يسهل علي إثيوبيا أن تتعنت مع مصر في ملف النيل وتحتج علي سلوكنا في حق النهر, فما أكثر ما نرتكب من جرائم كان المصري القديم يتجنبها, ويحرص علي التبرؤ منها في العالم الآخر, حين يقدم أدلة علي طهارته ونقائه, واستحقاقه العبور بسلام علي الصراط إلي نعيم الحياة الآخرة, قائلا: أنا لم ألوث ماء النيل. ويتعرض النيل في عموم مصر, منذ ثورة25 يناير لأسوأ أنواع الجرائم قبل الثورة اقتصرت الإساءات لهذا المعبود( حابي) علي إهماله وتلويثه بمخلفات آدمية وزراعية وصناعية, ومنذ خمس سنوات, بلغت الجرأة درجة الوقاحة بردم النيل كأنه عورة يجب سترها, تحت سمع وبصر المسئولين.. في وزارات الداخلية والموارد المائية والحكم المحلي وسوف أضرب مثلا واحدا ربما يجد كثيرون شبيها له في أماكن أخري في قرية ميت بدر حلاوة مركز سمنود غربية, وفي ظل فراغ السلطة والفوضي الأمنية والأخلاقية والسعار لنهب الأملاك العامة سارع مواطنون بعضهم ربما يستند الي غطاء مسئول تنفيذي أو برلماني سابق من عهد حسني مبارك أو الإخوان, إلي ردم مساحات في النيل سلوك أقرب الي جنون لايفرق بالردم بتراب أو مواد صلبة أو ناتج أي حفر, الأهم عند هؤلاء هو الاستحواذ علي أكبر مساحة تصنع مزيدا من اليابس, وتدفع المياه بعيدا, ويلي ذلك عمل سور حجري يضيف المساحة المنهوبة لأملاك لصوص لايمكن أن يكونوا مواطنين غلابة وإلا منعهم الأهالي, هذه المساحات الزائدة لا توجد لها وثائق في مستندات( الحيازة) الزراعية حدث هذا التعدي في قرية ميت بدر حلاوة وفي قرية بنا أبو صير المجاورة لها أيضا في القرية الأخيرة, ولأن من أمن العقوبة بني بيتا في النيل تأسس بيت في أعماق المياه, زرع زرعا وعلي مهل, ونما باطمئنان, ثم علا بارتفاع بضعة أداوار, ونهض في مواجهة( جامع سيدي سعيد) الذي كان قبل فترة قصيرة يطل علي ما كان اسمه نهر النيل. أن يقام بناء في النيل فهو جريمة, حتي لو كان يتبع رئاسة الجمهورية لايجرؤ ناد للشرطة أو للقوات المسلحة أو للجن الأزرق في القاهرة وغيرها علي ارتكاب مثل هذه الجريمة, فمعظم هذه الأندية المنافية للذوق والأخلاق والقانون أحيانا, تبني في طرح النهر دون مستوي السور, فلا تحجب النهر عن العيون, ولا اتصور أن بيتا لمواطن أقيم هكذا, بمثل هذا السفور والتحدي علي طول نهر النيل من إثيوبيا حتي رشيد أو دمياط. من المستحيل تصور أن تكون هذه الجريمة خاصة بمواطن, وإلا إذا كان يتمتع بقوي خفية ويمتلك عفاريت من الجن لديهم قدرة علي تأسيس البيت في ليلة واحدة, فيفاجأ به مسئولوا وزارة الموارد المائية أو الحكم المحلي أو ضباط النقطة, إقامة بيت تحتاج إلي وقت شهر أو شهرين علي الأقل في هذه الفترة قبض موظفو هذه الوزارات الخدمية أو الشرطية راتب شهر, أو عدة رواتب صلي أحدهم مرة علي الأقل في جامع سيدي سعيد ورأي هذا الموظف أنه خان الأمانة, حين تجاهل هذا البناء وشارك في الفساد. هذا البيت ربما يخص محافظ الغربية شخصيا, ولهذا تغاضي عنه موظف الحكم المحلي ولعله يخص الموظف الأخير, فاستعان بزملاء أرفع درجة في المحافظة, ضمن صفقة تبادل صمت منافع وقد يكون ملكا لضابط الشرطة, فلا يمكن لضابط شريف ألا يكون قد مر من هنا مرة علي الأقل طوال هذه المدة أو اضطر لدخول المسجد لقضاء حاجته في هذا البرد الذي يزنق الكثيرين ومنهم ضابط الشرطة, إلا إذا قال هذا الضابط ومساعدوه إنهم رأوا البيت يستوي علي أعمدته وجدرانه, وتواطأوا بتجاهل الأمر, لأن البيت يخص وزارة الداخلية التي لاتجرؤ علي بناء مثل هذا البيت في القاهرة نفسها هنا يمكن اختصام الوزارة والوزير أمام القضاء وتستغل إثيوبيا هذه الفضيحة وتتشدد أكثر وتتدلل بحجة أننا لا نحتاج إلي النيل, فكيف نردمه ثم ندعي الموت عطشا؟ أن يكون هذا البيت حاصلا علي ترخيص للبناء فهذا جريمة كاملة يجب أن يحاسب كل المشاركين فيها إذ أعطي من لايملك لمن لايستحق ومن السخف والتهريج في غير محله أن يجادل مجرم أعطي ترخيصا بالقول إن هذه القطعة من طرح النهر تخص هذا المواطن أو ذلك المحافظ ومن حقه أن يزرعها أو يبني عليها, فالاختصاص هنا يعني حق الانتفاع بما لايسبب ضررا عاما وهل يوجد ضرر عام أكبر من البناء في النيل؟. يتيح قانون حماية الآثار للأشخاص حائزي بعض القطع الأثرية, غير النادرة والتي لها نسخ أخري, أن يستمروا في حيازتها, مع المتابعة الدورية للتأكد من وجودها, وتجريم بيعها أو رهنها فالمسألة مجرد حيازة لامتلاك والأمر كذلك في حيازة قطعة من طرح النهر للانتفاع مع ملاحظة أن نهر النيل ليس له نسخة أخري باستمرار الصمت علي مثل هذه الجريمة, والتواطؤ بعدم عقاب من شاركوا فيها وانتفعوا منها سنصحو يوما علي آخرين, وقد أقاموا بيتوتا تصل إلي الضفة الأخري للنيل, وريما تكون أقصي أمانينا أن يتكرموا علينا بوضع ماسورة في منتصف النهر تضمن تدفق بعض المياه وأن يطلقوا علي هذا الطريق شارع النيل سابقا.