تعديل لائحة النقابة العامة للعاملين بالزراعة والري والصيد واستصلاح الأراضي    تضامن النواب: ارتفاع موازنة "القومي للمرأة" من 34 مليون جنيه ل663 في 10 سنوات    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 55 جنيهاً    رئيس الوزراء يتفقد مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بديوان عام المحافظة    إيهاب منصور يقترح تحديد زيادة القيمة الإيجارية على أساس مساحة الوحدة وموقعها وحالة المستأجر    عاجل- السيسي يصل مقر إقامته في موسكو للمشاركة في احتفالات عيد النصر    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    وزير الشباب ومحافظ بني سويف يتفقدان حزمة من الأنشطة والفعاليات بمركز التنمية الشبابية    عاجل - مصدر خاص يكشف كواليس إبعاد ميدو عن لجنة إنقاذ الزمالك " شيكات مفتوحة وصفقات مشبوهة"    ضبط تشكيلين عصابيين استخلصوا مادة فعالة من عقار طبي تستخدم في تصنيع مخدر الآيس    تصاعد الأزمة القانونية بين بوسي شلبي وورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز    مدبولي: مستوى مستشفى طنطا العام الجديد يضاهي أعلى مستشفيات في العالم.. ويتوافر به 300 سرير    "عبدالغفار" يستقبل وفد مجموعة برجيل الطبية لبحث سبل التعاون المشترك بالقطاع الصحي    جامعة العريش تتألق في قمية الكشافة البحرية للجامعات بشمال سيناء ورئيس الجامعة يكرم الطلاب المشاركين    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    محافظ المنوفية يتفقد المركز التكنولوجي والوحدات الصحية بطليا    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يلتقى محافظ طوكيو لبحث التعاون فى مجالات بناء القدرات الرقمية ودعم ريادة الأعمال    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    عاجل.. حسام حسن خارج قيادة منتخب مصر في كأس العرب 2025 وطاقم جديد يتولى المهمة    شقيق سولاري يزيد الغموض بشأن خليفة أنشيلوتي    غياب هنداوي وعودة الطيار وقداح.. قائمة منتخب اليد لمواجهة البرازيل وديًا    محافظ مطروح يتفقد أعمال النظافة والتطوير بشارع الريفية    الأرصاد الجوية تكشف عن حالة الطقس المتوقعة ليومي الخميس والجمعة: استمرار الارتفاع في درجات الحرارة    موعد إجازة عيد الأضحى 2025 وكم يفصلنا عن وقفة عرفات؟    لازم تعرفي| نصائح للأمهات لتوعية أولادهن ضد التحرش    تكثيف جهود البحث عن فتاة متغيبة منذ يومين في القليوبية    الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة يشهد توقيع اتفاقية للتعاون التقني بين مجموعة السويدي ومركز (سيرسي) الإسباني لأبحاث موارد الطاقة    افتتاح معرض "على ورق 2" لعلى حسان بمركز محمود مختار الثقافى.. الليلة    الصفا الثانوية بنات يتفوق على كل أفلام علي ربيع في السينما (بالأرقام)    زواج وعلاقات.. 3 أبراج تشعر ب«الاشمئزاز» من الشريك بسهولة    القومي للترجمة وكلية اللغات بجامعة مصر يوقعان اتفاق لتعزيز التبادل الثقافي    غرفة المنشآت السياحية: الاستثمار في الإنسان هو الأذكى.. وتأهيل الطلاب للضيافة ضرورة لتطوير السياحة    اعتماد 12 مدرسة بشمال سيناء من قِبل الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد    قصور الثقافة تحتفل بختام مشروع الحكي الشعبي غدا على مسرح السامر    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    الدخان الأسود يتصاعد مجددًا من الفاتيكان مع عدم إتمام عملية انتخاب