ما تعانيه اللغة العربية من تدهور وانتهاك لقواعدها وأصولها وأخطاء من صرفها ونحوها خاصة ما يجرى على ألسنة المسئولين والشخصيات العامة فى عالم السياسة ليس بيت القصيد فى هذه الذكريات فالقصيد حافل بالمواجع والآلام والتدهور وأخشى ما أخشاه أن يأتى يوم لا قدر الله نرى فيه لغة الصغار وقد أصبحت غريبة فى أوطانها مدحورة بين أبنائها فقد تضاعفت الحجة وانتشرت الكلمات الأجنبية على الألسنة وملأت مساحات الاعلانات على جانبى الشوارع والطرق السريعة ناهيكم عن اسماء الشركات والمنتجعات وأدوات الزينة وأنواع المأكولات حيث إن أسماءها جميعا أسماء عجيبة إن المسئولين الكبار الذين يخطئون فى اللغة ويسيئون لسيبويه وأبو الأسود الدؤلى وغيرهما من علماء اللغة عليهم ان يستعينوا بمتخصص فى أصول اللغة ليضبط لهم آخر الكلمات ويعطيهم درسا فى النحو بدءا من الفاعل والمفعول مرورا باسم إن وخبر كان وليس انتهاء بالمضاف والمضاف اليه وهذا ليس عيبا وانما العيب الاستمرار فى الخطأ وإهدار اللغة خاصة أنهم يلقون خطبهم فى مواقف جليلة لابد من الاستعداد لها بالكلام الطيب واللغة السليمة اذكر أن اساتذتنا العظام فى المرحلة الثانوية منذ حقب بعيدة كانوا يقولون إن الخطأ فى النحو والصرف يؤدى إلى عدم وصول المعنى المقصود لمن يوجه اليه الخطاب وأذكر أيضا اهتمام المدارس حتى الابتدائية باللغة العربية كان الاستاذ يقرأ علينا فى الفصل موضوع الإنشاء الذى استحق صاحبه الدرجة القصوى وكان يطلب منا أن نصفق له واذكر انه كانت هناك شهادة اسمها الثقافة يقام لها امتحان على مستوى مدارس القاهرة لطلبة المرحلة الرابعة الثانوية وكان من يحصل على هذه الشهادة يمكنه أن يلتحق بالمعهد والكليات العسكرية والشرطة وهى شهادة تأتى قبل شهادة التوجيهة القديمة والتى حلت محلها المرحلة الإعدادية والثانوية العامة أذكر أننا كنا نؤدى امتحانا شفويا فى اللغات الثلاث الانجليزية والفرنسية والعربية من الشهادتين الثقافة والتوجيهة ولا أنسى ما حدث عندما دخلت مع زميلين إلى الامتحان الشفوى للغة العربية فى امتحان الثقافة فقد طلب الاستاذ رئيس لجنة الامتحان من أحدنا ان يقرأ من أول العنوان موضوعا من كتاب المطالعة المقرر علينا وكان العنوان عطايا البرامكة وإغداقهم فقرأ الزميل العنوان كاسرا حرف القاف فى كلمة إغداق فانتزع منه الاستاذ الكتاب وسلمه للزميل الثانى فقرأ العنوان كما قرأه الزميل الأول فنظر إلى الاستاذ متهكما وقال اقرأ يا سيدى فقرأت العنوان بضم القاف فتهلل وقال قم فأنت ناجح وقال للزميلين الأخيرين أغربا عن وجهى هكذا كان التعليم وهكذا كان الاهتمام باللغة العربية ومما يزيد من أسفى وانزعاجى أن من يتقدمون لامتحان المذيعين فى الاذاعة لايكاد ينجح منهم الا اقل من 5% وهذا يدل على ضآلة الاهتمام باللغة سواء فى المدرسة أو الجامعة أو حتى فى المنزل ومما يزيد ويضاعف من الحسرة والألم على حال اللغة العربية ان العجمة والكلمات الأجنبية دخلت فى حياتنا ومعاملاتنا اليومية فحدث ولا حرج، فهى بالإضافة إلى ما هو خاص بإعلانات الشوارع والطرق الرئيسية فهى أيضا تغزو الأندية الرياضية والاجتماعية، ففى نادى الجزيرة مثلا اكثر من 90% من الاعلانات المنتشرة فيه بالانجليزية فهذه اللوحه تشير إلى المبنى الاجتماعى، وتلك إلى الملاعب حتى اللافتة التى تشير إلى موقع المسجد مكتوبه باللغة الانجليزية، فالسهم على اللوحه يشير إلى المسجد وكلمة mosque وكأننا فى أحد أندية لندن وليس فى أحد الاندية المصرية - يا سادة اللغة هى الرمز وهى بوطن، وفى السياق فإنى أتوجه إلى أعضاء مجلس النواب لكى يشرعوا ما يصون اللغة، وأرجو ان يعيشوا فى أضابير جلسات المجلس المحفوظة فى رفوفها فإنهم سيجدون بحوثا عن هذا الامر تقدم بها بعض السادة النواب فى سنة 1999 كانت ستقدم للمجلس لمناقشتها تمهيدا لوضع مواد تشريعية تجرم الاعلانات وغيرها المكتوبة بلغات أجنبية، ولكن انتهى الفصل التشريعى ولم يناقشها المجلس فليتهم يستفيدون بها وينقذون لغة الضاد من التدهور.