أكد عدد من السياسيين والأكاديميين، في تصريحات خاصة ل"رصد"، أن ضعف إقبال المواطنين على اللجان الانتخابية لاختيار مرشحي مجلس النواب المقبل، مؤشر لغضب جماعي من النظام المصري، يتخلل تحته رفض لأجواء تلك العملية الانتخابية. وكان المستشار عمر مروان، المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، قد صرح بأن نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية وصلت إلى 2.27%، موضحا أن كبار السن فوق 60 عاما هم الأكثر مشاركة والأقل نسبة مشاركة في الفئة العمرية من 18 حتى 21 عاما، وبلغ عددهم 263 شابا فقط منذ بدء التصويت في التاسعة صباحا. ويبلغ تعداد من لهم حق التصويت في تلك المرحلة 27 مليونًا و402 ألف و353 ناخبًا، يتوزعون على 103 لجان انتخابية عامة، في حين يبلغ عدد المراكز الانتخابية 5460 مركزًا، يضم كل منها مجموعة من اللجان الفرعية. الشعب فقد الحماس وقال الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه يتوقع أن الإقبال يستمر في الضعف، لأن الانتخابات تأخرت عن موعدها الدستوري، والناس فقدت الحماس وبها غضب كبير تجاه ما يحدق ولا توجد تنافسية حقيقية، لدرجة أن المصريين لا يعرفون خريطة المرشحين وبرامجهم. ووصف حسني، في تصريح ل"رصد"، البرلمان القادم ب"المشوه" قائلا: "البرلمان القادم إلى حد كبير سيكون مشوها فلن يكون مجلس نواب قويا، لأنه ببساطة سيصبح في معية السلطة التنفيذية، وليس هناك رهان على أن يشكل تغيير في خريطة مصر السياسية". وحول نسبة الفوز بين القوة المشاركة، قال حسني: "مصالح رجال الأعمال ستكون لها النصيب الأكبر، وحزب النور سيقوم بدور المعارضة الإسلامية، لكن لا شيء سيغير الأمر، ففي النهاية كل نواب البرلمان القادم مجرد ممثلين". واختتم حسني حديثه: "نتيجة البرلمان لن تتأثر بعزوف المواطنين، فكل الكشوف في يد السلطة، وبدورها ستحدد عدد الناخبين كما هو معتاد، والأرقام كلها "هتنضرب" بشكل مُرض لهم ومعاكس للحقيقة، ولا أستبعد أن يكون هذا البرلمان شرارة لثورة جديدة مثلما كان برلمان 2010". فقدان الثقة وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات خاصة ل"رصد"، أن تستمر هذة الحالة ولكن بدرجة أقل و الدولة ستحاول استخدام كل ما في وسعها لزيادة عدد الناخبين ومنها قرار منح الموظفين نصف يوم أجازة غدًا لكنه لن يجدي نفعًا. وأضاف نافعة في تصريح ل"رصد"، أن السبب الرئيسي هو عدم وجود حافز لدى المواطنين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، كما أنهم على يقين أن هناك رجل واحد يمسك في السلطة وبالتالي تيقنوا ان انتخاب برلمان من هذا النوع لن يغير شئ جيد. وأرجع نافعة ضعف الاقبال لسبب ثالث قائلا:"إن قانون الانتخابات، وتقسيم الدوائر فالناخب يجد صعوبة في معرفة المرشحين، والمشكلة الأساسية هي الحالة السياسية، التي ادت إلى عزوف الشباب على رأسهم الرموز منهم اللذين يعيشون حالة من الاحباط بعد شعورهم بان ثورة 25 يناير سرقت منهم". واختتم : إذا استمرت الحالة على هذا النمط، في أن يصبح إجمالي الناخبين لا يزيد عن 10 % من نسبة الناخبين، فسيصبح البرلمان على أكتاف الرئيس وليس على مقاسه كما كان مرجو من البعض، ففي النهاية لم يجد الشعب برلمان يعبر عنه، والسلطة التشريعية ستبقى تحت إمرة الرئيس وليس الشعب. نفور شعبي واعتبر الدكتور جمال حشمت، عضو برلمان 2012، ضعف الإقبال هو حالة من النفور لدى الشعب المصري تجاه النظام، قائلا: "الشعب عبر عن غضبه بالصمت وعدم المشاركة في مسرحية هزلية مكتوب لها سيناريو البداية والنهاية منذ فترة". وأضاف حشمت، في تصريح ل"رصد"، أن المصريين رفضوا الانصياع لأوامر الجنرالات والإملاءات الإعلامية الموجهة لهم، مؤكدا أن هذا العزوف علامة عن ثورة قريبة من كل فصائل الشعب المصري، سواء من عارضوا السيسي في البداية أو الآن. عدم المنافسة أكد الدكتور عمار علي حسن، الباحث السياسي، أن أسباب قلة ذهاب الناخبين المصريين إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثلهم في البرلمان ترجع إلى موجة الإحباط السائدة في البلاد بعد ظهور وجوه قديمة وغياب المنافسة. وحذر عمار، من خطورة انصراف الناس عن العملية السياسية الشرعية، مضيفًا: "إذا كفر الناس بالتغيير من خلال الطرق الطوعية التي يرتبها الدستور ومؤسسات الدولة سيلجؤون للتغير بأدوات أخرى"، لافتًا إلى أن تزوير نتائج انتخابات برلمان 2010 كان أحد عوامل اندلاع ثورة 25 يناير. وأكد المحامي والناشط الحقوقي، نجاد البرعي، أن التصويت ضعيف جدا بالمحافظات ال14 التي تجري بها الانتخابات في المرحلة الأولى. وقال البرعي، في تصريح خاص ل"رصد"، إن "إصدار قوانين مثل قانون التظاهر وسجن الشباب والتضييق على حرية الإعلام، كان له أثر سلبي على المواطن المصري وعدم ثقته في تحقيق الأفضل". وحول دعوة السيسي المواطنين للتصويت، بيّن البرعي أن الانتخابات الحالية تقييم لشعبية السيسي؛ حيث إن ارتفاع عدد المصوتين سيؤكد قوة شعبيته، وضعفها يؤكد أن شعبيته تتراجع. وفي ما يتعلق بمشاركة الشباب في التصويت، اقترح البرعي على السيسي تخصيص لجان لتصويت الشباب داخل السجون؛ لأن معظم الشباب يقبع الآن خلف السجون بسبب قوانينه.