البابا الجديد    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    وزير الري: كاميرات لقياس التصرف على ترعة الإسماعيلية    الجريدة الرسمية تنشر قرارات رد الجنسية المصرية ل42 شخصا    بوتين: التبادل التجارى مع الصين بلغ أكثر من 244 مليار دولار    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    جثة ال17 طعنة.. المؤبد للمتهمين في جريمة «السلاكين» بنجع حمادي    جامعة المنيا الأهلية تُنشئ منظومة اختبارات إلكترونية وتُجهز 4 معامل لكلية الذكاء الاصطناعي    وزير خارجية إيران: زيارتي للهند تهدف لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة    الصحة العالمية تكشف أهداف حملة اليوم العالمى للامتناع عن التبغ لعام 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تزوير مصر

وضع »‬الفئات المميزة» ضمن المقاعد المقررة لتعيينات الرئيس، والمحددة بنص دستوري قاطع لا لبس فيه، يعطي للرئيس حق تعيين خمسة بالمئة من إجمالي أعضاء البرلمان
المقصود بالعنوان ليس التزوير الإجرائي غير المتوقع في انتخابات البرلمان المقبلة، بل التزوير السياسي، والسبب ببساطة في نظام الانتخاب الفردي الذي جري اختياره، والذي يشجع علي تفشي دواعي وأدوار المال والبلطجة والعصبيات، ولا يفرز نوابا للرقابة والتشريع، بل نواب خدمات، يتظاهرون بخدمة الناس، وهم يخدمون أنفسهم، ويستثمرون في المقاعد لكسب وحماية مصالح غير مشروعة، ويحولون القصة كلها إلي مزايدة مالية لا مسابقة سياسية، ويكونون برلمانا أشبه بالبورصة، لا يمثل سوي أقلية الأقلية من الناخبين، ولا يحضر فيه سوي المضاربين، بينما يغيب صوت الناس بأغلبيتهم الساحقة، ويجري تزوير صورة مصر ذات التسعين مليون مواطن والتسعين بليون وجع.
والمعروف، أن الاقتراع يجري علي 420 مقعدا بنظام الدوائر الفردية، وعلي 120 مقعدا بنظام القوائم المطلقة، وقاعدة التصويت واحدة في الحالتين، فالذي يفوز نظريا بنصف الأصوات زائد صوت واحد، ينتهي إليه المقعد أو المقاعد المقررة، وهو ما يؤدي عمليا إلي إهدار أصوات غالبية الناخبين، ورمي اختياراتهم في أقرب مقلب زبالة، وحرمانهم من أي تمثيل في البرلمان، وللإيضاح، تخيل مثلا أن مئة ناخب ذهبوا للتصويت في دائرة ما، وبعد عمليات الحصر والفرز والذي منه، يجري احتساب النتائج، وإعلان فوز الحاصل علي 51 صوتا، وهو ما يعني إهدار تمثيل 49 بالمائة من أصوات الناخبين، وهذه هي الحالة الأقل سوءا، والأقل توقعا في غالب الأحوال والدوائر، وحيث لا يتوقع فوز أحد من الجولة الأولي، ويجري اللجوء لانتخابات إعادة، بسبب الكثرة المتوقعة في أعداد المرشحين هذه المرة، والتي قد تصل إلي 30 ألف مرشح، يتنافسون علي 540 مقعدا لاغير، ومع خوض انتخابات الإعادة، ينخفض عدد الناخبين في مثالنا الإيضاحي، بسبب خروج أغلب المرشحين وأنصارهم من حلبة التنافس، ويتراجع عدد المصوتين المئة في الجولة الأولي إلي 20 صوتا في يوم الإعادة، وبعد إعادة الحصر والفرز والذي منه، يجري إعلان النتائج النهائية، ويفوز الذي يحصل علي 11 صوتا بالمقعد أو بالمقاعد المقررة، وهو ما يعني أن 11 صوتا من المائة حسمت الانتخابات لصالحها، واحتكرت فرص التمثيل البرلماني، وحرمت 89% من الناخبين، لا ينالهم من القصة كلها غير تعب الذهاب للتصويت و»سواد الوش»، والعودة لمنازلهم بخفي حنين، فقد أخذت »‬أقلية الأقلية» مقاعدها وطارت، وإلي حيث التمثيل البرلماني المزيف المحتكر لحق الشعب كله (!).
