وصف الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي الاتصال الحكومي, باعتباره أحد أهم أدوات التنمية, مشيرا الي اننجاح خطاب الحكومات مرهون بتبني هموم المواطنين ومشاكلهم بصدق وجدية وأن هذا هو دور خبراء الاتصال. وقال رئيس مركز الشارقة الإعلامي في حواره مع الأهرام المسائي إن الدورة الخامسة للمنتدي الدولي للاتصال الحكومي الذي ينظمه مركز الشارقة الإعلامي سنويا, سيكون شعارهانحو مجتمعات ترتقي تأكيدا علي أهمية دور الاتصال الحكومي وإسهاماته في تعزيز الشراكة بين الحكومات والجمهور, لتحقيق التنمية الشاملة, من خلال التركيز علي الارتقاء بالمتطلبات الحياتية اليومية للمواطن والمجتمع, مشيدا بالتجربة المتميزة للاتصال الحكومي في مصر, ونجاح الخطاب الرسمي المصري في بناء الثقةبين الحكومة والشعب, وكسب المجتمع الدولي للمساهمة في مسيرة التنمية. وأكد أهمية دور الاتصال الحكومي في الحضور المميز للدولة علي الساحة الدولية وتحديد مستقبلها علي خريطة العالم, ورسم مكانتها علي خريطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وتسليط الضوء علي فرص التعاون بينها وبين غيرها من الدول العالم في تحقيق هذه التنمية.. وفيما يلي نص الحوار: مع بدء الاستعداد لعقد الدورةالخامسة للمنتدي الدولي للاتصال الحكومي في بداية العام المقبل.. ما هو تقييمكم لما تحقق في الدورات السابقة؟ اتسمت المرحلة السابقة من تجربة الاتصال الحكومي بالتعريف بأهمية هذه القضية الحيوية في ربط جسور التفاهم والتواصل بين الحكومات والجماهير, وبالتعريف بالوسائل والطرق الأكثر فاعلية من أجل الوصول الي كافة الفئات الاجتماعية, لذا ركزنا في الدورات السابقة من المنتدي علي انتهاج أكثر الطرق فاعلية في تحقيق التواصل مع كل فئة علي حدة. كما تركز عملنا علي توضيح أهمية الخطاب الحكومي في معالجة القضايا المطروحة بالالتزام بخصوصية كل ساحة, فاتجهنا الي استضافة ممثلين عن تجارب مختلفة من العالم لعرض تجاربهم والدور الذي لعبه الاتصال الحكومي في خدمة القضايا التي تناولها. كيف استفاد مركز الشارقة الإعلامي من المنتدي؟ شكل المنتدي إضافة غنية ومهمة لتجربة الاتصال الحكومي في الشارقة ولكافة المؤسسات الحكومية بما فيها مركز الشارقة الإعلامي. في كل سنة, يستقطب المنتدي أبرز الخبرات والمهارات للاطلاع علي التجارب المميزة في الاتصال الحكومي علي صعيد المنطقة والعالم. إن حالة الجدل والنقاش والتحليل وتبادل الأفكار بين الحضور, واستعراض تجاربهم الناجحة, والمراجعة العلمية لتلك التجارب, وفر للمركز مصدرا غنيا للمعارف والعلوم في مجال الاتصال الحكومي وساعد في تطوير خبراتنا ومهاراتنا بالاستفادة من هذه التجارب. ما هودور المركز في تطوير منظومة الاتصال الحكومي بإمارة الشارقة وكذلك علي مستوي دولة الإمارات.. وما مدي إمكان نقل هذه التجربة إلي الدول العربية؟ نستطيع تسليط الضوء علي دور المركز من خلال استعراض عدة محاور,المحور الأول: أن الاتصال الحكومي كمشروع يحظي بكل هذا الاهتمام من حكومة الشارقة ومؤسساتها ومن حكومة الإمارات ومجتمعها الإعلامي بشكل عام, كان مبادرة سباقة أطلقها مركز الشارقة الإعلامي برعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي, عضو المجلس الأعلي حاكم الشارقة, من خلال تبني فكرة المنتدي الدولي للاتصال الحكومي والحرص علي إخراجها إلي حيز الواقع كل عام. المحور الثاني: يتمثل بجملة المبادرات التي أطلقها المركز, من وحدة الاتصال الحكومي وجائزة الشارقة للاتصال الحكومي, والمبادرة الأخيرة التي أطلقناها لتمكين الشباب من تعزيز حضورهم علي ساحة الاتصال وهي مبادرة الكرسي الأخضر أو العمود الصحفي. هذه المبادرات تترجم سعي المركز نحو منح الاتصال الحكومي, الطابع المؤسسي المنظم الذي يجعله مكون أساسي من مكونات المجتمع الإعلامي والاتصال الإماراتي. المحور الثالث: يواظب مركز الشارقة الإعلامي علي انتاج ونشر المواد الثقافية التي تهدف إلي تعميق فهم دور وآليات الاتصال الحكومي لدي الجمهور. ما هي الموضوعات المطروحة علي الدورة المقبلة للمنتدي في ظل المرحلة بالغة الحساسية التي تمر بها المنطقة العربية واقليم الشرق الأوسط والعالم بوجه عام؟ الدورة القادمة ستركز علي دور الاتصال الحكومي في معالجة مشكلات المرحلة الراهنة, نحن نؤمن أن ما تشهده الساحة العربية والعالمية من صراع, له أسبابه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية العميقة. إن استعراض هذه الأسباب ومن ثم تناولها بمنطق علمي لمعالجتها, يشكل هاجسنا الأول لهذه المرحلة. لذا سيتناول المنتدي دور الاتصال الحكومي وإسهاماته في تعزيز الشراكة بين الحكومات والجمهور لتحقيق التنمية الشاملة, وذلك من خلال التركيز علي الارتقاء بالوقائع الحياتية اليومية للمواطن والمجتمع. لقد حددت الدورة القادمة شعار نحو مجتمعات ترتقي في إشارة لمهمة الاتصال الحكومي ومهمة الدورة القادمة للمنتدي. هل ترون أن مهام الاتصال الحكومي تقتصر علي النطاق المحلي أم أنها تتسع لتشمل الدوائر الإقليمية والدولية.. وكيف يمكن أن تؤتي ثمارها في هذه الدوائر؟ حصر الاتصال الحكومي في الساحة المحلية تعني العزلة عن العالم, كما تعني العجزعن القيام بدوره في تحقيق شراكة دولية فاعلة لمواجهة التحديات التي تواجهها البشرية. لذا يجب أن تكون مواجهة هذه التحديات عملية مشتركة بين كافة دوائر ومؤسسات الاتصال الحكومي العالمية والإقليمية, وعلي كل دولة أو جهة مؤمنة بمستقبل عادل أن تتقدم من خلال خطابها الايجابي لتعزيز هذه الشراكة. إن الحضور المميز لأي دولة اليوم علي الساحة الدولية يحدد مستقبل هذه الدولة علي خريطة العالم, ويرسم مكانتها علي خارطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية, ويسلط الضوء علي فرص التعاون بينها وبين غيرها من دول العالم في تحقيق هذه التنمية كمطلب أساسي لكافة شعوب الأرض وكشرط مبدأي لتحقيق الاستقرار والارتقاء بالمستوي الثقافي والاجتماعي, واجتثاث مسببات التطرف والأزمات, واستبدالها بواقع أكثر ملاءمة للعيش المشترك والاحترام المتبادل بين الحضارات والشعوب المختلفة. كيف ترون دور الاتصال الحكومي في بناء الثقة بين الحكومات والشعوب؟ ليس هناك أكثر قوة من الخطاب الذي يتبني هموم الناس ومشاكلهم بصدق وجدية, لذا فإن مهمة الاتصال الحكومي, كما تحدده الدورة القادمة للمنتدي, هي تحقيق أكبر قدر من الانجازات علي صعيد الهم اليومي العام, وهذا يتطلب أن يترافق الخطاب الرسمي مع المتغيرات الايجابية علي الأرض, والتي تطال حقوق الجمهور. هكذا فقط تكتسب الحكومات ثقة جمهورها وتتحد معها في مسيرة التنمية. ما هي أهمية تطوير آليات ووسائل الاتصال الحكومي.. وما هوالجديد الذي يمكن أن تطرحونه لتمكين الاتصال الحكومي بشكل أكبر وتطوير آلياته وأدواته لتنفيذ مهامه؟ أهمية تطوير الأدوات تكمن في أهمية مواكبة التطورات علي الساحة المحلية والإقليمية, هذه التطورات تقدم الجديد يوما بعد يوم, بالتالي فإن البقاء علي ذات الأدوات القديمة, يعني تخلف الاتصال الحكومي عن الحدث وعجزه عن معالجته. الدورة القادمة من المنتدي الدولي للاتصال الحكومي ستكون علي تماس كبير مع القضايا اليومية الحياتية بمختلف مجالاتها, السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية والثقافية. ستتناول قضايا التنمية المستدامة وسيبحث المؤتمر من خلال جلساته الحوارية التوظيف الأمثل للاتصال الحكومي لكي يتمكن من أداء دوره في معالجة