تزايدت حوادث إطلاق النار الذي يودي بحياة الأبرياء, خاصة داخل المؤسسات التعليمية بشكل لافت في امريكا في الآونة الاخيرة, ومع رفض المشرعين الجمهوريين الاستجابة لصرخات الآباء والأمهات الداعية لضبط حركة السلاح, باتت امريكا مسرحا لعصيان مسلح يبث الرعب في قلوب الأطفال, وطلاب الجامعات والناس من كل لون وجنس. مع كل اشراقة يوم جديد يقتل33 شخصا بواسطة السلاح, وطبقا لإحصاءات رسمية يتجاوز عدد ضحايا السلاح12 ألفا سنويا, مضافا اليهم21 الفا من ضحايا الانتحار باستخدام السلاح ليصبح مجموع القتلي33 الفا سنويا وهو رقم مروع تقول الجماعات المناهضة للسلاح ان اي محاولة جادة لتقليله ل1% فقط سوف يحفظ33 روحا و10% سيحفظ3300 روحا ما يساوي عدد القتلي في هجوم11 سبتمبر التاريخي. وتشكل حادثة إطلاق النار الشامل في جامعة اريزونا ذروة حوادث السلاح في الجامعات والمدارس, وهي الحادثة رقم46 هذا العام التي تطال ابرياء من طلاب العلم, وكان قد سبقتها حادثة مماثلة في اريجون قبل اسابيع, ما جدد النقاش عنالسلاح باعتباره معركة ممتدةحول الحقوق الدستورية للامريكيين للدفاع عن النفس, وهي في الغالب الذريعة التي يتخذها الجمهوريون في وجه دعاة ضبط السلاح, رغم علمهم ان الآباء المؤسسين كان قصدهم من إقرار حمل السلاح, للدفاع عن النفس, حسبما هو موجود في صلب الدستور من حض لالمليشيات للدفاع عن امريكا في مواجهة المستعمر البريطاني, ناهيك عن انهم اي الآباء لم يحددوا بشكل قاطع اي نوع من السلاح يحق للمواطن امتلاكه. ومع كل حادثة مأساويةيخرج السياسيون لإثارة السؤال: ما الذي يجب عمله لايقاف الحوادث الكبيرة مستقبلا ؟ ثم يحتدم الجدل بين الحزبين الرئيسيين حول إصلاح تشريعات السلاح بلا طائل, نظرا لتشدد الجمهوريين ولرفض الكونجرس ان يكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة, وقد عرضت سبعة مشاريع امام مجلس النواب وأربعة مشاريع امام مجلس الشيوخ لسد الثغرات في الفترة بين2001-2013 لم تر النور, وكان اوباما قد تبني بعض الإجراءات المقيدة التي تحكم عملية بيع السلاح عقب حادثة مدرسة ساندي هوك, غير ان الجمهوريين قد اجهضوه في مجلس الشيوخ في عام2013. ويحظي مشروع ضبط السلاح وتنظيم اجراءات الحصول عليه حاليا بتأييد73% من الديمقراطيين مقابل26% من الجمهوريين علما بان47% من الجمهوريين و65% من الديمقراطيين كانوا يؤيدون ضبط السلاح في1993, وبمعني اخر يشير هذا الفرق الشاسع بين مواقف الحزبين الي ان قضية السلاح مرتبطة الي حد كبير بالهوية السياسية, واذا ما أضيفت للقضايا الاجتماعية الاخري كالإجهاض وزواج المثليين, تجعل من الصعب انعقاد إجماع حولها حتي لو زادت نسبة التأييد وسط الديمقراطيين والمستقلين. خلال العشرين عاما الماضية انخفضت نسبة مؤيدو ضبط السلاح, مقابل زيادة ملحوظة في صفوف مويدي حق السلاح, وثمة مزيج معقد من الانفعالات والمواقف والتصورات تحدد كيف يشعر المواطن ازاء قضية حركة السلاح المحكومة بعاملين, هما الخلاف الحاد بين الحزبين من جهة وانخفاض معدلات جرائم العنف من جهة اخري,وهناك اجماع في واشنطن علي ان تنظيم السلاح خيار سياسي يجب ان يمنح الأولوية لإجازة القوانين المقيدة, علي الأقل, فحص خلفيات مشتري السلاح وحظر بيع الأسلحة الثقيلة الخ. لكن أساس المشكلات هي ان المتشددين يسارعون لمواجهة اي زخم ايجابي بسلسلة من المزاعم, كقولهم ان إصلاح قوانين السلاح يعني حرفيا مصادرة أسلحتهم, وانالقوانين المقيدة لن تمنع الشياطين من ارتكاب جرائمهم الشيطانية, خاصة في ظل عدم تنفيذ القوانين المعمول بها بصورة مناسبة. طبقا للقوانين الفيدرالية ليس مطلوبا من باعة السلاح التأكد من ان المشتري ليس محظورا من امتلاك السلاح وليس مطلوبا منهم تسجيل المبيعات او التحقق من البيانات الشخصية للمشترين.