أنا مهندس في الأربعينيات من العمر, تزوجت إحدي قريباتي بعد قصة حب عنيفة كانت حديث العائلة وقتها وأنجبنا طفلين صارا الآن علي أعتاب الشباب, سارت الحياة بيننا تغلب عليها الأوقات الحلوة وتمر ببعض الأزمات الصغيرة التي تخطيناها بالتفاهم, ولطالما سمعت وقرأت عن أزمة منتصف العمر ودعوت ربي أن يجنبني إياها وأن أظل مكتفيا بزوجتي حتي آخر العمر لكن لا تسير الرياح بما تشتهي السفن ففي العام الأخير شعرت بتغيير ملحوظ علي زوجتي وعدم إقبالها علي العلاقة الحميمة, تطور مع الوقت إلي عزوف كامل عللته بانشغالها مع الأولاد اللذين يعانيان من مشكلات المراهقة, ثم بدأت ألحظ سرحان زوجتي معظم الوقت الذي أقضيه معها وتفضيلها علي غير عادتها للبقاء وحيدة.. ولن أطيل عليك يا سيدي فقد اكتشفت بالصدفة أن زوجتي علي علاقة بأحد الرجال الذي تعرفت عليه علي الفيسبوك!! وبعد مواجهات طويلة اعترفت أنها قابلته عدة مرات في أماكن عامة وصارحتني أنها لم تستطع التخلص من مشاعرها نحوه والتي لا تستطيع توصيفها وصفا دقيقا, وفي نفس الوقت تطالبني بعدم التخلي عنها لأنها لن تتحمل الطلاق ولا الضرر لأبنائنا... ولن أستطيع أن أصف لك الجحيم الذي أعانيه, فأنا أتخذ القرار بتطليقها كل ساعة انتقاما لرجولتي, ثم أتراجع في الساعة التي تليها خوفا علي أبنائي وعلي استقراري, وسؤالي: هل يمكن تجاوز خطيئة زوجتي ؟ وكيف ؟ أم أن علي طلاقها فورا وعدم إضاعة الوقت ؟ يشاركك الفضفضة الدكتور مدحت عبد الهادي استشاري العلاقات الزوجية والأسرية فيقول: سيدي العزيز قصتك هذه تتكرر كثيرا هذه الأيام والسبب في ذلك هو أن الأزواج أصبحوا يتعاملون بالنوايا ويميلون إلي التخمين, فمثلا إذا سألت أحدهم إن كانت زوجته تحبه؟ فسيبادر إلي الإجابة المعتادة التي يعتقد أنها طبيعية فيقول: أكيد والكارثة هنا أنهم يعتقدون أن الزواج هو ختام قصتهما ضامنا لهما الحب واللهفة والرغبة الأبدية دون أدني مجهود منهما. بينما الحقيقة غير ذلك, فالزوجة بالتحديد بعد الزواج تبحث أكثر عن الدفء والاحتواء والتقدير وذلك بسبب وضع الزوج الذي يتحول إلي رب أسرة محمل بالأعباء والمسؤوليات خاصة بعد الإنجاب وبالتالي يصبح تفكيره أكثر ميلا إلي العقلانية ويبتعد تدريجيا عن الرومانسية. أضف إلي ذلك إمكانية عدم توافقهم حميميا نتيجة عدم الخبرة أو عدم التجديد والوقوع في فخ الروتين مع عدم التصريح بذلك خصوصا الزوجة تحت مبرر الحياء أو العيب فتصبح محملة بأعباء نفسية قاسية نتيجة عدم إشباع رغباتها الحميمة مما يخلق فجوة بينهما وجدارا وهميا يجعلهما بعادا رغم تواجدهما في نفس الغرفة, مثل قطارين متجاورين لكل منهما وجهته ومساره. هذا التوضيح سيخلصك من الدهشة التي أصابتك, وقد يدفعك لمراجعة كل أفعالك وتصرفاتك مع زوجتك طوال المدة السابقة, لكنه في نفس الوقت لن يشفي غليلك ولن يخفف أوجاعك وانكسارك. لذلك فالقرار يرجع لك! لكن قبل أن تتخذه حاول أولا الإجابة عن هذه الاسئلة: - هل أنت قادر فعلا علي الغفران, وبعده ستطرد هذا الأمر نهائيا من تفكيرك ولن تفتحه مرة أخري معها أو حتي بينك وبين نفسك؟ - هل حبك لها قوي كفاية لتنسي معه خيانتها لك؟ وفي حالة الإجابة ب لا عن السؤالين السابقين: هل حال أولادك سيكون أفضل بين أبوين كارهين لعيشتهما معا؟ إن كنت تشعر بالذنب وقادرا علي مواجهة نفسك بأخطائك وتحمل نصيبك من مسئولية إهمال زوجتك واحتياجاتها النفسية والحميمية مما جعلها فريسة سهلة لرجل شيطان أغواها بتقديم ما تحتاج إليه من مشاعر وتقدير للذات, وهذا يبدو جليا في عدم قدرتك علي اتخاذ قرار فوري بحجة الخوف علي الأولاد, فاسأل نفسك هل أنت قادر أيضا علي التسامح ؟ أنا أعتقد أن مشكلتك الحقيقية ستكمن في عدم القدرة علي النسيان خصوصا أنك ستراها دائما مخطئة وآثمة, وهذا سيصيب شعورك تجاهها في مقتل وسيجعلك دائم السخط والانفجار وبالتالي ستزيد حالتكما سوءا, وفي معظم الأحوال لا تستمر هذه الزيجات طويلا لأن ثأر الرجل لكبريائه ورجولته المطعونة يتغلب في النهاية علي كل المنطق والعواطف فهذا ما جبل عليه الرجال... الأمر في النهاية سيتوقف علي قوتك النفسية وقدرتك علي تحمل الألم النفسي.