التحديات التي قد تطرأ علي هذه القضايا, وفي صياغة مفاهيم التنمية وتحويلها إلي ثقافة عامة لدي الجمهور ومن ثم تحديد مساراتها وحماية أهدافها. التطور الثاني علي صعيد جائزة الشارقة للاتصال الحكومي بوصفها إحدي المبادرات الأساسية في منظومة الاتصال الحكومي, فاستجابة لنتائج التجارب التي جاءت لتأكد علي أهمية تضافر الجهود بين كافة مؤسسات الدولة الواحدة في خدمة القضايا العامة, سيتم ولأول مرة فتح المجال أمام المؤسسات شبه الحكومية للترشح لفئات الجائزة. بعد مشاركة إمارة الشارقة في احتفالات مصر بذكري انتصارات أكتوبر هل هناك مشروعات إعلامية مشتركة جديدة سيتم إطلاقها خلال الفترة المقبلة.. وكيف تقيمون تجربة الاتصال الحكومي في مصر؟ تربطنا علاقات طيبة وبناءة مع إخوتنا في مصر, ونحن نأمل ان تتطور هذه العلاقات وتصبح مشروعات مشتركة تحقق الفائدة المتبادلة بين الطرفين,أما بخصوص تقييمنا لتجربة الاتصال الحكومي في مصر, فإن هذا التقييم يفرض علينا مراعاة الخصوصية التي تمتاز بها الساحة المصرية الآن, ويمكن وصفها بأنها مرحلة البناء الاجتماعي والاقتصادي. لقد أثرت الأحداث السابقة علي بنية المجتمع المصري, وهددت تركيبته وتلاحمه بالخطر, كما أثرت علي مسيرة التنمية ودور الجماهير في هذه المسيرة. لكن بفعل الحكمة البالغة التي اتصف بها الخطاب الرسمي, استطاعت مصر أن تسترد لحمتها الاجتماعية بسرعة فائقة, إذ لامس الخطاب الحكومي الثقافة الشعبية المصرية, هذه الثقافة الأصيلة والطيبة, التي بنتها الجماهير المصرية من خلال مسيرة وتجربة تاريخية غنية تستحق التقدير. من خلال المتابعة الحثيثة لسير الأمور في ذلك الوقت, حيث نستنتج عدة حقائق هامة لتضاف إلي الرصيد المعرفي للاتصال الحكومي. أولا: كان الخطاب الحكومي واضحا في تحديد أسباب الأزمة وجذورها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وشاركت المؤسسة الرسمية رؤيتها مع الجمهور بكل شفافية وجرأة. ثانيا:بدأ الخطاب الرسمي بالتعاون مع الدوائر الحكومية والمؤسسات شبه الحكومية والخاصة, حالة تشبه الحوار المفتوح حول كيفية الخروج من هذا المأزق التاريخي. وقد كان الجمهور علي اطلاع كامل بكل حالة الجدل هذه, وبدا الرأي العام المساند لسياسات الحكومة التنمويةفي التشكل واكتساب القوة من جماعيته ووحدته. ثالثا: توجه الاتصال الحكومي في خطابه نحو العمق لمصر, وتحديدا دول الخليج التي أبدت استعدادها بتقديم المساعدة ودعم أي خطوة تنموية قد تتخذها الحكومة. وهنا تتجلي أهمية البعد الإقليمي للخطاب الرسمي والاتصال الحكومي. رابعا:كانت نتيجة كل ما ذكر, أن أصبح لدي الجمهور جاهزية كاملة للمساهمة في مسيرة التنمية, والاستعداد الكامل لوضع كافة إمكاناته في خدمة إستراتيجية الحكومة, والتي تجلت بصورتها الأكبر في إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة, بمساهمة كبيرة من مؤسسات وشركات عربية وخليجية بشكل خاص وبعض الشركات الأجنبية, حيث تم توقيع بيان مشترك بين فرنسا ومصر والإمارات العربية المتحدة بشأن التعاون الثلاثي الأطراف من أجل تنفيذ المشاريع الإنمائية في مصر في14 مارس.2015 إن مهمة الاتصال الحكومي هي بناء الثقة بين الحكومة والجمهور, وبين الحكومة وغيرها من الحكومات. وما كان لمصر أن تحقق هذه الخطوة الكبيرة لولا اقتناع الجماهير بخطة ونوايا الحكومة المصرية, ولولا اقتناع الدول الأخري بهذه النوايا وقدرة مصر علي رعايتها وتنميتها حتي تتم ترجمتها فعلا إلي أهداف ملموسة. إن الاتصال الحكومي الذي نتحدث عنه ونسعي إليه, هو أحد أهم أدوات التنمية وتحقيق المصلحة العامة للجمهور, يبقي فقط كيفية إيصال هذه الحقيقة إلي الجمهور, وهنا يأتي دور خبراء الاتصال ودوائره الرسمية.