الشاعر الكبير نزار قباني قال( نريد جيلا غاضبا.. نريد جيلا يفلح الآفاق وينكش التاريخ من جذوره وينكش الفكر من الاعماق.. نريد جيلا قادما مختلف الملامح لايغفر الأخطاء.. لاينحني.. لايعرف النفاق) وفي هذه الآبيات يستشرف الشاعر الكبير المستقبل ولديه الامل في الشباب بعد ان عجزت الاجيال السابقة في إحداث التغير في الوطن العربي الذي هو الآن يسير إلي الطريق الصحيح وكان شباب مصر هم الاكثر تعبيرا عن هذه الابيات فثاروا لتغيير وجه المنطقة بل العالم بأسره فتحدث عنها حكام الدول العظمي وانبهروا بها وبإنجازها في وقت قصير وأكد المحللون السياسيون والكتاب والاعلاميون في العالم حيث قال عنها كاتب فرنسي( انها انصع صفحة في تاريخ مصر الحديث بعد انتصار أكتوبر فثورة25 يناير جعلت العالم بأسره ينحني أمام ثوارها من الشباب لانها ثورة بيضاء قامت علي شعار سلمية سلمية, ولم تقم علي انقلاب عسكري أو صراعات ومعارك وهذه الثورة لم تتشابه مع ثورات اخري فكان التميز. ان من أسرار نجاح الثورة مطالبها المشروعة المطالبة بالديمقراطية ومحاربة الفساد الذي استشري واصبح شعار مصر وطالبه بالعدالة والمساواة والقضاء علي البطالة وكل ماهو غير شرعي فأسقطوا النظام وحلوا مجلسي الشعب والشوري المطعون في شرعيتهم. وما ميز ثورة25 يناير إيجاد روح جديدة بين المصريين في حب مصر التي تمتلك اقدم حضارة وانبل شعب وحققوا شعار ان شعب مصر لايقهر مهما طال الزمن وتوالت السنون, هذه الروح الجديدة غرست في النفوس الحماس والوطنية والحفاظ علي تراب مصر والحفاظ عليها فرفعوا شعار رفض الرشوة واحترام الشارع فحموا منازلهم عندما انسحبت الشرطة وعمت الفوضي من خلال اللجان الشعبية التي اظهرت المعدن النفيس للشعب المصري في وقت الشدائد, قام الشباب بعد نجاح ثورتهم بتنظيف ميدان التحرير وازالة الشعارات التي كتبوها في الميادين والشوارع وبدأوا يواجهون أخطاء الشارع ابتداء من احترام اشارة المرور رغم اختفاء عسكري المرور من الشارع ورفض السير في الممنوع وهذا ما شاهدته بنفسي وانا في طريقي إلي منزلي عندما لاحظت سيارة تمر في الاتجاه العكسي وفجأة ظهر خمسة من الشباب وقفوا امام السيارة وطلبوا من قائدها العودة مرة أخري والسير في الطريق الصحيح إلي جانب ظهور سلوك حضاري اخر كان غائبا عن الشارع لفترات طويلة هو نظافة الشارع ورفض القاء القمامة به وشعار المواطن الآن النظافة والحفاظ علي السلوكيات الحميدة بالشارع الذي ظل لسنوات مستباحا. وتميز شباب هذه الثورة بإنكار الذات وهذا من اسرار نجاحهم حيث انهم تعرفوا علي بعضهم البعض من خلال التكنولوجيا الحديثة دون أن يلتفتوا حتي إلي ان عددا كبيرا من قياداتهم الذين عرفهم الناس من خلال البرامج الفضائية انكروا ذاتهم ونسبوا الثورة إلي كل الشباب الذين شاركوا فيها والذين ضحوا بدمائهم فسر النجاح هو الحب والتكامل والاجماع علي هدف واحد وهو اعلاء شأن مصر وجعلها مرفوعة الرأس وكل مواطن مصري في أي بقعة من بقاع العالم يفخر بانه مصري وكان شعار مصطفي كامل الذي قاله في اوائل القرن الماضي لو لم اكن مصريا لودت ان أكون مصريا هو شعار شباب مصر الآن الذين اتهموا لسنوات طويلة بأنهم شباب ليس لديهم انتماء ولايستطيعون تحمل المسئولية ولا الدفاع عن وطنهم ضد أي اخطار وليس لديهم القدرة علي مواجهة المشكلات وايجاد الحلول لها وبهذه الثورة الشبابية دحضوا كل هذا التشكيك واثبتوا للدنيا كلها انهم شباب علي قدر المسئولية وانهم يستطيعون ان ينهضوا بمصرهم إلي القمة المكانة التي تليق بها واتمني ان تستمر روح الثورة بين المصريين لتكون لدينا ثورة موازية للثورة ثورة تحافظ علي القيم والاخلاق والحفاظ علي ثروات وممتلكات هذا الوطن.