حزين أنا لما آلت إليه القاهرة, فالعاصمة التي امتلكت من مفردات التميز ما يجعلها أحد أكثر المدن تفردا بين مدن العالم أضعناها جميعا بأيدينا لم تكن هي القاهرة التي أعرفها برغم قصر المسافة التي سرت فيها في شوارع القاهرة فإن ما رأيته فيها كان بحق صادما لي عندما خرجت أول أمس للقاء السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية كانت هي المرة الأولي التي أغادر فيها مكتبي منذ فجر الجمعة قبل الماضي منذ ان بدأت الازمة التي ما زلنا نعيشها حتي الآن, بناء علي قرار لي بعدم المغادرة إلا بنهاية الأزمة, اللقاء مع السيد عمر سليمان كان مقررا أن يكون في مجلس الوزراء في لاظوغلي, والوصول إليه استغرق حوالي نصف الساعة وبدلا من أن تكون المسافة أقل من2 كيلو متر اتخذت طريقا ممتدا لأكثر من15 كيلو متر وذلك لعدم التمكن من المرور عبر ميدان التحرير الذي شغل جزءا منه الشباب واحتله الإخوان, وجوه المصريين بدت كلها مجهدة, يمتزج فيها الحزن والغضب, الحزن مما آلت إليه القاهرة, والغضب ممن كان سببا فيما آلت إليه, سواء كان حكومة أو معارضة و شبابا أو إخوانا أومسئولين أو مسئولا واحدا, أو كل هؤلاء مجتمعين, لكن النتيجة كانت هي تلك الحالة, التي كست الوجوه بالغضب, الملاحظة الثانية أنه بدا علي وجه الجميع أنهم لم يناموا, ذلك أنهم باتوا في الشوارع يحرسون ما يمتلكون, من منازل و بيوت و أماكن, كانت شكوانا من فوضي المرور واليوم شكوانا لم يعد هناك مرور خاصة في مناطق وسط المدينة حيث لم يتبق سوي الفوضي, آثار الحريق بادية, آثارعمليات النهب والترويع وردود فعلها تسيطر علي سلوك الشارع, لم أر سوي عسكري مرور واحد في طريق عودتي, شاهدت شبابا امتلكوا السلطة للسماح أو عدم السماح بالمرور, صحيح أنهم قاموا بدور مشهود ويشهد لهم بالمسئولية إلا أن وجودهم واستمرارهم هو دليل قاطع وحاضر دائما علي تراجع حضور الأمن والدولة, حزين أنا لما آلت إليه القاهرة, فالعاصمة التي امتلكت من مفردات التميز ما يجعلها أحد أكثر المدن تفردا بين مدن العالم أضعناها جميعا بأيدينا, جميعنا مسئولون, من أصغر مسئول حتي أكبر مسئول, كل الجماعات السياسية مسئولة حتي أولئك الشباب الذين قاموا بحركتهم يوم25 يناير مسئولون عما آلت إليه, أما من مارس فيها الترويع والبلطجة فهم مجرمون وهنا أستثني المجرمين وأدعو الباقين ممن حملتهم مسئولية ما حدث في القاهرة ممتدة إلي ماحدث في مصر ليعودوا ليبنوا القاهرة, وأضع في مقدمتهم أولئك الشباب الذين غيروا معادلة الفهم والإدراك, ولذلك ادعوهم أن يفكروا علهم يجدون أسلوبا مبتكرا لإصلاح ما أفسدناه.