سيناء هي أرض الأنبياء فهي التي مر عليها إبراهيم عليه السلام مع زوجته السيدة الفاضلة سارة.. وفيها تنزلت ألواح التوراة علي نبي الله موسي وقد ذكر القرآن تفاصيل نزول الوحي علي نبي بني إسرائيل العظيم.. وعبرها مضي موسي وهارون وبنو إسرائيل هربامن فرعون لفتح القدس من العماليق. وسيناء هي الجزء الوحيد في مصر الذي ذكره القرآن وأثني عليها وعلي ثمارها وشجرة تخرج من طور سيناء وهي التي دخل من خلالها المسيح وأمه مريم وأمه العذراء عليهما السلام هربا من بطش اليهود والرومان.. وهي التي جاء منها عمرو بن العاص فاتحا لمصر وناشرا لخير الإسلام وبره. ومنها انطلق جيش صلاح الدين الأيوبي ليهزم الصليبيين في حطين ثم يحرر القدس بعدها. ومنها انطلق جيش مصر بقيادة قطز وبيبرس ليهزم التتار لأول مرة وتبدأ سلسلة إذلالهم وهزائمهم علي أيدي بيبرس وقلاوون وتلاميذهم. وسيناء هي الأرض المباركة التي وطأتها أقدام الرسول جميعا الذين قدموا الي مصر..ومنها أيضا جاء آل البيت من الشام طلبا للأمن و الأمان. واليوم ومنذ ثورة25 يناير وسيناء خاصة شمالها في قبضه أنصار بيت المقدس أشرس تنظيم تكفيري عولمي(multinational) تعرفه مصر طوال تاريخها.. وهو التنظيم الوحيد في تاريخ مصر الذي بايع تنظيم داعش. وهو أول تنظيم مصري يذبح مواطنين مصريين مسلمين ومسيحيين جهرا ويفخر بنشر صور الذبح عبر قنوات التواصل الاجتماعي. وهو أول تنظيم يواجه الجيش المصري فقد كانت التنظيمات السابقة تعادي الشرطة فقط أما أنصار بيت المقدس فقد أجرت أسوأ المذابح للجيش والشرطة.. ومنها مذبحة رفح الأولي والثانية وكرم القواديس والفرافرة1,2 فضلا عن عشرات التفجيرات في مقار الجيش والشرطة وهو أول تنظيم يسقط طائرات مصرية ويفجر مدرعات.. وهو أول تنظيم يمتلك صواريخ أرض جو.. وأرض أرض وهاونات وR.B.J وهو أول تنظيم يعمل في مساحة40 كم في40 كم.. وهي المنطقة نفسها المنصوص عليها في مشروع بيريز لتهجير الفلسطينيين إلي سيناء في مشروع الشرق الأوسط الكبير. ولكن هذا التنظيم بدأ يحتضر الآن وينكمش انكماشات سريعة وظاهرة ويذبل ذبولا واضحا.. ويتوقع الكثير من المحللين إما نهايته أو هجرته للأراضي المصرية بالكلية أو عودة الكثير من عناصر إلي غزة هربا عبر الأنفاق. صحيح أن الضربات التي وجهها الجيش المصري للتنظيم كانت تعد أقصي وأقسي الضربات التي وجهت لتنظيم مسلح في تاريخ مصر فلم يواجه الجيش المصري أي تنظيم آخر بالطائرات والمدرعات مثلما واجه دواعش أنصار بيت المقدس.. ولكن التنظيم صمد أمام كل هذه الضربات اعتمادا علي البيئة الجبلية الوعرة التي سهلت له أماكن الاختباء والاختفاء والمناورة والدخول في الدروب والمغارات الجبلية واستخدام الأنفاق لعبور الحدود واستغلال كل الأسلحة الثقيلة التي خزنها لسنوات استعدادا للحرب مع الدولة المصرية. ولكن الجديد الآن والذي غير كل موازين القوي هو دخول القبائل في حرب مفتوحة ضد التنظيم الداعشي.. وقد وصل عدد القبائل المتحالفة ضد التنظيم23 قبيلة وافقوا علي بيان قبيلة الترابين اذي أعلن الحرب ضد دواعش الأنصار والذي جاء فيه: لقد تماديتم في الغي والعداون وتلوثت أيديكم بالدماء البريئة وانتهكتم الحرمات وتخطيتم كل الحدود الحمراء وتدثرتم بعباءة الدين وهو منكم براء.. وقد صبرنا