والنساء هن حتشبسوت.. الملكة الفرعونية وهيباثيا الفيلسوفة التي أحرقها المتعصبون الدينيون في الإسكندرية القديمة لجرأتها في التفكير والأميرة فاطمة اسماعيل ابنة الخديو اسماعيل التي ضحت بمصاغها وأملاكها لكي تبني الجامعة والتي هي جامعة القاهرة الآن والعالمة الدكتورة سميرة موسي التي اغتالها الأعداء لنبوغها في علم الذرة وهدي شعراوي الثائرة المستنيرة في تاريخنا الحديث.. هؤلاء هم نخبة من نساء مصر اللاتي اجتمعن علي مسرح الجمهورية في عرض درامي راقص قدمته أحدي فرق دار الأوبرا فرقة فرسان الشرق للتراث وهي فرقة حديثة قدمت من قبل عرضين هما المولد والزيبق.. قدم العرض من خلال خيط درامي بسيط يمثل صراعا بريئا بين تلميذ وتلميذة حول أحقية كل منهما في أن يكون هو الرائد للفصل.. هذا يري أن الرجل هو الأحق بالقيادة وتلك تري أن المرأة ليست أقل منه وتدلل علي ذلك بتلك المجموعة من نساء مصر الخالدات المؤثرات في تاريخ مصر الحضاري. قدم ذلك العرض في قالب راقص أقرب إلي الباليه معتمدا علي عناصر شابة من الراقصين والراقصات الذين بذلوا جهدا كبيرا يستحق التشجيع.. ولكن الجمهور لم يكن كبيرا لأسباب كثيرة.. أولها الدعاية وآخرها إقبال الجمهور علي هذا النوع من العروض الذي يكاد يكون رقصا تعبيريا خالصا.. فالجمهور المصري والشعب المصري عامة شعب درامي.. تستهويه الدراما بدءا من حكاوي الربابة للسير الشعبية وحتي مسرحيات وأفلام الدراما العنيفة.. ذلك لأن حياته نفسها دراما! كما تستهويه الأغاني لا الموسيقي المجردة.. أي أنه يحب أن يسمع لا أن يري فقط يجب أن يسمع ويري.. ولكن في هذا العرض كان الرقص هو العنصر الطاغي المتلاحق الذي لم يترك فرصة للمشاهد أن يتنفس وهذه مسئولية المخرج. قام المؤلف المسرحي طارق راغب بالربط بين الراقصات بخط درامي بسيط وهام.. كان يجب أن يبرزه المخرج أكثر فهو الذي سيوصل المعني للمشاهد وهو الذي سيعطي للراقصات معني خاصة أن المخرج طارق حسن.. هو مصمم الرقصات أيضا بمساعدة المدربة سوزي فياض.. قام بالأداء التمثيلي أمجد أرتيست ومي إبراهيم.. وقد كان هذا الجانب التمثيلي هزيلا بالنسبة لفخامة الرقص والديكور ولم يكن هناك تجانسا بين الجانبين وهذه مسئولية المخرج أيضا. أما الرقص أو الأداء الراقصي فقد برعت فيه كل من شيرلي أحمد حتشبسوت وياسمين سمير وميرة موسي وماريان يسري هدي شعراوي.. كما لابد لي أن أبدي اعجابي الخاص بالديكور الذي صممه محمد الغرباوي وهو ديكور جدير بدار الأوبرا والملابس هالة محمود وكذلك بالمختارات الموسيقية التي كانت مناسبة تماما للرقصات. وأخيرا الشكر الخاص للدكتورة ايناس عبدالدايم رئيس هيئة الأوبرا المصرية والتي تدير مملكة كاملة من الجمال.