الدعوة النبوية هي رسالة السماء إلي الأرض وهديه الخالق إلي المخلوق وقد اختارها الله لعباده وجعلها الطريق الموصل إليه سبحانه وتعالي لتحقيق السعادة للناس في الدنيا والآخرة, وكان من منهجه النبوي يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا, وكان حلمه يسبق غضبه, وانزل الله وحيا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, وكانت أول الآيات التي أنزلت في القرآن الكريم هي اقرأ باسم ربك الذي خلق وهذا يدل علي أن الدعوة مبنية علي العلم والمعرفة. يقول الدكتور صبري عبد الرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن المنهج النبوي المحمدي في الدعوة إلي الله عز وجل له مرتكزات تقوم علي ما دعا إليه القرآن الكريم قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني(108) سورة يوسف, وكان النبي صلي الله عليه وسلم علي بصر وبصيرة بأحوال وأوضاع وظروف المدعوين لذلك جاء في صحيح البخاري أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يتعهدنا بالموعظة مخافة السأمة علينا, وكان صلي الله عليه وسلم يراوح بين الترغيب والترهيب ويجيب السائلين ويخاطب الناس بما يدركون وينهي عن التكليف والتشديد والتعسير وكان من منهجه الدعوي أن أعفو عمن ظلمني وأعطي من حرمني وأصل من قطعني كانت دعوة البر والصفح, ولذلك شرح الله بهذه الدعوة الصدور, ورشد بها العقول وألان بها القلوب فانتشرت انتشارا ذاتيا ببساطة وسلاسة ويسر, وبذلك يبقي المنهج الدعوي النبوي المحمدي هو الدواء والشفاء من أمراض وقصور الدعوة في زمننا المعاصر فيا ليتنا نعود إليه والعود أحمد. ويقول الدكتور محمود عباس أستاذ اللغة العربية بجامعة الأزهر فرع المنوفية لو تتبعنا المنهج النبوي في أدب الدعوة لظهرت أمامنا عدة أمور بارزة, منها أن النبي( صلي الله عليه وسلم) كان في دعوته يراعي الفروق الفردية بين المخاطبين والسائلين فكان يخاطب الناس علي قدر ثقافتهم وعقولهم, فكان يخاطب كل بيئة في المجتمع بما يناسبها, فمثلا كان يخاطب أهل البادية من الأعراب بما لا يخاطب به المهاجرين والأنصار, فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يراعي أحوال المخاطبين فيجعل للنساء خطابا وللرجال خطابا وللشباب خطابا تبعا لأحوالهم, كما إن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن نمطيا في دعوته, كان يراعي أحوال الناس في كل عصر من العصور خصوصا في المسائل الفرعية التي تتحمل التغيير, فكان كثيرا ما يعطي حكما شرعيا مناسبا لإنسان معين, ثم يغير هذا الحكم مراعاة لأحوالهم. وأن النبي يمضي في هذا المنهج علي خطي القرآن الكريم في قوله تعالي ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وهذا المنهج القرآني هو الذي اتبعه الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه في الخطاب الديني. ويضيف د. عباس ان المشكلة في عصرنا اننا لا نراعي أحوال العصر, ونخلط بين الفكر الإسلامي وعواطفنا الخاصة وهي من أكثر المصائب التي ابتلي بها الخطاب الديني في هذا العصر, وقد يغيب عن الأذهان أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقدم الدعوة في شكل حكاية أو قصة يتخيلها الإنسان فيصبح المعني واضحا للناس, واعتمد القرآن الكريم علي التوضيح فقال الله عز وجل في كتابه الكريم مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم(261) سورة البقرة, وأين هنا السنبلة التي تحمل مائة حبة, وهذا يوضح لنا المعني بطريقة مبسطة وسهلة, فيا ليتنا نمضي في الخطاب الديني علي منهج الخطاب القرآني والنبوي, وهذا لن يأتي إلا من داعية متمكن من علوم اللغة العربية وعلوم القرآن والسنة يجيدها إجادة تامة, ونلخص هذا في قول الرسول صلي الله عليه وسلم( خاطبوا الناس علي قدر عقولهم)