حتي أقمنا عليكم الحجة بالعرف والعقل والنقل والشريعة.. وأشهدنا عليكم القاصي والداني حتي برئنا من دمائكم وأرواحكم.. لذلك نعلنها: أن نحوركم حلال لنا وقلوبكم سوادة لرصاصتنا وأجسادكم ستسكنها التراب بإذن الله.. ونحن علي الحق المبين.. وآن أوان الذود عن النفس والعرض والمال فلا تلوموا أنفسكم إذا احتدمت المعركة تري ما الذي جعل قبيلة الترابين تحتشد للحرب والنزال بهذه الصورة.. وما الذي جعل كل القبائل تقف معهما في فندق واحد وتتحالف معها. وتري ما الذي يدفع هذه القبيلة أن تغامر بدخول الحرب ضد التنظيم الداعشي القوي والعولمي والممتد في بلاد كثيرة.. بل إن قبيلة الترابين جردت حملة عسكرية لحرب التنظيم ثم أعلنت في بيان لاحق لها أنها طهرت كل أرض القبيلة من مجموعات التنظيم الداعشي وأنهت وجوده تماما. والإجابة عن هذه الأسئلة قد تكون في الآتي: 1- خرق التنظيم الداعشي كل الأعراف الشرعية والقبيلة والعشائرية في سيناء بقتله وذبحه للطفل فارس المشوخي15 عاما بحجة تعاونه مع الأمن والجيش.. وهذا لا يحدث أبدا بين القبائل التي لا تحاسب الأطفال بل تعود باللائمة علي الآباء والكبار إن كان ثمة لائمة. 2- خرق التنظيم الداعشي لكل الأعراف السيناوية والقبلية والشرعية المتعارف عليها وذلك بقتل امرأة من قبيلة الترابين بنفس الحجة السابقة.. وهو ما يعتبرونه عارا لا يمحي إلا بالدم والحرب. 3- قتل التنظيم لعبد الباسط الأسطل لأنه رفض استلام منشور للتنظيم وطالبهم بعدم توزيعه في منطقته لأن ذلك يدخلهم في صدام لا يريدونه ولا يرغبونه مع الدولة المصرية. 4- تدمير بيت شيخ قبيلة الترابين إبراهيم العرجاني في سابقة غير معهودة لدي البدو إذ أن لمنزل الإنسان حرمة كبيرة.. خاصة أن رجال التنظيم ذهبوا للمنزل في غيبته وأخرجوا النساء والأطفال ثم فجروا البيت. 5- ذبحهم بعض رجال القبائل بعد صلاة الجمعة أمام المصليين بلا استثناء.. ولم يستطع أحد من المصلين صدهم أو ردهم عن هذا الفعل الشنيع. 6- قيامهم بذبح وقتل23 شيخا من شيوخ القبائل من قبل.. وخاصة قتلهم لشيخ قبيلة الترابين.. ثم قتل ابنه من بعده.. وذبح قرابة100 شاب سيناوي بعضهم من القبائل وبعضهم من سكان رفح والشيخ زويد وبعضهم من أبناء الوادي. لقد دقت طبول الحرب من قبل القبائل علي التنظيم الذي أصبح محاصرا بشدة من الجيش والشرطة من جهة ومن القبائل من جهة أخري. لقد تحملت القبائل السيناوية الكثير والكثير من العنت فقد وقعت بين طرفي الكماشة بين مؤسسات الدولة المصرية التي تشك في كل أحد وبين الدواعش الذين يذبحون ويكفرون الناس بالشك.. فقد قتل بعض أبنائهم إما عن طريق الخطأ من الدولة المصرية وإما عن طريق الذبح المتعمد من الدواعش.. وتم تهجيرهم من أرض المعارك بين الطرفين وانقطعت أرزاق بعضهم.. ورغم ذلك لم يرحمهم الدواعش.. ولم تهتم بهم الدولة الاهتمام الكافي.. بل تركت سيناء الشمالية بالذات بلا بنزين وسولار بالأيام ولا كهرباء بالساعات وبلا مياه بالساعات. لقد ذاق الإنسان السيناوي المرار من هذه الحرب وفي النهاية لم تجد القبائل بدا من حرب داعش وخاصة بعد أن ذاق صغارها وكبارها ونساؤها الذبح مع التكفير والتخوين. فهل تعد حرب القبائل علي دواعش سيناء الحلقة الأخيرة في مسلسل تنظيم أنصار بيت المقدس ؟!.. أم ماذا؟!