انتهت منذ أيام قليلة الدورة الأولي لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي التي شهدت العديد من المشاكل والسلبيات وصلت إلي حد إعلان بعض الضيوف رفضهم العودة إلي مصر مرة أخري بسبب ما عانوه نتيجة سوء التنظيم والعشوائية وهو عكس الهدف الذي من المفترض أن المهرجان أقيم من أجله طبقا لما قاله وزير الثقافة حلمي النمنم عن المساهمة في تنشيط السياحة في أكثر من مؤتمر صحفي وفي حفل الافتتاح قبل أن يغيب عن المهرجان ويتجاهل حفل الختام وينسحب أغلب موظفي مكتبه في صباح اليوم التالي عائدين إلي القاهرة دون انتظار مغادرة الوفود المشاركة!, وكذلك اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء. المهرجان الذي تولي رئاسته المخرج الشاب مازن الغرباوي ومديرته الفنانة وفاء الحكيم فوجئت الحركة المسرحية بالإعلان عنه قبل أيام قليلة من انعقاده في الأسبوع الأخير من ديسمبر2015 وأقيم تحت رعاية العديد من المؤسسات منها وزارة الثقافة ومحافظة جنوبسيناء ووزارة الشباب والرياضة وهيئة تنشيط السياحة ورجال أعمال من شرم الشيخ, ولكن السرعة التي أقيم بها المهرجان لم تكن نتائجها جيدة وفي هذا التحقيق عبرت الفرق المشاركة عن المشاكل التي واجهتهم سواء علي مستوي التنظيم أو التقنيات الفنية بعد أن فوجئت الفرق بأن العروض تقدم علي مسارح مكشوفة والتي لا تعتبر مسارح حقيقية حيث إنها خاصة بالعروض الراقصة في الفنادق وغير مهيأة لعروض مسرحية متكاملة تقدم في مسارح مغلقة. قالت الفنانة ولاء نور الدين العزام من الفرقة السورية التي شاركت بعرض هيستريا للمخرج جهاد سعد إن هذه هي الدورة الأولي للمهرجان ومن الطبيعي أن تكون فيه بعض الجوانب الإيجابية وأخري سلبية, مشيرة إلي أن من أكثر الأمور التي أثارت الكثير من التساؤلات لديها ولدي زملائها في العرض أن المهرجان الذي من المفترض أنه للمسرح الشبابي لم نر فيه شبابا حيث كان عددهم قليلا جدا ربما عرضان أو ثلاثة فقط وهيستريا واحد منها. وقال مخرج العرض الإماراتي مساء الموت إبراهيم القحومي إن الجمع جميل بين الوفود والروح الموجودة في المهرجان ولكنه ينقصه مجموعة من الأشياء التي لابد من معالجتها, من حيث المسارح والتنظيم وغيرها من الأمور التي أثرت سلبا علي المشاركين, مشيرا إلي أنه فوجئ بأن بعض العروض المشاركة هي عروض لمحترفين وليس شبابا مثل العرض الأردني والتونسي وأكثر من عرض آخر وأصحابها تخطي عمرهم ال04 عاما رغم أنه من المفترض أن يكون مهرجانا شبابيا, والشباب هم من لم يتخطو ال53. وأضاف مسرحيتي علي سبيل المثال كل المشاركين فيها من الشباب أكبرهم عمره62 سنة وهو أكبر من المخرج نفسه!, والمهرجان كان بحاجة لمسرح حقيقي وتجهيزات أفضل من ذلك, لأن07% من المسرح هو صورة بصرية, قدمت عرضي في الإمارات بما يقارب59 جهاز إضاءة, ولكن هنا لم يكن لدينا إلا41 جهاز إضاءة واستعنا ببعض الكشافات أيضا من فرقة الكويت, لا يوجد مسرح ونحن جئنا للمسرح والحمد لله أننا استطعنا أن نصنع من الركن البسيط في الفندق خشبة مسرح, كنا بحاجة لمسرح لكن المسرح خذلنا. وفيما يتعلق بالجوانب التنظيمية قال إبراهيم إنه كان يجب أن تكلف إدارة المهرجان أشخاصا بمسئولية الفرق بحيث يكون مع كل وفد شخص مسئول عنه وعن احتياجاته ويتولي تنسيق مواعيد الدخول والخروج والانتقالات بحيث لا تكون بشكل عشوائي, فنحن ضيوف علي البلد. وأكد الكاتب يوسف اللبلوشي من سلطنة عمان عندما نتحدث عن دورة تأسيسية باسم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي نجد أنفسنا أمام إشكالية من عدة نقاط أولا فنية وهي قاعات العرض المسرحي التي لم تساعد الفرق علي تقديم كل ما لديها وقدمت40 أو50% فقط من العرض المسرحي الأصلي بسبب عدم توافر الامكانات مضيفا أن إدارة المهرجان لم تكن صريحة في بداية الأمر مع الفرق حول حقيقة أماكن العرض إذا