بمهارة فائقة, مع ثلاث من درجات الاحساس الدافق يأتي ديوان شعره هل من مرافيء....؟؟ والسؤال هو جوهر وجودي وتلاشي. في تغريد الشاعرة في تلك المسافة( بين الحب والعشق) نعم اقبلنا اطفالا تحبو نحو النور, وبمنظورها الرائي والمخزون في داخلها من عشق آلاف المرات والسنين, هي بنت حضارتين قامتا علي شط البحر وشط النيل, يختلط في عروضها العذب بالمالح... مثلها مثل ذلك الشاعر الكبير خليل مطران شاعر بعلبك والاهرام ومجمع صور الخيال, قال الراوي في امسية بعيدة لست اذكر تفاصيلها بحكم عتمة الذكريات أحيانا, ان النطاق المكاني يربطنا ببنت جبيل في اقصي جبال لبنان التاريخية منذ ايزيس الانثي الوفية وتسيطر بعمق وهالة اسطورية اغنية ذات الحان شجيه وكأن الجبل يرد علي الوادي صداه ويؤسس في ذات اللحظة قومية ثقافية خاصة ودرية متلألئة في نور بهائها حتي ان المشرق كله يردد في اللاوعي... صداها؟! قالت تغريد في قصيدتها ايزيس وأوزوريس: لروحك الشفافة تنحني القامات, لعينيك الرقيقتين تتجه الأمنيات.. وحتي تصل الي قولها: اوزوريس الغالي.... تمهل لا تشعل في قلبي النهدات, ترفق بعروس النيل الخجلي تزينها... قبل الذهب جداول دمعات.... آه ياتغريد من تغريدك بقصة واغنية من عتيق دهر السنوات والكلمات والاسطورة من آلاف آلاف الحكايات ثم اللفتات والهمسات, أمازال عقلك يذكر كم الشجن والوتر الدافق بالنغمات وفي قلبك احساس اللحظة التي توارت في جوف الطيات... اه ياتغريد كم قلبتي في ذاكرتي مطمورات... منسيات... اهات. ولست ابالغ ان قلت ان كائنات النهر السحرية وغموض جبال لبنان وشطها واشجارها العتيدة العتيقة تسكن جوانح الشاعر تغريد وتجعلها تشبه حوريات فينقيا البعيدة في ثياب مرتلات الاناشيد علي الاوتار التي نراها في صور الكرنك وتغني في لحظة امتاع عقلية( حدائق ايزيس): تتلاقي قطرات الرغبة, مع قطرات الهوي الدافئ, لتتبرعم فوق وريقات الليل, انفاس الصبح تدفئها... تشعل انهار النجوي من عينيه امتد النهر.... يسقي أحلام الزنبق, يغمره في شوق ودلال... يقطر من اغصان أصابعه, يتراقص في وله وهيام... يتسلق ورد الحب إلي قلبه كم اذاب الحب براكين, كم احيا أموات الأحلام...؟! هنا تكرر تلاشي الاضاءة وتلعب بالظل والنور حتي اني في لحظة واحدة, الأوجوة مضيئة وقد تسلل اليها نور الصبح من كوة احدثتها في جدران الذاكرة... خيوط الضوء احيت العدم وطاف بذهنك في تجلي عرض من القمم... جبال... اهرام... معابد بأعمدة في طول المسلات خط خاص ونادر ومازال في خلود الحضارات القديمة تحمله الشاعرة التي تنصهر داخلها الدماء بكل معطياتها فهي العربية الشجاعة التي مازالت تحض ابناء جلدتها علي طرح التخادل والنظر والعودة الي النقاء في( لوحة الفسيفساء) فليس نافعهم( التحليق خارج السرب) ف( رحلات اليمام)( بين نقتين)( مرثية الرهان الخاسر).... وهذا ليس( اخر المرافيء) وكما بدأت الشاعرة ديوانها بالتساؤلات... اثرت ان تفعل ذلك في اخره... ألم تدركي...؟ قد لايوجد ميناء أخير!!! هل تستطيع مياه البحر الأحمر... اطفاء الثورة؟؟ هل تستطيع جدة الوادعة ان تهدد طفلا غريرا توقف عند اعتاب الزمن؟