أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن التطورات التي تشهدها مصر تأتي في ظل أوضاع إقليمية سريعة ومتلاحقة, وفي محيط إقليمي يموج بالأزمات التي تتسم بتعقيدات وملابسات تجمع بين الاقتتال الأهلي والتناحر الطائفي وتمدد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة, الأمر الذي ينذر بتهديد مفهوم الدولة الوطنية وكيانها. وقال الرئيس في كلمته خلال زيارته جامعة نزارباييف في كازاخستان أمس إن التحدي الأكبر الذي نراه يهدد شعوبنا, يتمثل في المحاولات اليائسة لنشر فكر منحرف ومتطرف تحت شعار إعلاء كلمة الدين الإسلامي, وتكمن خطورته في أن هذا الفكر بات يهدد أمن وسلامة الشعوب وحرياتهم وقدرتهم علي ممارسة حياتهم اليومية. وشدد الرئيس علي أن تيار العنف والتطرف والإرهاب ينطوي علي أفكار مغلوطة تجافي صحيح الدين الإسلامي وتسيء إلي مبادئه الداعية إلي تبني مفاهيم السماحة والتآخي والتعايش السلمي بين البشر وتحريم القتل والعنف أيا كانت الذرائع. وأكد السيسي أن الخطوة الأولي التي لا غني عنها لمواجهة خطر التطرف والإرهاب هي أن نتوحد جميعا وبصدق النية والعزم علي هزيمة الإرهاب والوقوف بحزم دون أي تهاون أمام الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة, سعيا لوقف تمددها والقضاء عليها دون تمييز, مشيرا إلي أن مصر نادت منذ عقود بضرورة القضاء علي الإرهاب والتطرف الفكري المصاحب له من خلال وضع إستراتيجية شاملة لا تقتصر علي البعد الأمني فحسب, وإنما تأخذ في الاعتبار أيضا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والدينية, بالإضافة إلي عدم التمييز فيما بين التنظيمات الإرهابية إلي تنظيمات متطرفة وأخري أقل تطرفا. وبين السيسي في كلمته أن مصر بتراثها الثقافي والديني تعي جيدا الأساليب الهدامة التي تستخدمها الجماعات الإرهابية باسم الإسلام من أجل السيطرة علي عقول الشباب, مشيرا إلي أنه دعا علماء الأمة لاتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح مفاهيمه المغلوطة عن الإسلام علي المستويين المحلي والدولي, ووجه نداء للأزهر الشريف بمنهجه الوسطي المستنير وبما يمثله من مرجعية دينية عنوانها الاعتدال والتسامح, أن يعمل علي إطلاق العديد من المبادرات لدحض الأفكار والمفاهيم المغلوطة وقيادة جهود التجديد في العلوم الفقهية والفكر الإسلامي لتتواكب مع روح العصر وتفنيد ادعاءات وحجج وفتاوي التنظيمات المتطرفة والرد عليها, بهدف إعداد شباب واع وقادر علي إدراك متطلبات العصر وتحدياته ومقاومة الانجراف وراء أهواء تنظيمات إرهابية لا ترغب إلا في تحقيق مآربها ومصالحها الشخصية. وأضاف: نحن في مصر نعول كثيرا علي قيام شركائنا في المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات مماثلة, والعمل كذلك علي تنفيذ التدابير اللازمة لوقف استفادة الإرهاب من ثورة المعلومات ووسائل التكنولوجيا الحديثة التي ساهمت بلا أدني شك في إضفاء أبعاد جديدة علي ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري وجعلتها تنتشر بشكل متزايد بين أرجاء المجتمع الدولي, الأمر الذي يستوجب العمل بجدية من أجل الحيلولة دون استخدام التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتلك الوسائل من أجل نشر أفكارها المغلوطة, واستقطاب عناصر جديدة إلي صفوفها. وأعرب عن ثقته في أن كازاخستان وما تمثله من اعتدال ووسطية شعبها وبحكمة وشجاعة قيادتها تعد في مقدمة شركائنا في مطالبة المجتمع الدولي بمزيد من العمل المشترك من أجل كف أيدي الإرهاب الغاشم عن مصائر شعوبنا ومستقبل أبنائنا, والمضي قدما بخطي ثابتة علي طريق التنمية الذي يعد وبحق العامل الرئيسي في اقتلاع جذور الإرهاب في ظل استغلال الجماعات الإرهابية للظروف الاقتصادية الصعبة لاستقطاب عناصر جديدة إلي صفوفها. وتابع: جهود مكافحة الإرهاب لن تجدي نفعا إلا إذا بذلت في إطار من وحدة الهدف وإدراك لخطورة المعركة التي نخوضها فهي معركة من أجل مستقبل الحضارة الإنسانية كلها ومن أجل غد أفضل تستطيع شعوبنا أن تتمتع فيه بثمرة البناء والتقدم والرخاء بعيدا عن أعمال العنف والترويع وتهديد أمن الشعوب وسلامها. وأشاد الرئيس بحكمة الرئيس نزارباييف والتي انعكست في اهتمامه بمجال التعليم باعتباره مجالا حيويا وضروريا لبناء الأمم والشعوب يساهم في تحقيق نهضتها وتقدمها, وقال: كانت رؤيته ثاقبة بإنشاء صرح تعليمي عظيم يثري الحياة العلمية والأكاديمية في كازاخستان ويتواصل مع كبريات الجامعات الدولية لتحقيق التبادل المعرفي والثقافي بين كازاخستان ومختلف دول العالم. وأكد أن التعاون الثقافي والأكاديمي بين مصر وكازاخستان كان ولايزال الجسر الممتد للعلاقات الثنائية, مشيرا إلي أن كازاخستان من أكثر الدول تأييدا لإرادة الشعب المصري الحرة ولخياراته المستقلة التي عبر من خلالها عن رغبة حقيقية في التغيير نحو الأفضل. وقال: نجحت مصر في تنفيذ كافة استحقاقات خارطة المستقبل التي توافقت عليها القوي الوطنية المصرية, حيث تم استكمال تلك الاستحقاقات بتشكيل مجلس النواب الجديد الذي يشهد أكبر نسبة تمثيل للمرأة والشباب, فضلا عن ذوي الاحتياجات الخاصة والمصريين المقيمين في الخارج.