إن اتهام مناهج الأزهر بالجمود لمجرد أنها تشتمل علي بعض الموضوعات التي قد يبدو للبعض عدم أهميتها لهو محض افتراء علي أعرق المؤسسات الدينية في العالم; حيث إن هذه المناهج تشتمل علي تدريس كافة الأحكام المتعلقة بالعلاقة بين الإنسان وربه, وبين الناس بعضهم وبعض, فهي تحتوي علي أحكام العبادات والمعاملات والجنايات والقضاء والشهادات والأيمان والنذور, والأحوال الشخصية وغير ذلك. ولا تقتصر هذه المناهج علي هذه الموضوعات فقط, بل تشمل كل ما يستجد علي الساحة من قضايا سواء كانت هذه القضايا طبية, أو تجارية, أو اقتصادية, أو اجتماعية, أو غير ذلك مما يتعلق بكافة مناحي الحياة; حيث يتم دراسة هذه القضايا من الناحية الشرعية. - ليعلم كل من يتهم الأزهر بتقديس كتب التراث والتعصب لنصوصها أن مثل هذه الموضوعات- المشار إليها- يتم تدريسها علي كافة المذاهب الفقهية وما توصل إليه المجتهدون المعاصرون, دون التعصب لرأي فقيه أو مذهب بعينه, مع عرض كافة الاعتراضات والمناقشات التي ترد علي كل قول, حتي تكون الفتوي بعد ذلك بما قوي دليله, ويحقق مصالح الناس, وإن لم يكن واردا في هذه الكتب, علما بأن هذه الفتوي قد تختلف باختلاف البيئات والأزمنة, لذلك كان اختلاف الفقهاء والمجتهدين في مسألة واحدة من باب الرحمة بالناس. - ليعلم كل من يهاجم هذا التراث الذي تركه لنا الفقهاء القدامي أن هذه الثروة والحصيلة الفقهية العظيمة هي التي ساعدت علي تكوين الملكة الفقهية لدي العلماء والباحثين المعاصرين والتي تمكنهم من دراسة كافة القضايا المعاصرة للوصول إلي الحكم الشرعي الصحيح. - من الإنصاف يا سادة أنه قبل أن نتحدث عن تطوير المناهج أن نتقصي ونبحث من خلال القنوات الشرعية عما تشتمل عليه هذه المناهج بالفعل, فليس من الإنصاف أن تؤخذ المعلومات من بعض الذين يتحدثون عن الأزهر وهم له غير منصفين. - ليعلم كل من يتحدث ويؤثر في الآخرين- إيجابا أو سلبا- أنه ما من شيء يتكلم به المرء إلا وأحصي عليه حتي أنينه في مرضه, لذلك يجب عليه التحقيق والتدقيق قبل أن يتكلم في أمر هو من أفضل الأعمال, ألا وهو العلم; فهو يجري مجري الذكر والتلاوة إذا أريد به نفي الجهل, ووجه الله تعالي, والوصول إلي حقيقة المعاني, لذا قال صلي الله عليه وسلم:( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت), وتطبيقا لذلك قال الإمام الشافعي: إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه, فإن ظهرت المصلحة تكلم, وإن شك لم يتكلم حتي تظهر, وقال الإمام النووي: اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة, ومتي استوي الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه; لأنه قد ينجر الكلام المباح إلي حرام أو مكروه, وذلك كثير في العادة, والسلامة لا يعدلها شيء