أشرقت شمس أسوان بحرارتها رغم أن فصل الشتاء لم يعلن رحيله بعد وبدت حركة الناس طبيعية في كل أنحاء تلك المنطقة النائية علي أطراف المدينة العتيقة وخرج كل صاحب رزق للبحث عن قوت يومه ما بين عمال وموظفين ومزارعين حتي الطيور بدأت رحلتها علي صفحة النهر العظيم تبحث هي الأخري عن قوت يومها. كان كل شيء يبدو طبيعيا في المنطقة وفجأة هرول الناس وانتبه كل منهم لذلك الركب من رجال المباحث اللذين أتوا مدججين بالأسلحة وكأن حملة علي أحد أخطر الهاربين أو تجار المخدرات سوف تشنها تلك القوات ثم تبعتها سيارة الإسعاف وعدد من رجال النيابة حتي بدا الأمر أن جثة قد وقعت هكذا فهم الناس. ضرب الناس كفا بكف بعد أن علموا علي الفور من توتر المعلومات أن شاب تخلص من عمه بضربة فأس أنهت حياته وكأن أسوان قد أصبحت مسرحا للجرائم العائلية الغريبة والدخيلة علي المجتمع الطيب الذي كانت جريمة قتل واحده داخله تصيبه بالصدمة والاستغراب معا فما بين أسبوع وأخر اعتاد أهل المدينة الهادئة علي سماع أغرب القضايا والجرائم والحواديت المسيئة التي دائما ما تكون وراءها الأنثي في قضية شرف وكأن الشيطان يقبع في أسوان. سيناريو جريمة هذا الأسبوع في مدينة أسوان بدأ ببلاغ تقدم به شخص يدعي ن. أ.ر52 سنة إلي أمن أسوان يفيد بعثوره علي جثة شقيقه ح.ر الأربعيني العمر مسجاة علي الأرض داخل مسكنه بأحد المناطق النائية علي أطراف المدينة وبجوارها فأسا صغيرة ملطخة بالدماء. حيث تم تحرير المحضر2207 إداري قسم أول لسنة.2015 وعلي الفور كلف اللواء محمد مصطفي مساعد وزير الداخلية لأمن أسوان العميد أسعد الذكير مدير المباحث الجنائية بالمديرية بسرعة الكشف عن غموض هذه الجريمة حيث قام الذكير بتشكيل فريق من رجال المباحث الأكفاء تحت قيادة العميد خالد الشاذلي رئيس مباحث المديرية للتوصل إلي مرتكب جريمة القتل. كان أول ما فكر فيه فريق البحث الذي أجري تحرياته المكثفة عن سلوك المجني عليه الذي تبين أنه قد اعتاد استضافة العديد من أصدقائه كل يوم. وبحنكة رجال المباحث التقط العميد خالد الشاذلي خيط الجريمة من خلال الهاتف المحمول للمجني عليه الذي تركه الجاني سهوا دون أن يدري أن المكالمة الأخيرة ربما قد تقوده إلي حبل المشنقة. وخلال ساعات كان فريق البحث الذي ضم العقيد جودت عبد الجبار والرائد محمد الرفاعي رئيس مباحث قسم أول قد توصل إلي أن آخر مكالمة أجراها المجني عليه كانت مع فتاة تدعي م.س29 عاما حيث تم ضبطها لسؤالها عن علاقتها بالمجني عليه. في بداية التحقيق معها أنكرت الفتاة معرفتها بالواقعة إلا أنه بعد تضييق الخناق عليها عادت لتفجر مفاجأة من العيار الثقيل كاشفة عن أن القاتل هو م.ن25 سنة حبيب عمرها وزوج المستقبل الذي تنتظره وهو في نفس الوقت ابن شقيق القتيل! هنا توقف فريق البحث قليلا من هول المفاجأة ليعودوا بعدها وفي قبضتهم المتهم الذي بدأ يسرد سيناريو الجريمة موضحا أن عمه الذي يعمل موظفا بإدارة أوقاف أسوان لم يراع سنه الكبير ومكانته لأنه كان يعتبره بمثابة والده وبدأ بنصب مصيدته للإيقاع بمحبوبته لإقامة علاقة معها, علي الرغم من علمه بعلاقتهما العاطفية التي كانت ستكلل بالزواج قريبا, وعلي حد ما قال انه حاول أكثر من مرة مراودتها عن نفسها وهي ترفض حتي ضاقت ذرعا بتصرفاته الصبيانية فاضطرت أن تخبره بذلك حتي يضع حدا لهذه التصرفات, وفي جلسة حب جمعت بينه مع فتاته بدآ يخططا لارتكاب الجريمة والتخلص من العم بعد أن طلب منها مسايرته فيما يطلبه منها. وفي اليوم المحدد لارتكاب الجريمة تلقي المتهم مكالمة من محبوبته بالموعد المتفق عليه, حيث سبقها إلي منزل عمه متخفيا وظل مختبئا داخل دورة المياه لحين وصولها, وباتصال من هاتفها المحمول خرج من مخبأه حاملا فأسا صغيرا عاقدا النية علي التخلص من عمه, وفي لحظة شيطانية انهال ابن الأخ علي عمه محدثا به إصابتين قاتلتين وفر هاربا تاركا أداة الجريمة بجوار الجثة. وأمام نيابة قسم أول أسوان أعاد المتهم أقواله مفجرا مفاجأة أخري يعف القلم عن كتابتها, حيث أمرت النيابة بحبسه4 أيام علي ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد في الموعد القانوني.