وفوق تزوير إرادة الناس، فقد أهدر النظام الانتخابي المختار مبدأ المساواة بالجملة، ليس فقط بسبب بدعة »‬القوائم المطلقة» للفئات المميزة، والمترتبة علي بدعة »‬التمثيل الملائم» الواردة بنصوص المواد الانتقالية المؤقتة في الدستور، وهو تعبير مطاط غير منضبط قانونا، وليست له من دلالة محددة يرد الإجماع عليها، فالملائم عند »‬فلان» ليس كذلك عند »‬علان»، وهو ما استدعي تلفيقا تشريعيا غير دستوري بالمرة، وتقسيم القوائم المطلقة الأربعة إلي فئتين، قائمتين من فئة الخمسة وأربعين عضوا، وأخريين من فئة الخمسة عشر عضوا، وبما زاد الطين بلة، وأهدر مبدأ المساواة بين الناخبين، تماما كما أهدر مبدأ المساواة بين المرشحين، ووصم العملية كلها بالبطلان حتي قبل أن تجري، فوق الترقيع العبثي المزاد المنقح في تقسيم الدوائر الفردية، واصطناع دوائر بثلاثة نواب، وأخري بنائبين، وثالثة بنائب واحد لا غير، وبما جعل القصة كلها في مقام »‬العك» غير المسبوق، وحول مصر إلي ألف بلد، كل بلد بقانون يخصها، وجعل الناس طبقات بعضها فوق بعض، وأهدر بديهية تكافؤ الفرص، فلا فرص متساوية للناخبين، ولا مساواة في الفرص بين المرشحين، وهو ما يهدد بحل البرلمان المقبل في أقرب وقت، يختاره من بيدهم الأمر في اللجوء للمحكمة الدستورية العليا.
نعم، تزوير وحجب لإرادة غالبية المصريين، و»عك قانوني» فوق العادة، وعودة لإحياء نشاط »‬ترزية» التلفيقات والترقيعات، والذين ذهبوا بالمخلوع مبارك إلي حتفه المستحق، ويريدون الانتقام من الثورة وأهلها، وحصار الرئيس السيسي ببرلمان معلق علي عصا أقلية الناخبين، يصادر أصوات الغالبية التي اختارته رئيسا بما يشبه الإجماع الوطني، وينشر مشاعر القلق والإحباط، فوق إهدار مليارات الجنيهات في انتخابات ضالة، تنتهي إلي برلمان باطل دستوريا، وقابل للحل في أقرب فرصة، وبدعوي أن كل شيء تمام، وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وأنه لا حل سوي برلمان مرشح للحل، وهذه كذبة مفضوحة، فقد كان يمكن ببساطة تجاوز بدعة »‬التمثيل الملائم»، ووضع »‬الفئات المميزة» ضمن المقاعد المقررة لتعيينات الرئيس، والمحددة بنص دستوري قاطع لا لبس فيه، يعطي للرئيس حق تعيين خمسة بالمائة من إجمالي أعضاء البرلمان، أي 27 عضوا، ومع ترك المقاعد المقرر انتخابها، وعددها 540، لاقتراع تتساوي فيه فرص الناخبين وفرص المرشحين تماما، ويكفل عدالة التمثيل البرلماني لكل صوت انتخابي، وهو نظام القوائم النسبية غير المشروطة، والموزعة علي دوائر متساوية تماما في ثقلها السكاني والتصويتي، وهو نظام يجيزه الدستور المستفتي عليه، ويقلص تأثيرات المال والبلطجة والعصبيات العائلية والجهوية، ويعطي لانتخابات البرلمان قيمتها وصفتها الطبيعية كعملية سياسية بامتياز، تكون الغلبة فيها للبرامج لا للأشخاص، وتفرز برلمانا للرقابة والتشريع، لا بورصة لجماعات المصالح المشبوهة، وتخلق أحزابا شعبية كبري، وتنهي ظاهرة أحزاب الدكاكين والبوتيكات ونوادي الروتاري (!).
وقد قلنا وكتبنا ونبهنا إلي كارثة تزوير صورة مصر مرارا وتكرارا، وبحت أصواتنا، وجفت أقلامنا، وتاهت صرخاتنا، وذهبت تحذيراتنا مع الريح، وبدا كأننا عدنا إلي حوار الطرشان، وعادت الأخت »‬ريمة» إلي عاداتها الرذيلة القديمة، فلا أحد يستمع أو يتدبر، ولا أحد يتوقف أو يتبين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وبالشعب إذا صحا.
