سعر الدولار اليوم يقفز عالميًا بعد الهجوم الإيراني الجديد (قائمة أسعاره الجديدة)    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 16 يونيو بسوق العبور للجملة    بعد عمله اليومى.. محافظ قنا يتجول بدراجة فى شوارع المحافظة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 16-6-2025.. هبوط كبير تجاوز 900 جنيه    رئيس جهاز حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران المدني لبحث سُبل التعاون بين الجانبين    إعلام عبري: مقتل 4 إسرائيليين جراء إصابة مباشرة بصاروخ إيراني في بيتح تكفا    وصول بعثة الأهلى لفندق الإقامة فى نيوجيرسى.. صور    ليس تريزيجيه.. ميدو يحمل هذا اللاعب مسؤولية إهدار ركلة جزاء الأهلي ضد إنتر ميامي    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «كارمن» بمسرح الطليعة ويشيد بصناعه | بالصور    منتخب السعودية يستهل مشواره في الكأس الذهبية بالفوز على هاييتي بهدف    ميدو يتحدث عن أمنيته ل الأهلي في كأس العالم.. ويوجه رسالة بشأن زيزو (فيديو)    مدرب بالميراس: مباراة بورتو ستساعدنا على التحضير لمواجهة الأهلي    قوات الحرس الثورى الإيرانى تُسقط 3 طائرات إسرائيلية فى زنجان وسنندج    ترامب: بوتين مستعد للوساطة.. واتفقنا على إنهاء التصعيد في الشرق الأوسط    الضربة الاستباقية الإسرائيلية ضد إيران بين الفشل والنجاح    عادل عقل: تعادل بالميراس وبورتو يشعل مجموعة الأهلى.. وفوز كبير للبايرن بمونديال الأندية    وسائل إعلام إسرائيلية: عدة مواقع في تل أبيب تعرضت لدمار كبير    إيران تشن أوسع هجوم صاروخي على إسرائيل حتى الآن    أحمد السقا يرد على تهنئة نجله بعيد الأب.. ماذا قال؟    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    انكسار حدة الموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تعلن مفاجأة بشأن طقس الساعات المقبلة    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    مجموعة الأهلي.. نتيجة مباراة بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    مصرع طفلتين في حريق بمنزل أسرتهما بالزقازيق    ضبط موظف تحرش براقصة أرجنتينية في العجوزة والأمن يفحص    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صهيونية في ظل الأهرامات

الوثائق التي جمعتها الباحثة الصهيونية روث كيمحي تؤكد التواطؤ البريطاني الصهيوني لتهجير يهود مصر إلي فلسطين‏..‏ فقد كان زي الجيش البريطاني كلمة السر‏,‏ وتحته تخفي نشطاء الحركة الصهيونية
لتحويل مصر إلي مركز اقليمي يتجمع فيه يهود من إيران والعالم العربي وأوروبا تمهيدا لتهجيرهم إلي فلسطين بحرا أو عبر سيناء‏.‏ وتقول الباحثة في كتابها صهيونية في ظل الأهرامات ان فكرة جامعة الدول العربية كانت تحديا لقادة الصهيونية فازداد نشاطهم قبيل الاعلان عن قيام الجامعة حتي عام‏1946..‏ ففي تلك الفترة كان الجيش البريطاني بمصر يضم نحو سبعة آلاف عنصر صهيوني وأدي هذا التواطؤ إلي نجاح عملية قطار الفصح عام‏1946‏ والتي انتقل فيها نحو أربعة آلاف مهاجر صهيوني إلي فلسطين‏,‏ وتؤكد الباحثة ان السلطات البريطانية كانت علي علم بعملية التهجير بالملابس العسكرية البريطانية اضافة إلي عمليات التهجير بالقطار‏.‏
