سيطرت علي المشهد السياسي أمس حالة من الارتباك جراء تراجع معدلات المشاركة والتصويت في اليوم الأول للمرحلة الأولي من انتخابات مجلس النواب. وقد رصدت الأهرام المسائي مجموعة من الصور لتحليل ذلك العزوف الذي أرجعه سياسيون إلي نظام الانتخاب نفسه مؤكدين أن مصر في هذه الظروف تحديدا كان لابد لها من استخدام نظام التمثيل النسبي القوائم النسبية فيما أكد البعض الآخر ان تخوف البعض من حل المجلس بسبب بعض القوانين مثل قانون تقسيم الدوائر أو مباشرة الحياة السياسية وكذلك رجوع بعض رموز النظام القديم سواء فلول أو إسلام سياسي كلها أمور أصابت الناخب بالاحباط وخلقت لديه مللا واصابته بالفتور خاصة أن هذه هي المرة الثامنة التي نطالبه فيها بالنزول للتصويت وهو يعلم أنها ربما لن تكون الأخيرة في وقت قريب. وأرجع الدكتور وحيد عبد المجيد أستاذ العلوم السياسية ضعف المشاركة إلي النظام الانتخابي المعمول به, وقال هذا نظام لا يصنع انتخابات جاذبة لمعظم الناخبين لأنه قائم علي المقاعد الفردية في الأساس فحصر التنافس بين أصحاب الأموال والعصبيات العشائرية والقبلية وغيب هذا البرامج والأفكار والتصورات وكل ما يتعلق بقضايا الوطن فلم يجد الناخب شيئا يتعلق به في هذه الانتخابات اذ يري أن المرشحين يستهدفون الوصول إلي المقاعد ويستخدمون ما لديهم من مصادر قوة سواء مالية أو نفوذ عائلاتهم في الأرياف وبالتالي كل من ليس له علاقة بالدائرة ينصرف عن التصويت وأضاف نبهنا إلي هذا وقلنا ان نظام الانتخابات الفردية في هذا الظرف تحديدا وفي ظل مستوي تطور المجتمع سوف يؤدي إلي انتخابات هزيلة لا يجد معظم الناخبين مكانا لهم فيها. واستكمل أستاذ العلوم السياسية قائلا من يريد انتخابات حقيقية بعد ذلك عليه أن يعترف بأن كل من قال إن نظام الانتخاب الفردي يصلح لمصر فقد أخطأ وكان يجب أن تتم تلك الانتخابات بنظام التمثيل النسبي القوائم النسبية لأن ذلك يصنع انتخابات حقيقية بها برامج وأفكار وتصورات ومرشحون يعرفون معني البرلمان ودوره, فمعظم المرشحين في هذا البرلمان يتعاملون معه وكأنه مجلس محلي إنما هم ليسوا معنيين بالتشريع أو الرقابة أو مناقشة السياسات العامة بل معنيون بشئون دوائرهم المحلية. وحذر عبد المجيد من عمل البرلمان في غياب المجالس المحلية مؤكدا أن ذلك سيكون سببا لسعي الناخب خلف من يملكون الأموال لانتخابهم سدا لهذا الفراغ وسوف يجبر ذلك القطاع الأكبر علي العزوف عن التصويت. وقال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق إنه توقع هذا الإقبال الضعيف علي الانتخابات ولكن ليس بهذه الدرجة وعاد بسببه إلي أن تعرض مصر خلال الفترة الماضية للعديد من الأمور التي أربكت المشهد السياسي منها وزراؤها الذين لا علاقة لهم بالسياسة ولا يعنيهم ما يحدث في مصر يضاف إلي ذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي عولجت بأساليب خاطئة وفي وقت خاطيء وحرج, يضاف إلي ذلك تعرض المشهد لمن غاب عنهم الذكاء السياسي وظلوا يوحون للناس أنهم يتبعون رئيس مصر وأن الأمور ترتبت مما صدر للناس شعورا بعدم الفائدة من ذهابهم لصناديق الانتخاب كما أن إدانة المحكمة للجنة العليا للانتخابات واتهامها بالتحيز كان أمرا خطيرا علق بذهن الناس وأعطاهم صورة غير جيدة عن الانتخابات ورغم ذلك وعلي كل المستويات, أناشد المواطن المصري رغم كل هذه الأخطاء التي يجب أن يحاسب عليها مرتكبوها أن يذهب ويختار المرشح المناسب الذي يستحق ولا يعطي ظهره للصندوق فمن يفعل ذلك سيعطي ظهره للوطن. لعدم الذهاب خطورة شديدة جنبنا الله أياها. في غضون ذلك أرجع الدكتور محمد سلمان طايع أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات إلي عدة عوامل منها أن الشعب المصري لم يصل بعد إلي النضج السياسي ليعرف أن مرحلة ما بعد الثورات غالبا تعاني من عدم استقرار البلاد علي عدة أصعدة وهو ما أصاب الناخب بحالة من الملل لأنه تصور أن الأمر كله لا جدوي منه وأنه سيبذل جهدا وبعدها قد يحل المجلس نتيجة عوار في قانون مباشرة الحياة السياسية أو تقسيم الدوائر أو غيره من الأمور العديدة وأضاف طايع حالة من التشرذم أفقدت الحياة السياسية بريقها وأفقدت المشهد السياسي حرارته المعهودة بالإضافة لعدم استطاعة أي من الأحزاب العمل علي أرضية مناسبة اصاب الناس بالإحباط يضاف لذلك ظهور بعض الرموز القديمة التي يحسبها الناخب علي الإسلام السياسي أو فلول الحزب الوطني وكذلك تكرار العملية الانتخابية والذهاب للاقتراع مرارا ودخول فئات كثيرة مجهولة لا يعرفها الناخب أدخلت علي العملية الانتخابية كلها أمور أفقدت الناخب الحماسة وجعلته ربما يعود إلي المربع صفر قبل الثورة, وحذر طايع من الكتلة التصويتة الكبيرة وهي المحسوبة علي الإخوان سواء كانوا إخوانا أو مناصرين لهم كالسلفين حيث تري هذه الفئة أن مجرد عمل الانتخابات البرلمانية انجاز للنظام الحالي الذي يصفونه بالانقلاب وقال هذا قطاع ليس بالقليل بالإضافة إلي الفئة التي لا ترغب أيضا في استكمال الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق كلها أمور توضح سبب العزوف وانا أؤكد أننا أمام انتخابات نزيهة ولكنها ضعيفة الإقبال.