الصالونات الثقافية جزء أصيل من النسيج الثقافي المصري وقدمت الكثير للمشهد, وسعي لإقامتها عدد كبير من كبار المثقفين وتنوعت ما بين أدبية وموسيقية وغيرها, وكانت مؤرخا للمشهد الثقافي المصري علي مدي تاريخه خاصة في أوقات الأزمات, لكنها الآن شهدت تحولا كبيرا فظهرت أسماء لصالونات لا يعلمها أحد ولها أهداف مغايرة وتسعي لتلميع وتقدم أسماء بعينها, لذلك يطرح الأسبوع الثقافي هذا السؤال عن مدي تأثير تلك الصالونات الجديدة علي الثقافة المصرية وعلي المثقف. في البداية أكد الناقد الكبير د.عبد المنعم تليمة أستاذ الأدب والنقد العربي بجامعة القاهرة وصاحب أشهر صالون ثقافي الآن مستمر منذ60 عاما أنه ليس للصالونات الثقافية أي تأثير سلبي علي الإبداع إلا إن قام علي غير اسس, ورأينا نماذج كثيرة قامت علي الهوي الشخصي لأصحابها وعلي تقديم أشخاص محددة وتلمعهم ولكنها لم تستمر. مؤثرة علي مر التاريخ وأضاف تليمة أن فكرة الصالون الثقافي ليست جديدة ولكن موجودة منذ صدر الإسلام, فكانت سكينة بنت الحسين تجلس في ملتقي الشعراء وتحكم بينهم من خلال صالونها للشعر فتقوم بالتحكيم والنقد, ثم تطورت الفكرة بعد ذلك خاصة في العصر الحديث وبالتحديد في القرن التاسع عشر ليظهر عدد كبير من الصالونات الثقافية المؤثرة في المشهد الثقافي, اشهرها صالون الراحلة مي زيادة وصالون العقاد, وسلامة موسي وتعددت الصالونات واصبحت اميل أكثر للتخصص, فأصبح هناك صالونات للموسيقي وأخري للشعر, والسياسة وغيرها. أما عن صالوني فقد نشأ في ظروف خاصة مع بداية العدوان الثلاثي سنة1956, عندما كنت بالجامعة وحدث العدوان فكانت الجامعة يدرس بها مصريون وعرب, وتطوع كثير من الطلبة في الحرس الوطني والمقاومة وكانوا يقومون بالتدريبات بالنهار, أما في المساء فكان يجب أن يجتمعوا لمناقشة الأحوال السياسية وغيرها ولم يكن لأحد منهم بيت في القاهرة غيري, وعندما انتهي العدوان اخترنا يوم الخميس ليكون موعدا للصالون كلقاء اسبوعي, واستمررنا لمدة سنتين وانضم الينا ادباء شباب وبعد التخرج انضم الكتاب والرواد الكبار للصالون خاصة عندما انتقلت من منزلي بمصر القديمة للدقي. وأوضح أن من أشهر الأسماء التي حضرت الصالون حسين فوزي, والناقد عبد القادر القط, والناقدة سهير القلماوي, ومن الشعراء صلاح عبد الصبور, واحمد عبد المعطي حجازي, وكتاب شباب ومسرح وموسيقيون, وشهد الصالون ليالي متميزة حضرتها الممثلة الراحلة سعاد حسني وزوجها علي بدرخان واقمنا مناقشة موسعة حول فيلم الكرنك بحضورهما وباقي الممثلين والمنتج من خلال نقاد وشاهدنا الفيلم جميعا في السينما قبل مناقشته. وفي ليال اخري حضرت نادية لطفي, كما شهد الصالون التجارب الاولي لمبتكر الرقص الحديث, وليال أخري مع عازف العود الشهير نصير شمة الي جانب الافلام المتميزة, كما ناقشنا فيلم رسائل البحر لداوود عبد السيد وروايات ودواوين الشعر وكتبا فلسفية وعلمية, وكثير من الشعراء والكتاب الذين ظهروا بعد عبد الصبور وحجازي كانت بداياتهم بالصالون مثل حسن طلب, وحلمي سالم, ورفعت سلام وناقشنا اول أعمالهم وكان هناك اهتمام بانتاجهم. تعددت الأغراض والصالون ليس واحدا وأضاف الشاعر شعبان يوسف مؤسس ورشة الزيتون الثقافية أن هناك صالونات ليس لها اي ثقل او ثقة, بعد أن كان أصحاب الصالونات مثقفين لهم تاريخ امثال عبد المنعم تليمة, وعبد القادر القط, ومحمد عبد المطلب, إبراهيم فتحي وهم لهم ثقل وتاريخ ولا يريدون الا تقديم ثقافة جيدة. وقال إن الصالونات الآن هي وسيلة وأداة لترويج المبدع منها اسماء مصرية وعربية, كما أن هناك موضة جديدة وهي اقامة صالونات السفراء وهذه لها اغراض سياسية وهي اداة ثقافية يستخدم فيها المثقفون لترويج اغراضها, لذلك الصالونات أصبح حولها علامات استفهام كثيرة خاصة ان هناك من لديهم أموال يستثمرونها من خلال تلك الصالونات, لذلك فقدت قيمتها منذ فترة, كما ان هناك صالونات للواجهة الاجتماعية او الترويج السياسي او لترويج أعمال إبداعية فاترة, وهذا لا يمنع وجود صالونات تكون متنفسا للمبدعين. ضرورية رغم الشللية ومن جانبها قالت الكاتبة والناقدة د.هويدا صالح أن فكرة وجود صالونات ثقافية ظاهرة صحية لأن المشهد الثقافي المصري ضخم غير اي دولة عربية اخري خاصة في بلد به90 مليون مواطن, فالمشهد الثقافي متسع ومن الصعب ان نلم به جميعا, وأنا كناقدة افاجأ بكتاب وشعراء جدد, وهذا لا يمنع أن بعض الصالونات تروج لناس بعينها وهذا يحدث في كل شيء فهناك برامج تليفزيونية وصفحات ثقافية تروج لناس بعينهم, وهذا بسبب الشلالية, فيتم الاهتمام بناس بعينها وتجاهل باقي المشهد, مما جعل حياتنا الثقافية جزرا منعزلة كل واحدة تعمل ما في مصلحتها بغض النظر عن القيمة والإبداع, لذلك أسعي دائما للكتابة عن الأعمال الجديدة لأشخاص لا أعرفهم مادامت أعمالهم تستحق ولا أتصور أن الجميع يفعل هذا. الوسائط الحديثة تعويضا عن الصالون وقال الكاتب د. احمد الخميسي إن الصالونات الثقافية هي فكرة قديمة فرضتها الحياة لانها كانت الوسيلة للتواصل وبرزت الصالونات خاصة في الأربعينيات, فمثلا لقاء نجيب محفوظ معنا في كازينو كان صالونا, حتي لقاءات يوسف ادريس في اتحاد الكتاب كانت اشبه بصالون أدبي, وكانت الصالونات لضرورة التواصل ونسمع بعضنا كأدباء, كما كانت هناك صالونات غير معلنة كنا نقيمها علي المقاهي وهو صالون ثقافي نسمع ونقرأ لبعض, وظلت الفكرة موجودة حتي السبعينيات, المشكلة ان ضرورة التواصل بدأت تختلف لان اساليب التواصل تبدلت زمان كان اللقاء ضرورة للتواصل, لذلك فكرة الصالون الاساسية من تفاعل قلت مع وجود وسائل تواصل حديثة, وجزء كبير من الصالونات الثقافية الجديدة هي الدعايةلصاحب الصالون, وليس فكرة التفاعل أو نقل الخبرات, واعتقد انها ستكون مؤثرة بدرجة او بأخري في عدد من الشباب لكن لا اعتقد انه اصبح لها التأثير الحاسم الذي كان في الصالونات القديمة لأنها أصبحت تكتسب طابعا أقرب للوجاهة منه للإفادة, لكن قدرتها علي التأثير تظل امكانية قائمة حسب رواد الصالون, لكن الآن الكاتب الناشئ يقيم صالونا ولا يمتلك الخبرة التي تؤهله لذلك سيكون جيدا لو أمكن توجيه ذلك الصالون ليكون لديه برنامج واضح وليس لقاءات مفتوحة دون موضوع نحتاج لتصويب حركة الصالونات والثقافة بوجه عام فهي جزء منها والانتباه إيها وما تفعله.