افتتح أمس الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر المؤتمر الأول لخدمة السنة النبوية بعنوان "السنة النبوية بين الواقع والمأمول" الذي نظمته جمعية المكنز الإسلامية الخيرية. وقال الإمام الأكبر في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر الأستاذ بكلية دار العلوم: إن الأزهر منذ إنشائه وهو يعمل على حفظ السنة النبوية وكان وسيظل حائط الصد الأول بشيوخه وتلاميذه ومناهجه حجر العثرة أمام كل المشككين في السنة النبوية الشريفة، ليكون المدافع عن ركائز هذا الدين ولما يدركه من أن مصادر التشريع الإسلامي جناحان رئيسان هما القرآن والسنة مستشهدا بما ذكره الله في كتابه بقوله: " وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة " وبين فضيلته أن الحكمة هي السنة. ونوه شيخ الأزهر إلى أن المشكلات أتت من مزاحمة غير المتخصصين في الحديث في علوم الدين وأن الأزهر سيظل ملاذ الأمة في الفتن والنوائب لرسم طريق الخروج من هذا المثالب. وأضاف شيخ الأزهر في كلمته: أن الأزهر يتبنى منهج الوسطية الذي يتميز به عن جامعات ومراجع إسلامية أخرى، وأن الأمة مأمورة باتباع أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم واستشهد فضيلته بقوله تعالى: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" دليلا على وجوب طاعة الرسول وأنها من طاعة الله، وأضاف شيخ الأزهر في كلمته: أن من يشككون في مقام السنة ويدعون أنهم يكتفون بالقرآن فقط فهذا يخالف صريح القرآن الكريم الذي يأمر باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بينما قال الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ الحديث بجامعة الأزهر حول دور السنة في تأصيل منهج الوسطية والاعتدال: إن السنة النبوية لا تختلف عن القرآن الكريم الذي يدعو إلى الوسطية كما في قوله تعالى:" وكذلك جعلناكم أمة وسطا " وإن السنة تعلم المسلمين أن يسلكوا منهج الوسطية في التعامل مع نصوص الدين وضرب مثلا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كان يخفف في الصلاة عند سماعة طفلا يبكي، وأضاف هاشم أنم الرسول حث صحابته أيضا على سلوك منهج الوسطية في الدين فووجه الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي حنظلة إلى منهج الوسطية في قوله له "ساعة وساعة " مؤكدا أنها ليست دعوة إلى التحلل وفعل ما يخالف الدين وإنما فعل ما فيه الفسحة من الحلال، وأضاف هاشم: أن السنة النبوية مقامها محفوظ لحفظ مقام صاحبها وفيها الشفاء من كل أمراض العصر ودعا أصحاب المناهج والأيديولوجيات إلى الاهتمام بصيدلية السنة النبوية فإن فيها شفاء لكافة الأمراض الاجتماعية التي تسري في مجتمعاتنا في هذا العصر. وقال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية: إن جمعية المكنز الخيرية أنشئت منذ عشرين عاما لخدمة محور الحضارة المتمثل في التعايش مع السنة النبوية لأن الله أمر المسلمين بتعظيم أقوال نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله: "وما ينطق عن الهوى" ورد المفتي على طائفة القرآنيين بقوله: إن من يدعون الاكتفاء بالقرآن الكريم فقط يخالفون القرآن الكريم الذي أكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه ربه: "وما ينطق عن الهوى" وهل ما علمه ربه إلا من الوحي، وأضاف فضيلته : أن السنة النبوية فيها بيان ما أشكل في القرآن وتفصيل ما أجمل لذا لا نجد في القرآن أن عدد ركعات الظهر مثلا أربع ركعات ولا المغرب ثلاث ركعات بينما عرفنا ذلك من السنة، وأن الله أعلى ذكر نبيه فلا يذكر الله إلا ويذكر رسوله صلى الله عليه وسلم في قولنا لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقال الدكتور مصطفى أبو عمارة أستاذ الحديث بجامعة الأزهر: إن الوسطية هي المنهج المطلوب هذه الأيام ردا على كل دعوات المشككين في السنة، وهناك ثلاثة محاور تدل على حث السنة على اتباع منهج الوسطية، المحور الأول: وجود أحاديث تحث على الوسطية، وضرب مثلا بحيث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبة فسددوا وقاربوا وأبشروا، وبين أبو عمارة أن السداد هو الوصول إلى الكمال في كل شيء وإن لم تصلوا إلى الكمال فقاربوا وأبشروا . وأضاف أبو عمارة: هناك قواعد نظرية من السنة النبوية تدعو إلى الوسطية والاعتدال، وهناك خطاب عام للناس جميعا في قوله صلى الله عليه وسلم: " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " وأضاف أبو عمارة نصوص السنة كثيرة في طلب الوسطية ومنها اليسر لاتباطهما بصلة وثيقة بينهما والمحور الثاني : الجانب العملي في سنة النبي تدعو إلى الوسطية ومنها فعله صلى الله عليه وسلم" ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما" و" نهى أن يصلي وهو يدافعه الأخبثان". وأكد أبو عمارة أن المحور الثالث هو إنكار رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما تشدد من الصحابة : ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم :"عليكم من الأعمال ما تطيقون والله لا يمل الله حتى تملوا " واختتم أبو عمارة كلمته بالحديث عن المحور الرابع في السنة التي تدعو إلى الوسطية وهو النهي الصريح من الرسول صلى الله عليه وسلم عن التشدد أو التنطع، وأكد أن من يسر الإسلام وسماحته أن جعل التكاليف قد الاستطاعة والقدرة عليها فإن لربك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا .