في18 أبريل عام1955 عقد مؤتمر باندونج بإندونيسيا, وحضرته وفود29 دولة أفريقية وآسيوية, واستمر لمدة ستة أيام, وكان النواة الأولي لنشأةحركة عدم الانحياز وشارك فيه الرئيسعبد الناصربالإضافة إلي رئيس وزراءالهندجواهر لال نهرووجوزيف تيتورئيسيوغسلافياوالرئيس السوداني إسماعيل الأزهري حيث تبني المؤتمر مجموعة من القرارات لصالح القضايا العربية وضد الاستعمار. وبعد مرور ستين عاما علي المؤتمر الأول أو التأسيسي كما يطلق عليه البعض شهدت اندونيسيا الأسبوع الماضي فاعليات مؤتمر افريقيا آسيا لاحياء افكار مؤتمر باندونج ولكن بطريقة تتناسب مع المتغيرات التي شهدها العالم خاصة خلال العشرين سنة الماضية والتي عاصرت تحولات جذرية في العديد من المناطق في مقدمتها الشرق الاوسط وبالتالي حدوث تغييرات جوهرية في سياسة الدول تجاه تلك المنطقة طبقا للتحولات والمعادلات الجديدة بها بالاضافة إلي ما شهده العالم من اختلال في موازين القوي وسيطرة واشنطن علي مقاليد الأمور لسنوات طويلة بدأت تتغير مع الظهور القوي لكل من الصين وروسيا علي المسرح الدولي كلاعبين رئيسين في التأثير علي مجريات الأحداث في العالم. ولذا فان المشاركة الدولية الكبيرة في فاعليات المؤتمر وبحضور مصر انما يعكس رغبة عالمية كبيرة في خلق نظام دولي جديد قائم علي التوازن والعدل خاصة في ظل قيام واشنطن باستخدام معايير مزدوجة في التعامل مع القضايا المختلفة خاصة ما يتعلق منها بدول العالم الثالث سواء في افريقيا أو آسيا وهو ما دفع قادة الدول المشاركة الي المطالبة بتعزيز التعاون الآسيوي- الأفريقي, مقترحين أن تسعي الدول في القارتين إلي تحقيق تنمية مشتركة تقوم علي الكسب المتكافئ ومواءمة إستراتيجيتها التنموية وترجمة تكاملها الاقتصادي كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ- إلي قوة محركة للنمو المشترك.وتوسيع التعاون بين بلدان الجنوب, خاصة التي تواجه مهام متشابهة تتمثل في تسريع التنمية وتحسين مستوي معيشة الشعوب. ولاشك ان وجود مصر في هذا المحفل الدولي يؤكد عودة الرؤية المصرية تجاه دعم التعاون متعدد الاطراف سواء مع الدول الافريقية أو الاسيوية لأن هذا المنتدي يمثل رمزا للتعاون والتنسيق بين الدول النامية في مواجهة الدول الكبري والتي تسعي فقط للحفاظ علي مصالحها وتنميتها دون الالتفات إلي مصالح الدول النامية ولذا فإن القاهرة بمشاركتها في هذا المنتدي أثبتت للعالم ان هناك استراتيجية جديدة للتعامل مع العالم النامي ووجود رؤية واضحة لدعم وتعزيز التعاون بكافة صوره وأشكاله من خلال السعي لاقامة مشاريع مشتركة مع الدول الآسيوية وفي مقدمتها الصين ومع الدول الافريقية- والتي بدأت مصر تعود اليها بقوة- خاصة مع دول حوض النيل وفي مقدمتها أثيوبيا. وأعتقد أن الدور الذي قامت به اندونيسيا في دعم مباديء مؤتمر باندونج سواء عام1955 او خلال المؤتمر الاسبوع الماضي انما يجسد حجم التضامن بين الدول الاسيوية والافريقية- كما قال الرئيس الاندونيسي جوكو ويدودو- ونظرا للظلم والتباين الواضح في المجتمع الدولي, فان روح باندونج مازالت تحمل أهمية واقعية في يومنا هذا.وأن اندونيسيا مستعدة للعمل مع الدول النامية الاخري لدفع بناء نظام اقتصادي وسياسي عالمي عادل ومنصف. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة علي الشارع السياسي المصري كيف يمكن لمصر أن تستفيد من هذه التجمعات الدولية في دعم التعاون علي كافة المستويات مع الدول الاعضاء وهل هناك رؤية لدي الحكومة لكيفية خلق تعاون واقعي مع دول الجنوب سواء في افريقيا أو آسيا خاصة إذا علمنا أن هناك رغبة كبيرة من قبل تلك الدول في تعميق التعاون مع القاهرة في كافة المجالات خاصة التعاون الاقتصادي بما يعود بالنفع علي شعوب تلك الدول وأيضا يسعي إلي وقف هيمنة الدول الكبري علي مقدرات الاقتصاد العالمي. [email protected]