وتقول كيمحي إن قادة المباحث البريطانية كانوا يحذرون الوكالة اليهودية من ضلوع المسئولين فيها من عمليات التهجير هذه مجرد تحذير‏,‏ ومع تزايد عملية التهجير في مايو عام‏1946‏ قبيل موعد تسريح المجندين الصهاينة من الجيش البريطاني في مصر كانت هذه السلطات تضاعف رقابتها علي حركة القطارات وكانت تفرض قيودا علي عودة الجنود الصهاينة إلي مصر بعد قضاء عطلاتهم في فلسطين‏,‏ إلا أن الباحثة لم تذكر أن السلطات البريطانية قد ألقت القبض علي أي من اليهود المهاجرين المتخفين في زي الجنود البريطانيين أو القبض علي المسئولين الصهاينة في مصر عن عمليات التهجير غير الشرعية أو حتي الشرعية وبالرغم من أن الصحف المصرية كانت تنشر دوما أخبارا عن عمليات التهجير غير الشرعية للصهاينة التي تجري في مصر‏,‏ إلا أن السلطات المصرية كما تقول الباحثة لم تبذل أي جهود خاصة لمنع عمليات التهجير هذه‏,‏ كما تقول إنه لم تكن هناك معارضة مصرية رسمية لعمليات التهجير طالما لم يكتشف أمر هذه العمليات‏.‏
خلاف بين المؤسسات
وتزعم الباحثة أن السلطات المصرية لم تول اهتماما في هذه المرحلة بهذا الموضوع‏,‏ بل انها كانت تتجاهل شكاوي صريحة كانت تتلقاها من آباء الشبان الصهاينة‏.‏ ومع انتهاء عطلة عيد الفصح ومع تسريح المجندين الصهاينة من الجيش البريطاني في مصر لم يعد هناك مجال للاستمرار في عمليات التهجير بالقطار‏,‏ أي التهجير البري‏.‏ لذا قررت مؤسسة التهجير الصهيونية اللجوء إلي عمليات التهجير البحري والبدء في تنفيذها في‏29‏ يونيو عام‏1946‏ وأخذت تجري الاستعدادات للتنفيذ‏,‏ إلا أن عملية التنفيذ تأجلت مع اعتقال السلطات الانجليزية لعشرات المهاجرين الصهاينة من أعضاء حركات الشباب بعد اكتشاف وثائق معهم تكشف عن تفاصيل عمليات التهجير التي كانت تتم برا‏,‏ وصدرت الأوامر بوقف عمليات التهريب البري تماما وتأجيل عمليات التهجير البحري مؤقتا‏,‏ ودب الخلاف والجدل بين المؤسسات الصهيونية‏,‏ ولم يتم التوصل إلي اتفاق بينهم‏.‏ وقد أدي ذلك إلي اللجوء إلي عمليات التهجير العشوائي في منتصف عام‏1946,‏ حيث كانت مؤسسة التهجير الصهيونية تقوم بتهجير اليهود بتأشيرات سياحية مقابل رشاوي‏.‏ ففي القاهرة كان يقوم وسيط‏(‏ من قبلها‏)‏ باستخراج تأشيرات من القنصلية البريطانية مقابل عشرة جنيهات استرلينية للتأشيرة‏.‏ وفي الاسكندرية كان هناك وسيط من مؤسسة التهجير يجلب تأشيرات سياحية لأي متقدم يهودي‏,‏ كما كان هناك يهودي آخر يقوم بعمليات تهريب للمهاجرين منذ عام‏1943‏ لايزال مستمرا في تهريب المهاجرين بسفن صغيرة بالتنسيق مع منظمة الهاجاناه وبهذه الوسيلة كانت تهرب أسر يهودية بأكملها‏,‏ كما كان يجري تهريب الشبان اليهود العاطلين الباحثين عن عمل‏,‏ وظلت عمليات التهريب العشوائية هذه مستمرة لمدة ثمانية أشهر‏,‏ حتي ان القنصلية البريطانية بالقاهرة طلبت من الوكالة اليهودية المسئولة الرئيسية عن تهجير اليهود من مصر‏,‏ ومن كل الدول التدخل للحد من أعداد المهاجرين الذين يحصلون علي تأشيرات سياحية وتقرر فرض بعض القيود‏,‏ منها عدم منح تأشيرات إلا للمسافرين لأغراض تجارية أو للعلاج‏.‏
وإزاء هذه القيود‏,‏ وللتغلب عليها أوفدت مؤسسة التهجير الثانية مبعوثا إلي مصر هو‏(‏ موشي بن أشير‏)‏ في فبراير عام‏1947‏ لبحث الوضع والتوصية بطرق عمل محتملة لاستئناف عمليات التهجير بقوة‏.‏ وبالفعل وصل المبعوث إلي مصر وقام بزيارة للقاهرة والاسكندرية وبورسعيد ودمياط ثم عاد إلي فلسطين وقد اقترح عدة طرق للعمل‏.‏
وكانت المرحلة الأخيرة من عمليات التهجير السرية‏,‏ الهجرة الثالثة تتم بوثائق سفر مزورة في نهاية فترة الانتداب البريطاني لمصر في عامي‏1947‏ 1948‏ وكانت بداية هذه الهجرة‏(‏ الهجرة الثالثة‏)‏ في مطلع عام‏1947‏ وأطلق عليها اسم هجرة صدوق علي اسم متبرعها ومنفذها‏,‏ وكانت هذه الهجرة تتم عن طريق اعداد ختامات مزورة وطبع طوابع القنصلية في فلسطين‏,‏ وبهذه الوسيلة نجح الصهاينة في تزوير مختلف التأشيرات البريطانية والتي كان من الصعب كشفها من فرط دقتها كالتأشيرات السياحية وتصاريح الهجرة والعمل وتأشيرات المقيمين العائدين إلي فلسطين‏,‏ كما كان الصهاينة يقومون بتغيير الصور الفوتوغرافية بجوازات السفر القديمة وتغيير بياناتها ولمنع اكتشاف عمليات التزوير هذه لأي سبب من الأسباب او حدوث اية اعطال جند مسئولو هذه الهجرة موظفا لتفتيش جوازات سفر اليهود بميناء حيفا‏,‏ وكان يسمح بمرور اي جواز سفر او تأشيرة دخول مقابل رشوة‏.‏
وبهذه الوسيلة كان يهرب الآلاف من المهاجرين الصهاينة من مصر او القادمين اليها من اوروبا وبهذه الوسيلة ايضا كان المهاجرون يستردون خطابات الضمانات‏(‏ اي مبلغ الستين جنيها استرلينيا التي كان يودعها كضمان يستردها بعد عودته من فلسطين إلي مصر‏)‏ ايضا هذه الوسيلة‏,‏ حيث كانت تختم جوازات السفر بخاتم دخول مصر ومغادرة فلسطين كان المبعوثون الصهاينة من كل المؤسسات الصهيونية يدخلون ويخرجون من مصر في اي وقت يريدون وبأي أعداد وذلك بعد نزع صور جوازات السفر واستبدالها بأخري‏,‏ وحينما بدأت عمليات تهجير الفتيات بحركات الشباب كان مسئول مؤسسة التهجير الثالثة يسجل اسماء الازواج المزورة في نفس وثيقة العبور توفيرا للحاجة إلي الحصول علي وثيقتي عبور وتأشيرتين وايداع مبلغ الضمان مرتين‏,‏ وبهذه الوسيلة كان يتم تهريب كل فتيات حركات الشباب‏,‏ وبعد وصول المهاجرين والمهاجرات الصهاينة إلي ميناء حيفا كان المسئولون الصهاينة يجمعون هذه البطاقات ويعيدونها إلي مصر عبرالحقائب ذات القاعدة المزدوجة مع مندوب من المؤسسة‏,‏ وكانت الوثائق المزورة لا تسلم للمهاجرين قبل سفرهم بوقت طويل وإنما كانت تسلم لهم عشية سفرهم كي لا تكتشف عملية التزوير‏,‏ حيث لم يكن القنصل يوقع يوميا وإنما في أيام معينة من الأسبوع‏,‏ ونظرا لتزوير توقيع القنصل البريطاني ايضا فكانت عملية التسليم تؤجل لحين مجيء القنصل والتوقيع علي جوازات السفر الجديدة وتأشيرات السفر ايضا‏,‏ ولم تكن عملية التزوير تقتصر فقط علي تزوير التأشيرات السياحية فقط‏,‏ وإنما كان يتم تزوير كل أنواع الوثائق والشهادات والموافقات والتراخيص والتصاريح البريطانية والمصرية‏.‏
فكان يتم علي سبيل المثال تمديد فترة الإقامة بتصاريح الإقامة المزورة وكذلك تزوير تأشيرات الدخول والخروج لكي لا تكون هناك حاجة لخدمات القنصل المصري بالقدس حتي تصاريح الهجرة الرسمية كانوا يزورونها في الوقت الذي لم تكن تعمل فيها هذه التصاريح من القدس‏.‏
ولم يكتف الصهاينة بمؤسسة التهجير الثالثة‏(‏ الهجرة الثالثة‏)‏ بتزوير المستندات والاختام البريطانية بل كانوا يقومون بتزوير وثائق العبور المصرية ايضا‏,‏ ففي زيارة قام بها مسئول التهجير في مصر لمؤسسة التهجير الصهيونية في فلسطين بحث مع رئيس المؤسسة من ضمن ما بحثة امكانية تزوير شهادات العبور المصرية في فلسطين‏,‏ وتم الاتفاق علي تزويرها في فلسطين وارسالها عبر المبعوثين وكذلك تزوير طوابع القنصلية المصرية‏(40‏ قرشا‏),‏ ثم نزع الطوابع من بطاقات العبور المستعملة واعادتها إلي مصر‏.‏
نهاية الهجرة الثالثة
وبعد احداث نوفمبر عام‏1947‏ تفاقم الوضع وتوقفت عمليات التزوير وتضاءلت عمليات منح التأشيرات‏,‏ وفي فبراير عام‏1948‏ توقفت القنصلية البريطانية في مصر عن منح تأشيرات دخول لليهود لفلسطين لا لأصحاب جوازات سفر ولا للذين يحملون بطاقات عبور‏,‏ وبالتالي لم تعد هناك أية امكانية لاستخدام تأشيرات مزورة وبالتالي انتهت الهجرة الثالثة‏,‏ اي عملية التهجير الثالثة للصهاينة في مصر التي كانت قد بدأت في منتصف عام‏1947‏ واستمرت حتي بداية‏1948‏ ومرة أخري بدت الحاجة ملحة إلي البحث عن وسائل وطرق جديدة لتهريب باقي اليهود الموجودين في مصر‏.‏
عند هذا الحد توقفت الباحثة لتنتقل إلي لون آخر من النشاط السري الصهيوني في مصر في تلك الحقبة‏,‏ وهو كما تصفه بإقامة أطر لمنظمة الهاجاناه الارهابية الصهيونية في مصر بحجة الدفاع الذاتي او الدفاع عن النفس فتكشف الباحثة ان اساس نشاط منظمة الهاجاناه في مصر كان قد أرسي في الحرب العالمية الثانية علي أيدي اعضاء المنظمة الذين كانوا يخدمون بالجيش البريطاني في مصر‏,‏ وكان من صميم نشاطهم إقامة خلايا للهاجاناه بين الشباب الصهيوني‏.‏
وقد بدأت عملية إقامة هذه الخلايا في عام‏1942‏ عندما كان هناك خوف بين اليهود من احتمال قيام المانيا بغزو مصر وانسحاب الجيش البريطاني منها‏,‏ ومن ثم تقرر اعداد الحي اليهودي بالقاهرة لمواجهة احتمال قيام الجماهير المصرية بمظاهرات وتعرض اليهود للضرر واخذ اعضاء منظمة الهاجاناه بالجيش البريطاني بإرسال الاسلحة وتدريب الشبان من الحي علي استخدام هذه الأسلحة‏.‏
وبدءا من عام‏1943‏ بدأ أعضاء الهاجاناه بالجيش البريطاني انشاء فرق وجماعات عسكرية بين أعضاء المنظمة العاملين بالجيش لمواجهة رصد اعمال الشغب المحتملة بالقاهرة والإسكندرية‏,‏ وقام اعضاء هذه الفرق بتدريب الأعضاء من الشباب الصهاينة بحركات الشباب الصهيوينة ونشرهم في النقاط والأماكن الحساسة اثناء المظاهرات‏,‏ خاصة اثناء الخروج من المساجد في أيام الجمع والابلاغ عما يحدث عن طريق اكواد سرية متفق عليها للفصائل المستعدة بمعسكرات الجيش البريطانية من الجنود الصهاينة لمواجهة اعمال الشغب المزعومة من جانب المصريين‏,‏ وكان يتم تخزين الأسلحة بعد تهريبها من معسكرات الجيش في وحدة للخرائط كانت تقع بالقرب من القاهرة كما كانت تخزن بها الذخيرة التي كانت مخصصة ومعدة للإرسال إلي فلسطين‏,‏ وكان يتولي القيام بعمليات التهريب والتخزين الياهو كوهين وموشي جرشون بالقاهرة وجرشون رينوف بالإسكندرية‏.‏
التدريب علي القتال
وفي أكتوبر عام‏1945‏ كانت هناك مخاوف علي حد زعم الباحثة من احتمال قيام الجماهير المصرية باقتحام احياء اليهود ونواديهم فكان يتم تدريب اعضاء هذه النوادي من الشبان الصهاينة وكذلك الأعضاء في حركات الشباب علي أعمال القتال‏,‏ كما تم نشر وحدات مسلحة من الجنود الصهاينة بالجيش البريطاني بالقرب من الأماكن الحساسة وأحياء اليهود لكي يمكن الاستنجاد بهم عند الحاجة علي حد زعم الباحثة‏,‏ ولما كان الجنود الصهاينة من فلسطين الذين كانوا مجندين بالجيش البريطاني في مصر علي وشك العودة إلي فلسطين ومغادرة مصر رأي الصهاينة ضرورة إقامة تنظيم صهيوني مسلح من الشبان الصهاينة يقوم بمهمة الدفاع عن اليهود علي حد تعبير الباحثة وطالب ممثلو المؤسسات الصهيونية في مصر بضرورة إرسال مبعوث خاص من منظمة الهاجاناه لتنظيم الشبان الصهاينة في إطار عسكري يقوم بتدريبهم علي أعمال وبالفعل استجابت المنظمة الإرهابية وأرسلت مندوبا لها‏(‏ يدعي شلومو حافيليو‏)‏ لإقام إطار سري للدفاع عن النفس بمصر ووصل حافيليو هذا إلي القاهرة في ديسمبر عام‏1945‏ تحت ستار جندي بريطاني‏,‏ وبدأ لدي وصوله في تجنيد أول فرقة مركزية بمساعدة شخص آخر هو مسئول حركة مكابي الرياضية قبل تحويلها إلي حركة الطليعي الشاب وفي فترة وجيزة استطاع الاثنان تشكيل أول فرقة مركزية قتالية أطلق عليها اسم الإطار‏,‏ وقد اختير أعضاؤها من حركات الشباب من الذين خدموا بمنظمة الهاجاناة الإرهابية وتم تدشين الفرقة رسميا بعد أداء أعضائها يمين الولاء‏.‏
تدريبات بالذخيرة الحية
