ما أروع ديننا الحنيف الذي تؤكد الأيام أنه الدين الذي يهدف إلي التراحم والعدالة والسلام بين البشر, ولم لا وهو الدين الذي يهتم بضعاف البشر ويوليهم اهتماما خاصا, ويدعو للرأفة بهم وإنصافهم والأخذ بأيديهم وإدماجهم في الحياة, إذ قال رسول الإنسانية والرحمة المهداة محمد صلي الله عليه وسلم موصيا بضعاف الأمة( بهم ترزقون وبهم تنصرون), وبعد أكثر من ألف عام تأتي الأممالمتحدة لتدعو دول العالم والهيئات الإنسانية للاهتمام بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة, وتخصص يوما عالميا لتذكير الناس بهم وبحاجتهم إلي العطف والتراحم, فكان أن اعتبرت يوم الثالث من ديسمبر من كل عام يوما للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة, وأكدت في دعوتها للاحتفال بهذا اليوم أن الكرامة المتأصلة والمساواة في الحقوق والمبادئ غير القابلة للتجزؤ أو التفرقة بين أعضاء الأسرة البشرية جمعاء, هي أساس الحرية والعدالة والسلام والإخاء, وأن الاهتمام بالمعاق يأتي ترجمة لكل هذه القيم الأخلاقية, ودعم للكرامة الإنسانية, وتشجيع للدول والهيئات وذوي القلوب الرحيمة للانخراط في هذا العمل بغية إدماج المعاقين في المجتمع, ليصبحوا طاقة ايجابية تسهم في الانتاج وتمنحهم طاقة امل في حياة افضل وتطمئن أسرهم علي مستقبلهم. فنظرة الي لغة الارقام سنجد ان مايزيد علي مليار من البشر معاقون بما يمثل نسبة15 بالمئة من تعداد العالم ومن بين المليار شخص هناك ما يزيد علي تسعين مليون طفل معاق وهي نسبة كبيرة وتحتاج لتضافر الجهود من اجل إدماجهم في الحياة, وإيجاد تدابير وأفكار لجذبهم وبث الامل في نفوسهم ونفوس أسرهم, وإذا نظرنا للإحصاءات الخاصة بالحالة المصرية سنجد أن ثلاثة بالمئة هي نسبة المعاقين ذهنيا في مصر وتزيد هذه النسبة الي نحو عشرة بالمئة من عدد السكان المعاقين عموما, وهي نسبة كبيرة أيضا, وتحتاج لعمل جبار من أجل دمجها في المجتمع, حتي لا تشعر أسرهم بأنهم عالة عليهم. ومن هنا كان الاتحاد المصري للثقافة الرياضية سباقا في الاحتفال بهذا اليوم الاممي بالتعاون مع الاولمبياد الدولي الخاص ممثلا في مكتبه الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يتخذ من مصر مقرا له ويترأسه المهندس ايمن عبد الوهاب وهو المركز الذي نجح بجهود جبارة تذكر وتشكر, في أن يضم تحت مظلته نحو خمسة ملايين لاعب ولاعبة علي مستوي العالم منهم36 الف لاعب ولاعبة مصريون من اصل نحو ثلاثة ملايين معاق ذهني في مصر, كما تسجل الإحصاءات, وان كان البعض يري أن العدد اكبر من ذلك لان عائلات كثيرة لديها معاقون وتخجل من الإعلان عن ذلك, وبالتالي يصبح الدور المنتظر القيام به من قبل الدولة ومؤسساتها الرسمية والأهلية أن تولي اهتماما كبيرا بهذا الامر وتمنحه من وقتها وتفكيرها وابداعها ما يستحق من اجل ابتكار ما يجذب هؤلاء للاندماج في المجتمع وتشجيعهم علي ذلك وتشجيع كل المحيطين بهم علي التعامل معهم بما يستحقون من دعم وحنان دون إظهار الشفقة أو التأسي علي حالهم, لابد من تغيير ثقافة التعامل معهم من قبل الاصحاء الذين عليهم ان يشكروا الله صباح مساء علي نعمة الصحة, ويبذلوا من الجهد لمساعدة المعاقين دون تبرم أو تأفف. إن الحياة لا تكون جميلة ان لم يشعر الناس بأوجاع الآخرين دون أن يتألموا منها أو يجاهروا بها فالرحماء يرحمهم الرحمن, ومجتمعنا في أمس الحاجة للرحمة والتراحم بين أفراده بغض النظر عن حالتهم الصحية.