وضع »‬الفئات المميزة» ضمن المقاعد المقررة لتعيينات الرئيس، والمحددة بنص دستوري قاطع لا لبس فيه، يعطي للرئيس حق تعيين خمسة بالمئة من إجمالي أعضاء البرلمان
المقصود بالعنوان ليس التزوير الإجرائي غير المتوقع في انتخابات البرلمان المقبلة، بل التزوير السياسي، والسبب ببساطة في نظام الانتخاب الفردي الذي جري اختياره، والذي يشجع علي تفشي دواعي وأدوار المال والبلطجة والعصبيات، ولا يفرز نوابا للرقابة والتشريع، بل نواب خدمات، يتظاهرون بخدمة الناس، وهم يخدمون أنفسهم، ويستثمرون في المقاعد لكسب وحماية مصالح غير مشروعة، ويحولون القصة كلها إلي مزايدة مالية لا مسابقة سياسية، ويكونون برلمانا أشبه بالبورصة، لا يمثل سوي أقلية الأقلية من الناخبين، ولا يحضر فيه سوي المضاربين، بينما يغيب صوت الناس بأغلبيتهم الساحقة، ويجري تزوير صورة مصر ذات التسعين مليون مواطن والتسعين بليون وجع.
والمعروف، أن الاقتراع يجري علي 420 مقعدا بنظام الدوائر الفردية، وعلي 120 مقعدا بنظام القوائم المطلقة، وقاعدة التصويت واحدة في الحالتين، فالذي يفوز نظريا بنصف الأصوات زائد صوت واحد، ينتهي إليه المقعد أو المقاعد المقررة، وهو ما يؤدي عمليا إلي إهدار أصوات غالبية الناخبين، ورمي اختياراتهم في أقرب مقلب زبالة، وحرمانهم من أي تمثيل في البرلمان، وللإيضاح، تخيل مثلا أن مئة ناخب ذهبوا للتصويت في دائرة ما، وبعد عمليات الحصر والفرز والذي منه، يجري احتساب النتائج، وإعلان فوز الحاصل علي 51 صوتا، وهو ما يعني إهدار تمثيل 49 بالمائة من أصوات الناخبين، وهذه هي الحالة الأقل سوءا، والأقل توقعا في غالب الأحوال والدوائر، وحيث لا يتوقع فوز أحد من الجولة الأولي، ويجري اللجوء لانتخابات إعادة، بسبب الكثرة المتوقعة في أعداد المرشحين هذه المرة، والتي قد تصل إلي 30 ألف مرشح، يتنافسون علي 540 مقعدا لاغير، ومع خوض انتخابات الإعادة، ينخفض عدد الناخبين في مثالنا الإيضاحي، بسبب خروج أغلب المرشحين وأنصارهم من حلبة التنافس، ويتراجع عدد المصوتين المئة في الجولة الأولي إلي 20 صوتا في يوم الإعادة، وبعد إعادة الحصر والفرز والذي منه، يجري إعلان النتائج النهائية، ويفوز الذي يحصل علي 11 صوتا بالمقعد أو بالمقاعد المقررة، وهو ما يعني أن 11 صوتا من المائة حسمت الانتخابات لصالحها، واحتكرت فرص التمثيل البرلماني، وحرمت 89% من الناخبين، لا ينالهم من القصة كلها غير تعب الذهاب للتصويت و»سواد الوش»، والعودة لمنازلهم بخفي حنين، فقد أخذت »‬أقلية الأقلية» مقاعدها وطارت، وإلي حيث التمثيل البرلماني المزيف المحتكر لحق الشعب كله (!).
