المشهد مزدحم جدا, لا موضع لقدم في محل الحلويات الشهير بوسط القاهرة, أصوات تعلو تستعجل البائعين الذين أعلنوا حالة الطوارئ وكلما ضاق أحدهم ذرعا بإلحاح الزبائن قال له أحدهم: صلي علي رسول الله كل سنة وأنت طيب. وسط الزحام, مد الشاب يديه إلي البائع ب الأوردر طالبا حلوي المولد, بينما كانت الأنظار تتطلع إلي صليب علي نهاية ساعده, تلقف عماد ملاك علبة الحلوي واحتضنها فرحا بالنجاة من زحام المتدافعين علي شراء الحلوي, لينطلق إلي الشارع حيث ينتظره صديقه مينا. ليست هذه المرة الأولي التي يشتري فيها الشاب حلوي المولد النبوي الشريف, لكنها عادة يحرص عليها كل عام مولد النبي بتاعنا احنا كمان أنا بشتري الحلاوة زي إخواتنا المسلمين ثم يبتسم وهو ينظر إلي العلبة ويعاود النظر إلي صديقه مينا الذي كان يهز رأسه مؤمنا علي كلام عماد. أما مينا مدحت فيقول إنه اعتاد علي حلوي المولد منذ صغره بسبب طبيعة المصريين الذين يتشاركون في الأفراح والموالد أنا وأصحابي في الشغل نتبادل الحلوي بأنواعها, وفي المولد النبوي نري هدايا الكريسماس في رأس السنة, العملية واحد وهتفضل طول عمرها واحد. أنا بحب إخواتي المسلمين, وبحتفل معاهم بمولد النبي زي ما بيحتفلوا معانا بأعيادنا, هكذا تفخر إيفون 54 عاما, وتؤكد أنها اشترت الحلوي وسعيدة أنها ستوزع بعضا منها علي تلامذتها في المدرسة. وتقسم إيرين 40 عاما ربة منزل أنها لا تعرف فرقا بين مناسبات المسلمين والأقباط, فكل ما تعرفه أنها أعياد مصرية وتدلل علي ذلك بقولها: بنعمل الكحك مع الجيران في عيد الفطر, وبناكل لحمة العيد الكبير, والفسيخ أكلة رسمية للمصريين, وكلنا بنلون البيض.. إيه الجديد يعني. أما القس أمينيوس, فقد اصطحب شقيقته وابنتها إلي وسط البلد لشراء هدايا عيد الميلاد, ويقول: بالأمس اشترينا حلوي المولد النبوي الشريف, واليوم نشتري ملابس العيد.. كل سنة ومصر في عيد وفي سلام ومحبة.