وكان أعضاء هذه الفرقة يلتقون مرة كل أسبوع في منزل أحد الأعضاء لإطلاعهم علي فصل في تاريخ منظمة الهاجاناه ولتدريبهم علي اساليب العمل والقتال بالحركة السرية وتعلم اساليب وطرق الدفاع عن النفس واستخدام الأسلحة الخفية وكانت عمليات التدريب العملي تتم بالقرب من الأهرامات في أيام الأحد‏,‏ وكان يتم تدريبهم علي الاشتباك والالتحام والقتال وجها لوجه‏,‏ كما كانت تشمل التدريبات تدريبات استخدام الأسلحة البيضاء وإلقاء القنابل اليدوية‏,‏ كما شملت التدريبات ايضا تدريبات بالذخيرة الحية في منطقة صحراوية تقع بين القاهرة وحلوان‏,‏ وكان يحضر هذه التدريبات فتيات صهيونيات ويهود أمريكيون معهم بنادق صيد للتمويه ولعدم إثارة الانتباه جراء استخدام الأسلحة الانارية الحية‏.‏
وبعد تشكيل أول وحدة قتالية قام أعضاء هذه الفرقة بتشكيل وحدات تم تدريبها علي أيدي مجندين صهاينة مقيمين في فلسطين‏,‏ وبعد بضعة أشهر أنشئت فرقة مركزية أخري في الإسكندرية‏,‏ وكان لقائد التنظيم هيئة أركان مكونة من قادة فصائل وآخرين يقولون وظائف إدارية‏,‏ وكان كل قائد فصيلة مسئولا عن عدد من الفرق وكانت هناك فصيلتان تعملان بالقاهرة وواحدة في الإسكندرية‏,‏ ولم يكن الهدف من إقامة هذا التنظيم في البداية أن يكون حركة شعبية أو جماهيرية وإنما شكلت علي أساس انتقائي وتطوعي وعلي مراحل وكان يتم تجنيد الشباب بالتوصية من اعضاء التنظيم أو بتزكية من مبعوثي حركات الشباب المدربين‏,‏ وبعد اختيار المرشح للتجنيد وإجراء مقابلة شخصية كان يجلس المرشح للتجنيد وراء ستاره ولا يري من يجري له المقابلة والاختيار وبعد موافقة المرشحين كانوا يؤدون اليمين علي التناخ كتاب التوراة وعلي مسدس‏,‏ وكان ذلك يتم في إحدي شقق الأعضاء‏,‏ وكان الأعضاء في البداية من أعضاء حركات الشباب‏,‏ ثم بعد ذلك من غير أعضاء حركات الشباب ومن غير الحركيين بها من غير الصهاينة كي يكتشف أمر التنظيم وللتمويه وكان يتم تجنيد الفتيات ايضا وكانت كل فصيلة تضم فتاتين وذلك للتمويه ايضا ولكي يبدو التنظيم وكأنه تنظيم اجتماعي‏,‏ وكان الأعضاء يخبئون الوسائل التي كانت تستخدم في التدريب داخل ملابسهم‏,‏ وكان يرأس التنظيم قائد وهو المبعوث الإسرائيلي وحوله قادة الفرق والمجموعات المحلية‏.‏
وفي بداية تشكيل‏,‏ هذا التنظيم العسكري كان هناك حرص شديد والتزام صارم بالسرية وحرص علي عدم إفشاء أية أسرار متعلقة به‏,‏ فكان قائد التنظيم‏(‏ حافيليو‏,‏ ثم جاك تسفيا‏)‏ كانا يقيمان في مصر بهوية مستعارة وكان قائد التنظيم لا يعرف سوي المجموعة المركزية وقادة الفصائل فقط‏,‏ وكانت السرية بين فرق ومجموعات التنظيم صارمة‏,‏ وكان العمل يجري بشكل منفرد مع الحفاظ علي الغطاء المناسب والسلاح وأدوات ووسائل التدريب وقد حرص قادة تنظيم الهاجاناه علي إخفاء نشاطهم عن قادة الجالية وأعضاء الجالية وعن أسر وعائلات أعضاء التنظيم‏,‏ بل وعن أعضاء حركات الشباب الطليعية ولم يحدث أي خلل أو أية حوادث أمنية خلال فترة نشاطه تؤدي إلي كشفه أو كشف نشاطه‏,‏ وكان