بحسب العملات الرسمية المصرية, يأتي القرش في المرتبة الثانية بعد المليم. عملات يتكون منها نسيج اقتصاد مصر ولا يعرفها أبناء الجيل الحالي ولا السابق. صدر من دار سك العملة من الفضة, ثم تحول إلي النحاس, وانتهي إلي الألومنيوم. بشكل غير مباشر تترجم السبائك قيمة العملة المصرية في سوق العملات العالمية. قرش صاغ, مصروفنا اليومي أواخر الستينيات. اليوم يخجل المواطنون من السؤال عن باقي مدفوعاتهم من الجنيهات. اصطف الجنيه إلي جانب القرش, وانضم إلي عائلة الفكة. في دنيا الفكة, تباع الكهرباء بقروش معدودات ندفعها متذمرين بينما نتعفف عن استرداد باقي قيمة الفاتورة الشهرية. غياب الترشيد وارتفاع الاستهلاك يرفع شرائح المحاسبة. تترجم استهلاكاتنا من الكهرباء مستوي معيشتنا وإسرافنا. طبقا للمتوسط العالمي, تمثل فاتورة الطاقة2% من متوسط الدخل. تنتج مصر سنويا نحو166 مليار كيلووات ساعة من الكهرباء يذهب منها43% للقطاع المنزلي, وأقل من الثلث للصناعة. يسهم الغاز والمازوت في انتاج90% من الكهرباء وتستكمل المنظومة من الطاقة المائية والرياح. نشتري سنويا25 مليون طن من النفط والغاز لمجابهة طلب لا يتوقف عن النمو. نشتري بالمليارات ونبيع بالملايين. في العام الماضي, تخطي دعم الطاقة130 مليار جنيه تقسم بين الوقود والكهرباء بنسب87%,13% علي الترتيب. من حيث التنفيذ, يحصل الفقراء والأغنياء علي الدعم. بحسب الاستهلاك, يحصل80% من مستحقي الدعم علي20% فقط من مخصصاته. بالكلية, يختلف منهج الدعم بين الدول النامية والمتقدمة, في الأولي تباع منتجات الطاقة من وقود وكهرباء بأقل من تكلفة الإنتاج فيئن الاقتصاد, وتخسر المؤسسات, ويسرف المستهلكون. في حين تباع الطاقة في الدول المتقدمة بسعر يحقق عائد. ففي ألمانيا, يدفع مستهلك الكهرباء- في المتوسط- نحو5 سنت يورو علي كل كيلووات ساعة تخصص لصندوق دعم الطاقة المتجددة, تجمع منها ألمانيا30 مليار يورو سنويا تكفي لتحقيق عائدات جيدة لمستثمري الطاقة المتجددة, وتغطية الإعفاءات الضريبية, وأيضا ميزانيات البحث والتطوير في مجالات الطاقة المختلفة. من ثم, تمتلك ألمانيا أعلي قدرات من الخلايا الشمسية. في أكتوبر2014 أعلنت مصر عن تنفيذ مشروعات طاقة متجددة عبر آلية تعريفة التغذية, بمعني تحديد ثمن لشراء الكهرباء المنتجة من الخلايا الشمسية والرياح. الإنتاج لم يبدأ بعد, لكن المشروع يمضي بخطي جيدة. من المنتظر تقسيم فاتورة تلك المشروعات بين المستهلكين. المشاركة في تحمل الأعباء تسمح بتطوير نظم إنتاج الكهرباء والحصول علي خدمات ذات جودة عالية. خارج مقصورة تعريفة التغذية تنتج مشروعات الرياح والشمس حاليا نحو1% من إجمالي الكهرباء تباع بأقل من نصف تكلفتها لتتراكم الخسائر عاما بعد عام. تحصيل قرش صاغ واحد عن كل كيلوات ساعة كهرباء نظيفة يحقق1.6 مليار جنيه سنويا تفوق تكلفة إنتاجها وتحقق عائدا يكفل بناء اقتصاد مستدام. يتكلف إنشاء مشروع طاقة رياح قدرة100 ميجاوات نحو مليار جنيه يتحول إلي مشروع خاسر فور بيع الإنتاج بأقل من تكلفته. تكلفة الإنتاج من الشمس والرياح أقل من سعر الوقود المورد للمحطات. توزيع تكلفة مشروعات الشمس والرياح علي المستهلكين وتحصيل قرش ينقل تلك المشروعات إلي ضفة الربح ويرفع متوسط قيمة فاتورة الكهرباء بنحو أربعة جنيهات. عجبا, يتعلق مستقبل سوق الطاقة المتجددة بإرادة إقرار قرش صاغ واحد. فهل يقر القرش. وهل نجد من يدفع القرش؟! [email protected]