوة التدخل الجراحي السابق الإشارة إليه, إلا أنه لن يكون ببتر إحدي المؤسسات, وإنما إعادة الهيكلة وتوزيع للمهام المؤسسية المعنية, بحيث نصل في النهاية إلي منظومة متكاملة تستهدف التنمية لهذا القطاع الحيوي. إلا أنه كي نصل إلي هذا التناغم, فنحن في حاجة إلي مايسترو يقود عمل تلك المشروعات, ولتكن هيئة تجمع تحت مظلتها جميع المهام المؤسسية المعنية بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة, وتنسق فيما بينها وتشرف علي عملها, وذلك في إطار مهام محددة تتمثل في مؤسسات تعني بكل من البيانات والدراسات القطاعية, وتحديد الفرص والخدمات الفنية, التمويل ودراسات الجدوي, تخصيص الأراضي, الخدمات التدريبية, الترويج والمعارض, والمتابعة والإشراف وتقييم الأداء. وكي نستهدف التنمية الفعلية للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة علينا أن نراعي عددا من الخطوات تبدأ بأهمية مخاطبة عقلية المواطن البسيط للتعريف بأهمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة, وتوضيح الرؤية لمن يرغب في إقامة مشروع, من أين يبدأ؟ وإلي أين يتجه؟. كذلك الدعوة إلي تعديل المناهج الدراسية وإدخال مادة المشروعات الصغيرة والمتوسطة كمادة أساسية أثناء التعليم المدرسي المرحلة الإعدادية والثانوية بالإضافة إلي التعليم الجامعي, وذلك لتعريف الشباب وحثهم علي الابتكار ومحاولة تنفيذ ابتكاراتهم من خلال المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. ووضع خطط طويلة الأجل للنهوض بالمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. مع ضرورة إظهار النماذج الناجحة. والدعوة إلي أهمية دمج ومشاركة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المشاريع العملاقة التي تستهدفها خطة التنمية الاقتصادية. كذلك ضرورة تبني الدعوة إلي تقديم الشباب بأفكارهم وابتكاراتهم. والعمل علي تحويل تلك الابتكارات إلي أرض الواقع, مع عدم الاستخفاف بأي من هذه المقترحات. وكي نصل إلي تحقيق ذلك نحتاج إلي إصدار تشريعي موحد يوضح التعريف الجديد للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة, علي أن يتم من خلال تحديد المهام المؤسسية المطلوب تحقيقها لتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة. خبير اقتصادي [email protected]