هذا التنظيم لديه أسلحة خفيفة كان قد تركها الجنود الإسرائيليون بالجيش البريطاني‏,‏ وكان هذا السلاح يوزع علي الأعضاء في الفترة الأولي أثناء أوقات الطوارئ وعلي أعضاء المجموعة المركزية فقط ومع الوقت أقام التنظيم مخابئ سرية مركزية تحت الأرض‏,‏ وكان قادة المجموعات يحتفظون بسلاح شخصي للتدريب‏,‏ وكان أحد مخابئ السلاح الرئيسية يقع في الاسكندرية‏,‏ حيث كان قادة حركة الشباب الطليعي البار جوته وسيدفون قد تلقوا من إحدي الوحدات العبرية هناك أسلحة وذخيرة لم يتمكنا من نقلها إلي اسرائيل‏,‏ وقام كل من سيدفون وجوته بتجنيد سيارات خاصة من عملاء من الإسكندرية‏(‏ يهودا فيسمان وروجيه أوفنهايم‏)‏ وحصلوا علي السلاح وقاموا بإدخاله وتعبئته في أواني الألبان الكبيرة وأخفوا هذه الأواني في مخبأ سري في فناء مزرعة الألبان الخاصة بسيدفون خارج الاسكندرية‏.‏
ومخبأ للسلاح بالقاهرة
وفي القاهرة كان هناك مخبأ سري عميق كانت تخبأ فيه الأسلحة لأوقات الطوارئ في داخل الأرض في منطقة تقع بالقرب من الأهرامات وهناك مخابئ أخري سرية لحالات الاستعداد الجزئي كانت تمكن من الوصول وإلي الحصول علي الأسلحة بشكل أسرع‏,‏ وهذه المخابئ كان يتم إخفاؤها في مخازن تابعة للعملاء الصهاينة‏,‏ وكانت أسلحة قادة الجماعات والفرق تخبأ في مخابئ خاصة كانوا يقيمونها داخل قطع الأثاث بمنازلهم‏,‏ وبالنسبة لحي اليهود فقد أعدت خطة دفاع خاصة بالحي‏,‏ وقبل إعداد هذه الخطة قام أعضاء منظمة الهاجاناه بإعداد خرائط للحارات الموجودة بالحي وكذلك الممرات الموجودة بين المنازل وخرائط خاصة بمداخل ومخارج غرف السلاملك في حالة إذا ما دعت الحاجة إلي إخلاء الحي علي عجل ايضا أعدت خطة مشابهة لحي الظاهر الذي كان حيا مختلطا‏,‏ وقد تم التدريب علي هذه الخطط الدفاعية وتمت تحربتها في حالة الخوف من حدوث أعمال شغب واضطرابات نتيجة للتوتر الذي كان سائدا بالقاهرة وبعد حدوث اضطرابات أو مظاهرات معادية لبريطانيا في مثل هذه الحالات والمواقع كأن ينقل أمرا بالاتصال والحضور وكان أعضاء المنظمة يحضرون ويمثلون في مواقع تحددت سلفا‏,‏ وكانوا يقيمون في ابراج مراقبة ورصد مرتجلة ويقومون بجولات وهم ركوب وقد جهزوا أسلحتهم للاستخدام‏,‏ ولم تكن كميات الأسلحة كبيرة ولكن كان هدف الخطة هو ردع المشاغبين والمتظاهرين غير المنتظمين من المدنيين ووقف الاضطرابات لحين مجيء الشرطة وطوال فترة وجود المنظمة كانت هناك حوالي ثلاثة إنذارات والدخول في حالة الاستعداد إلا أنه لم تتطور الأحداث وبالتالي لم تكن هناك حاجة إلي التدخل الفاعل ورغم وجود تعليمات بعدم إقحام أعضاء التنظيم وإشراكهم في نشاطات اخري‏,‏ إلا أنه لم يكن هناك فصل تام بين مختلف النشاطات السرية‏,‏ وكان الأعضاء يتم إشراكهم في أنشطة أخري ايضا‏.‏
