علمتني ثورة25 يناير أن الدرس الحقيقي الذي ينبغي أن نفهمه ونعمل به في أي جهة حكومية أو خاصة, علي المستويين الفردي أو الجماعي, أنه من العارش أن نسكت علي النظام مهما يكن حجمه, أو نتغاضي عن الفساد مهما يكن مداه.. علمتني أيضا, أن أتفاعل مع غيري من إخوتي في الوطن, وأن أبذل أقصي ما استطيع من جهد للتعرف علي آرائهم ووجهات نظرهم, ومن ثم محاولة إقناعهم بالحجج العقلية والبراهين المنطقية, بحيث يتحركون في الاتجاه الذي يرجح الجميع أنه صحيح.. تعلمت أيضا أن أكون صادقا مع نفسي, أحترم غيري حتي وإن خالفني الرأي, فالخلاف لا يمكن أن يفسد ما بيننا من قواسم مشتركة ومصائر متقاطعة. لقد كنت منذ سنوات عمري الأولي, أفيض حيوية وثورية علي كل شئ, لكن كانت تكبل هذه وتلك مشاعر وراثية من الحياء, الذي وفقني الله بمرور الوقت في التخلي عنه وتحطيم أصفاده, وعقب ذلك قررت التعبير عن رأيي والتنفيس عن غضبي ربما بقليل من الدبلوماسية, لكن في ثورة25 يناير الرائعة والمجيدة, نحيت الدبلوماسية جانبا وانخرطت بكل قوتي في مسيرات الغضب, حيث تفننت الاجهزة الأمنية بكل السبل في اجهاضها, سواء بالهراوات أو القنابل المسيلة للدموع. كنت بفضل الله بين أقراني, ربما الأعلي صوتا, والأكثر جرأة في الدفاع عن الثائرين والمطالبة الصريحة والعلنية, بإسقاط النظام السابق في عديد من الفضائيات العالمية العربية منها والأجنبية, حتي تحقق المراد.. لم أكن أراهن علي شئ أو أطمع وأطمح الي بلوغ غايات شخصية ومآرب ذاتية, وانما كان يحدوني غالبا, الأمل في تحرير نفسي وتحرير وطني من العبودية والاذعان والخضوع والاستسلام, وهذه وربما تكون المرة الأولي التي أراهن فيها علي شئ له قيمة جماعية عظيمة, ويوفقنا الله الي تحقيقه. حتي هذه اللحظة أشعر بأنني أحلم, لكن ما تعلمته أن الأحلام ممكنة بشرط أن نأخذ بالأسباب, تحت مظلة من الوعي الحقيقي الذي حاول بعض المنتفعين والفاسدين تزييفه وتغييبه بطرق ساذجة ومزاعم تافهة, لا يمكن أن تنطلي علي الأطفال, فما بالك بالمثقفين والفاهمين لطبائع البشر, وأبجديات لغة النظم القمعية, التي طالما اتسم أداؤها بالحماقة والغباء. وحتي لايضيع الجهد الرائع الذي أطلق شرارته الشباب وشارك في تتويجه بالنجاح, الجميع من كبار وصغار ومثقفين وأميين وأغلب ألوان الطيف السياسي والشعبي.. أقترح ما يلي: 1 اعتبار الدولة ليوم25 يناير من كل عام عيدا وطنيا, تخليدا وتقديرا لثورة شعبية نادرة, ربما لم تشهد مصر مثيلا لها طوال تاريخها, الذي يمتد الي نحو سبعة آلاف عام. مع تحديد يوم آخر للاحتفال بعيد الشرطة, وهو اليوم الذي يثبت فيه رجال الشرطة وكثير منهم شرفاء أنهم بالفعل( لا بالشعارات) في خدمة الشعب, لانهم أساسا ينتمون الي هذا الشعب العظيم 2 ملاحقة الفاسدين في كل مكان وعلي جميع المستويات ويستدعي هذا تغليظ العقوبات علي جرائم الفساد, وتخصيص خطوط هاتفية رسمية ساخنة للابلاغ عن أي واقعة أو حتي شبهة فساد. 3 تعاون الجميع باتجاه القضاء علي جميع مظاهر التسيب والمحسوبية والفوضي في مختلف جوانب الحياة اليومية, ومن يخالف الصواب توقع عليه أقصي وأقسي ألوان العقاب, دون رحمة أو شفقة. 4 تغيير وتفعيل آليات المحاسبة والتقييم والرقابة في شتي الجهات والمؤسسات العامة والخاصة, بحيث يتم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بكل جدية وصرامة وشفافية مطلقة. 5 اعادة النظر في فحص وتقييم المطالب الفئوية مع الانطلاق من اصلاح نظام التعليم, وتحسين وضع المدرسين والباحثين في المجالات العلمية المختلفة. 6 وضع ميثاق شرف جديد, ينطلق من رؤية واعية متعمقة, لأهمية وجوهرية الدور الكبير الذي يمكن ان تقوم به وسائل الاعلام, في تشكيل الوعي العام وتنمية الحس الجماعي, ودعم الانتماء الوطني لدي جميع فئات المجتمع. 7 تشجيع الصناعة الوطنية, والاهتمام بدعم الفلاح المصري المطحون, لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الزراعية الأساسية, تأسيسا علي أنه من لا يملك قوته لا يملك قراره. 8 شمول الشباب بالمزيد من الرعاية والاهتمام ومساعدتهم علي حل مشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية, باعتبارهم رمز الحاضر وعنوان المستقبل, الذي نأمل بل نثق بإذن الله قي انه سيكون أفضل وأحسن مما يتصور كل الرجعيين والماضويين والمنتفعين من أنصار وأعوان النظام السابق.