انصرف العالم بالكلية عن متابعة الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بعدما تعددت الملفات الإنسانية في المنطقة بانطلاق ثورات الربيع العربي, وما تلاها من تطورات دامية في سوريا واليمن وتونس, ومن قبلها ما جري في العراق وأفغانستان بسبب الاحتلال الأنجلوساكسوني لهذين البلدين الإسلاميين. وانشغلت وسائل الإعلام العربية والعالمية عن قضية العرب الأولي فلسطينالمحتلة, والممارسات الإسرائيلية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل, بعد أن تصدرت أخبار الثورات العربية شاشات فضائياتها, وحصد الفلسطينيون ثمار تلك الثورات انشغالا وانكفاء عربيا علي الجراح الجديدة التي أثخنت الجسد العربي. فخلا الجو لمجرمي الحرب الإسرائيليين في مضاعفة إجرامهم ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة, وزادت وتيرة القتل والاعتقال والتعذيب والحصار, وطالت النساء والأطفال والشباب والشيوخ من دون أدني تمييز. ولئن كانت الملفات العربية الجديدة ناتجة عن احتقانات ضد شمولية رؤساء ديكتاتوريين, وأنظمة حكم قمعية ثارت عليها شعوبها ستجد حلولا لها في المستقبل المنظوررغم كل الدماء التي أريقت منذ بدأت تلك الثورات, تبقي القضية الفلسطينية وحدها قضية شعب يرزح تحت نير أبشع أنواع الاحتلال الذي استولي علي أرضه منذ ما يقرب من سبعين عاما, وشرده في المنافي بمباركة ودعم غربي. بالأمس استنكرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بشدة الإعدامات الميدانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد ضد الأطفال الفلسطينيين, في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين, واصفة إياها بأنها جرائم حرب مكتملة الأركان لا يمكن السكوت عليها, وترك مرتكبيها دون عقاب, مؤكدة أن هذه الجرائم الصهيونية المتواصلة بحق أطفالنا, والتي تصاعدت في الساعات الأخيرة, وأدت إلي استشهاد الطفلين نهاد وفؤاد واكد من جنين, والطفلة كلزار محمد العويوي, وأخيرا استهداف الطفلة ياسمين الزرو في الخليل, وإصابتها إصابات خطيرة, وغيرها من الجرائم المتواصلة ضد شعبنا من اعتقالات واسعة, واستمرار إغلاق المدن والقري, كل هذه الجرائم تستدعي التحرك دوليا لملاحقة الاحتلال وقادته علي ارتكابهم هذه الجرائم, التي تخطت جرائم الفاشية والنازية. وأضافت الجبهة وهي ثاني أكبر الفصائل الفلسطينية أن هذه الجرائم تشكل انتهاكا لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني, التي تؤكد علي بند حماية الأطفال, وتجريم وملاحقة ومحاكمة التعرض لهم. ورغم أن مشاهد نزوح الأطفال السوريين من بلادهم إلي دول الجوار في أجواء شديدة القسوة, ووفاة بعضهم متأثرين بالجوع والبرد والقصف الجوي لمقاتلات الأسد وبراميله المتفجرة, وبالقصف الجوي الروسي الذي دخل علي خط الأزمة بكامل ثقله, ورصاص وصواريخ الميليشيات الشيعية الإيرانية واللبنانية والسورية, والصراع الدموي بين التنظيمات الدينية المتطرفة, وهو الأمر الذي تستنكره كل دول العالم, إلا أن ما تفعله يد الاحتلال الإسرائيلي ضد الأطفال الفلسطينيين ربما يزيد عنها بشاعة بالنظر إلي المزاعم الإسرائيلية بالتزام جنودها بمدونة سلوك تحظر صراحة استهداف المدنيين غير المقاتلين وتفرض استخدام القوة المتناسبة. وتبقي المشاهد القاسية لإطلاق النار من جانب جنود الاحتلال الإسرائيلي علي الطفلة الفلسطينية الزرو, وتركها تنزف أمام شاشات التلفزيون العالمية خير دليل علي إجرام القادة الصهاينة بحق أطفال فلسطين المنسيين في ظل حالة الاهتراء العربي. ووفقا للجبهة الشعبية يجب أن تكون هذه المشاهد حافزا للفسطينيين جميعا كقوي ومؤسسات رسمية وغير رسمية وجماهير من أجل بذل الجهد وتوحيد الطاقات والإمكانيات, لاستمرار الانتفاضة, وتنظيمها ميدانيا, عبر توسيع حدة المشاركة الجماهيرية, وبإيقاع أكبر الخسائر بالاحتلال عسكريا. ودعت من جانبها إلي الاتفاق علي استراتيجية وطنية كفاحية, تكون أساسها دعم الانتفاضة وتصعيدها, وتبني المقاومة بمختلف أشكالها, بديلا عن اتفاقات أوسلو, والتحلل من التزاماتها الأمنية والاقتصادية والسياسية.