وفوق تزوير إرادة الناس، فقد أهدر النظام الانتخابي المختار مبدأ المساواة بالجملة، ليس فقط بسبب بدعة »‬القوائم المطلقة» للفئات المميزة، والمترتبة علي بدعة »‬التمثيل الملائم» الواردة بنصوص المواد الانتقالية المؤقتة في الدستور، وهو تعبير مطاط غير منضبط قانونا، وليست له من دلالة محددة يرد الإجماع عليها، فالملائم عند »‬فلان» ليس كذلك عند »‬علان»، وهو ما استدعي تلفيقا تشريعيا غير دستوري بالمرة، وتقسيم القوائم المطلقة الأربعة إلي فئتين، قائمتين من فئة الخمسة وأربعين عضوا، وأخريين من فئة الخمسة عشر عضوا، وبما زاد الطين بلة، وأهدر مبدأ المساواة بين الناخبين، تماما كما أهدر مبدأ المساواة بين المرشحين، ووصم العملية كلها بالبطلان حتي قبل أن تجري، فوق الترقيع العبثي المزاد المنقح في تقسيم الدوائر الفردية، واصطناع دوائر بثلاثة نواب، وأخري بنائبين، وثالثة بنائب واحد لا غير، وبما جعل القصة كلها في مقام »‬العك» غير المسبوق، وحول مصر إلي ألف بلد، كل بلد بقانون يخصها، وجعل الناس طبقات بعضها فوق بعض، وأهدر بديهية تكافؤ الفرص، فلا فرص متساوية للناخبين، ولا مساواة في الفرص بين المرشحين، وهو ما يهدد بحل البرلمان المقبل في أقرب وقت، يختاره من بيدهم الأمر في اللجوء للمحكمة الدستورية العليا.
نعم، تزوير وحجب لإرادة غالبية المصريين، و»عك قانوني» فوق العادة، وعودة لإحياء نشاط »‬ترزية» التلفيقات والترقيعات، والذين ذهبوا بالمخلوع مبارك إلي حتفه المستحق، ويريدون الانتقام من الثورة وأهلها، وحصار الرئيس السيسي ببرلمان معلق علي عصا أقلية الناخبين، يصادر أصوات الغالبية التي اختارته رئيسا بما يشبه الإجماع الوطني، وينشر مشاعر القلق والإحباط، فوق إهدار مليارات الجنيهات في انتخابات ضالة، تنتهي إلي برلمان باطل دستوريا، وقابل للحل في أقرب فرصة، وبدعوي أن كل شيء تمام، وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وأنه لا حل سوي برلمان مرشح للحل، وهذه كذبة مفضوحة، فقد كان يمكن ببساطة تجاوز بدعة »‬التمثيل الملائم»، ووضع »‬الفئات المميزة» ضمن المقاعد المقررة لتعيينات الرئيس، والمحددة بنص دستوري قاطع لا لبس فيه، يعطي للرئيس حق تعيين خمسة بالمائة من إجمالي أعضاء البرلمان، أي 27 عضوا، ومع ترك المقاعد المقرر انتخابها، وعددها 540، لاقتراع تتساوي فيه فرص الناخبين وفرص المرشحين تماما، ويكفل عدالة التمثيل البرلماني لكل صوت انتخابي، وهو نظام القوائم النسبية غير المشروطة، والموزعة علي دوائر متساوية تماما في ثقلها السكاني والتصويتي، وهو نظام يجيزه الدستور المستفتي عليه، ويقلص تأثيرات المال والبلطجة والعصبيات العائلية والجهوية، ويعطي لانتخابات البرلمان قيمتها وصفتها الطبيعية كعملية سياسية بامتياز، تكون الغلبة فيها للبرامج لا للأشخاص، وتفرز برلمانا للرقابة والتشريع، لا بورصة لجماعات المصالح المشبوهة، وتخلق أحزابا شعبية كبري، وتنهي ظاهرة أحزاب الدكاكين والبوتيكات ونوادي الروتاري (!).
وقد قلنا وكتبنا ونبهنا إلي كارثة تزوير صورة مصر مرارا وتكرارا، وبحت أصواتنا، وجفت أقلامنا، وتاهت صرخاتنا، وذهبت تحذيراتنا مع الريح، وبدا كأننا عدنا إلي حوار الطرشان، وعادت الأخت »‬ريمة» إلي عاداتها الرذيلة القديمة، فلا أحد يستمع أو يتدبر، ولا أحد يتوقف أو يتبين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وبالشعب إذا صحا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.