كانت في مسارح مغلقة أو مفتوحة بالإضافة إلي مشاركة عدد كبير من الفرق والجدول المزدحم تماما مما شكل عبئا كبيرا علي لجنة التحكيم. وقال لا أعرف كيف أمكنها أن تفند كل هذه العروض وتناقشها في وقت قصير خاصة وأن يوم الختام شهد تقديم عرضين داخل المسابقة قبل إعلان الجوائز مباشرة وهذا أمر صعب جدا, المهرجان يحتاج إلي تخطيط مسبق وحقيقي أفضل مما هو عليه الآن, صحيح أنه يعتمد علي فكرة وسياسة حكيمة مرتبطة بالسياحة, أن يقام في شرم الشيخ لكي نقول للعالم أنها مدينة آمنة ومصر كلها آمنة, ولكن هل يتحقق هذا علي الرغم من كل الإشكاليات الفنية التي نعاني منها؟, المهرجان المسرحي لابد أن تتوافر فيه مقومات فنية وتنظيم واهتمام أكثر. وأضاف أن مشاكل التنظيم لم تقتصر علي الجانب الفني فقط وإنما أيضا في السكن نفسه وإقامة الفرق في الفنادق, قائلا لابد أن يعرف المنظمون جيدا عدد الفرق المشاركة وعدد أفرادها حتي لا تقع أزمة مثل التي عانينا منها, فوجئنا بهذه المشاكل التنظيمية كأمر واقع, وحاولنا التغاضي عن كل هذا دعما للفن ولمصر وعشقا للمسرح!, ولكن هناك أولويات في تنظيم المهرجانات وتقديم العروض المسرحية علي رأسها التقنيات الفنية حتي يخرج العرض للجمهور بشكل جيد. وأكد علي كلامه المخرج التونسي حافظ خليفة مخرج عرض زنازين النور قائلا عانينا من مشاكل التنظيم علي المستوي الفني والتقني وحتي علي مستوي الإقامة حيث تم تقسيم الفرقة علي أماكن مختلفة وفي البداية تم تسكينا في بيت الشباب ثم قاموا بنقلنا لفندق آخر, أعتقد أن المهرجان كله تم بشكل مرتجل وبدون تخطيط مسبق بوازع وطني وهو تحريك السياحة ولكن علي حساب الفنان سواء من الناحية الجمالية التقنية أو علي مستوي الإقامة كلنا أتينا تلبية للطلب لمساعدة مصر, وفوجئنا بكل هذه المشاكل والتنظيم غير محكم, حتي البرنامج نفسه لم نحصل عليه منذ بداية المهرجان. وأضاف نعرف أنها الدورة الأولي ولكن المشرفين عليها ليست المرة الأولي لهم في المهرجانات, المهرجان ليس مهرجان مازن الغرباوي فقط لأن رئيس المهرجان يجب أن يهتم بالجانب الفني أكثر من الجوانب الإدارية, أعتقد أن أكبر ضحية في هذه الدورة هو الفنان المسرحي كتقني وكعارض علي خشبة مسرح كباريه سياحي غير مهيأ, وكإنسان وفنان حضر للعمل وواجه مشاكل في الإقامة والتنظيم وحتي في الحصول علي معلومة, وأيضا التخمة الفرجوية مع هذا الكم الكبير من العروض التي لم تحمل الكثير من الجودة, كما أنه من الصعب جدا مشاهدة ثلاث أو أربعة عروض يوميا وفي مسارح مكشوفة ليلا في ظل طقس بارد جدا, بالإضافة إلي أن المسرح نفسه غير مهيأ لاستقبال العروض. وطرح خليفة تساؤلا حول الهدف من المهرجان, مشيرا إلي أنه لا يجب أن يرتبط بظروف سياسية أو أزمات لأنه في النهاية حدث فني ولا يجب أن يقتصر علي فكرة تنشيط السياحة لأن هذا دور أطراف أخري ويكون مجرد ردة فعل فهي خطوة غير ناضجة, وتجعل منه مجرد لعبة سياسية فقط وتعني أيضا أن المهرجان سيلغي إذا ما عادت السياحة, مضيفا أما عن السياحة فقد جئنا إلي شرم الشيخ ولم نشاهد منها إلا ما حاولنا مشاهدته بأنفسنا, حاولنا أن نساهم في السياحة ولكننا كسياح لم نتمتع بشرم الشيخ ولم نر معالمها الحقيقية. أما الفنان محمد فؤاد الذي شارك في المهرجان باسم فرقة هانج اوت والتي حملت اسم فرنسا نظرا لوجود أعضاء فرنسيين فيها, فقال إن المهرجان كان من الممكن أن يكون أفضل إذا كانت الأشياء أبسط وأصغر واقتصرت المشاركة علي6 أو7 عروض فقط بدلا من هذا الكم الهائل مع الإمكانيات المحدودة فالأمر كان أكبر من قدرة القائمين علي التنظيم, وبالتالي كانت تنقص المهرجان الجودة حتي في الفعاليات الرئيسية من افتتاح وختام, مؤكدا أنه إذا كان الهدف من المهرجان تنشيط السياحة لا أعتقد أنه أتي بثماره, لأن ثقافة السياحة غابت عنه تماما, فأغلب الفرق مرت بمشاكل متعددة.