وكان هناك عضو في الهاجاناه هو ران هيطنه‏,‏ وكان يعمل عامل لاسلكي في محطة الاتصال السرية التي أقيمت بالمنطقة‏,‏ وكانت هناك فتاتان بالمنظمة تساعدانه‏,‏ وكان هناك اعضاء بمنظمة الهاجاناه يساعدون مبعوث مؤسسة التهجير الثانية‏,‏ وأخرون يساعدون أبراهام ممثل جهاز استخبارات الشاي منظمة الهاجاناه في جمع المعلومات والأخبار ويساعدونه ايضا فنيا‏,‏ حيث كانوا يصورون المواد الاستخباراتية ويترجمونها ويطبعونها‏,‏ بل إن أحد أعضاء منظمة الهاجاناه كان يساعد ممثل منظمة البالماح عندما وصل إلي مصر في صيف عام‏1947‏ في جمع معلومات استخبارية عن ميناء بورسعيد‏.‏
التدريب في فلسطين
وفي عام‏1946‏ كان المجندون الصهاينة بالجيش البريطاني الذين يخدمون بمصر والذين كانوا من المقيمين في فلسطين يسرحون من الجيش وقرر قائد تنظيم الهاجاناه في مصر تأهيل قادة موجهين ومدربين من صهاينة مصر لكي يقوموا بتدريب الفرق والمجموعات وقرر أن يكون التدريب في فلسطين فأخذ يرسل أعضاء التنظيم أفواجا وجماعات إلي كيبوتز منارا بالجليل الأعلي لتدريبهم هناك وكان أول فوج وعدده‏42‏ عضوا قد وصل إلي فلسطين من أعضاء تنظيم‏(‏ الإطار‏)‏ في يوليو من هذا العام‏(1946)‏ لتلقي دورة قادة الفصائل‏,‏ وكانت اعمارهم تتراوح بين‏18‏ و‏25‏ عاما‏,‏ وكان هؤلاء قد وصلوا تحت ستار قضاء عطلاتهم في فلسطين وعندما وصلوا فلسطين تلقوا بطاقات هوية إسرائيلية‏,‏ وكانت مدة الدورة التأهليلية ستة أسابيع‏,‏ وكان يقوم بتدريبهم أعضاء منظمة البالماح ومانت لغة التدريب الفرنسية‏,‏ أما الأوامر والتعليمات فكانت تلقي باللغة العبرية وشملت التدريبات محاضرات عن تاريخ منظمة الهاجاناه وتدريبات علي الأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية وعمليات التخريب وفي نهاية الدورة التأهيلية اجريت مناورة بالذخيرة الحية وكانت التدريبات جميعا تتم في جو ميداني‏,‏ حيث لم تكن هناك مياه ساخنة ولا كهرباء أو دورات مياه حديثة‏,‏ وكان المتدربون يقومون من نومهم بعد الفجر قبل شروق الشمس‏)‏ ويتلقون التدريبات المضنية طوال النهار‏,‏ وفي نهاية الدورة يحصلون علي شهادات تأهيل وبعد عودتهم إلي مصر كانوا بمثابة النواة الصلبة لمنظمة الهاجاناه في مصر والتي مكنت المنظمة من توسيع صفوفها ورفع درجة كفاءتها القتالية‏,‏ إلا أن تطوير إطار المنظمة الصهيونية في مصر لم يكن معلقا علي هؤلاء الأعضاء وإنما كانت هناك عقبتان رئيسيتان حالتا دون تطور فرع منظمة الهاجاناه في مصر هما‏:‏ الخلافات العنيفة التي كانت سائدة بين مندوب جهاز المعلومات‏(‏ الشاي‏)‏ بالمنظمة ليفي أفراهام وبين مبعوث منظمة البالماح شلومو حافيليو الذي كان يقوم بتدريب وتأهيل أعضاء منظمة الهاجاناه في مصر والعقبة الثانية كانت تتمثل ايضا في الخلافات التي كانت قائمة بين ممثل المنظمة الإرهابية الهاجاناه جاك تسفيا وبين القائد العام المسئول عن منظمة الهاجاناه بدول المشرق العربي يجال الون‏.‏
غدا‏:‏ الحلقة الأخيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.