ألقت وفاة الفنان الكبير حمدي أحمد بظلالها الحزينة علي الوسط الفني والجمهور العريض للفن خاصة وأن الحزن لم يفارقهم لوفاة الفنان ممدوح عبد العليم الذي اختطفه الموت قبل يومين. بزغ نجم حمدي احمد في الستينيات ورغم انه قدم العديد من الأعمال التي رسخت في وجدان وذاكرة الجمهور المصري والعربي بل ووثقت لمراحل مهمة من تاريخ صناعة الفن.. وأيضا تاريخ الوطن, إلا أنه لم ينل الحظ في الحياة الفنية بسبب مشاركته في الحياة السياسية, وقد تميز بأدواره الجادة كما أبدع أيضا بدور الفلاح والأدوار السياسية من اهم أدواره القاهرة30, وعرق البلح والبداية. ولد حمدي أحمد محمد خليفة في محافظة سوهاج بصعيد مصر في نوفمبر1933 ومنذ سن مبكرة أظهر اهتماما بالشأن العام وتعرض للسجن علي يد قوات الاحتلال البريطاني في1949 وهو سن السادسة عشر, بسبب مشاركته في مظاهرة مناهضة للاحتلال. وتخرج في معهد الفنون المسرحية بالقاهرة عام1961 والتحق في نفس العام بفرقة التليفزيون المسرحية ويقدم أول عرض تحت قيادة المخرج نور الدمرداش. وفي عام1966 أسند إليه المخرج المصري الراحل صلاح أبو سيف بطولة فيلم القاهرة30 المأخوذ عن رواية القاهرة الجديدة لنجيب محفوظ, وهو من أبرز أعماله حيث أصبح الفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية كما أصبحت شخصية محجوب عبد الدايم رمزا للانتهازية والاستعداد للتضحية بأي شيء مقابل الصعود الوظيفي, ونال عنه جائزة أفضل وجه جديد عام1966 من جامعة الدول العربية ثم جائزة التمثيل الأولي عام1967, كما حصل علي جائزة عن فيلم أبناء الصمت أول أعمال المخرج محمد راضي عام.1972 قدم حمدي أحمد في السينما أكثر من30 فيلما منها ثلاثة أفلام مهمة مع المخرج يوسف شاهين حيث أسند له دور محمد أفندي في رائعته الأرض1970 ليقدم حمدي أحمد دور الفلاح المتعلم المتعالي علي أهل قريته, ثم العصفور عام1972 في دور مختلف عن دوره في الأرض حيث دور الضابط عوف الوصولي المنافق, ثم في اليوم السادس عام1986 وهو الدور الذي قدم فيه أداء مغايرا وتعبيريا حيث كانت أغلب جمله الحوارية عن طريق ملامحه لا عن طريق لسانه, وهو الأمر الذي تكرر بشكل آخر في فيلم عرق البلح للمخرج الراحل رضوان الكاشف حيث افتقد لثلثي أدواته كممثل لا يتحرك ولا يتكلم.. فقط بنظرات عينيه. ومن أبرز أعماله السينمائية فجر الإسلام والمجرم والبداية لصلاح أبو سيف والمتمردون لتوفيق صالح وأبناء الصمت لمحمد راضي وسوق المتعة لسمير سيف. كما شارك في أكثر من35 مسرحية, منها الأرض, الشيخ رجب, الشوارع الخلفية, قلوب خالية, الحصاد, أدهم الشرقاوي, الرجل الذي فقد ظله, أربعة في زنزانة, حرم جناب الوزير, إزي الصحة, ومسرحية ريا وسكينة التي شارك بطولتها مع شادية وسهير البابلي وعبد المنعم مدبولي واعتذر عنها ليحل مكانه حسين الشربيني ثم احمد بدير. كما تولي أحمد إدارة المسرح الكوميدي عام.1985 وفي المقابل كانت حصيلته من الأعمال التليفزيونية كبيرة حيث بلغت89 عملا منها أدوار رسخت في وجدان المشاهد المصري والعربي مثل دوره في مسلسل القاهرة والناس وشارع المواردي بجزئيه وجمهورية زفتي ووادي فيران وإمام الدعاة وعلي الزيبق والوسية وبوابة المتولي والسمان والخريف وقال البحر. ويعد مسلسل في غمضة عين الذي عرض قبل عامين هو آخر أعمال الراحل, كما أن آخر مشاركة له في السينما كانت من خلال فيلم صرخة نملة مع عمرو عبد الجليل بطولته. وبالتوازي مع انشغاله بالتمثيل منذ منتصف الستينيات لم ينس نشاطه السياسي وانتخب عضوا بالبرلمان عام1979 مرشحا عن حزب العمل الاشتراكي كما حرص حتي الآونة الأخيرة علي كتابة مقالات سياسية أسبوعيا في عدة صحف مصرية حيث كتب في العديد من الصحف أهمها الدستور والأحرار والميدان وكانت تميل كتاباته للاشتراكية. وكان قد شيع ظهر أمس جثمان الفنان الراحل حمدي أحمد من مسجد الحصري بمدينة السادس من أكتوبر, وسط المئات من الجمهور وزملائه الفنانين يتقدمهم الفنان أشرف زكي عميد المعهد العالي للفنون المسرحية ونقيب الممثلين وخالد زكي وسامح الصريطي والفنان القدير رشوان توفيق, والمخرج أحمد صقر رئيس قطاع الإنتاج, والفنان أحمد راتب والفنان سيف عبد الرحمن والفنانة رجاء حسين. وغيب الموت الفنان حمدي أحمد في الساعات الأولي من صباح الجمعة, وذلك بعد يومين من رحيل الفنان ممدوح عبد العليم, وقد تشاركا معا بطولة مسلسل جمهورية زفتي واحدة من علامات الإنتاج الدرامي للتليفزيون المصري. وقد حدثت الوفاة نتيجة أزمة صحية تعرض لها الراحل, خاصة أنه كان يعاني خلال الفترة الأخيرة, ودخل المستشفي أكثر من مرة خلال الشهور الماضية حتي وافته المنية. وسوف يقام عزاء الفنان الراحل يوم الثلاثاء القادم بمسجد الحامدية الشاذلية.