تباينت ردود الفعل من أبناء مدينة المحلة والقري المجاورة لها عقب انتشار خبر استشهاد ابنيها اللذين كانا ممن نذر النفس والروح لخدمة تراب الوطن بين الصدمة والذهول والانغماس في ترديد الأدعية واحتسابهما عند الله من الشهداء. المشهد هنا عصي علي الوصف, بدأ التفاف الجميع وتماسكهم في سلوك واحد من دون اتفاق في تداخل الشكر والحمد مع الدموع في هيئة إيمانية نادرة, تعبر عن الامتنان الكامل لله عز وجل, والرضا بقضائه, وكتابة اسم المحلة في قائمة الشرف والعزة, لإنجابها من فدي الوطن من أبناء القوات المسلحة, مرددين طوال الوقت: حسبنا الله ونعم الوكيل. وكانت مدينة المحلة قد اتشحت أمس بالسواد, وسيطر الحزن علي جميع المواطنين, فور سماع نبأ استشهاد اثنين من أبنائها المخلصين صباح أمس في الحادث الإرهابي الخسيس الذي استهدف رجال القوات المسلحة بالشيخ زويد, وهما النقيب محمود دسوقي والمجند محمد مقبل, وقد توافد أهالي المدينة علي منزل عائلتي الشهيدين, وسيطر عليهم حالة من الحزن والبكاء الشديد لتقديم, واجب العزاء, كما طالب الأهالي بسرعة القصاص من القتلة المتهمين. وبنبرات مليئة بالشجون اكتست بالألم والأسي, تحدث محمود مقبل الموظف والد الشهيد محمد مجند القوات المسلحة لالأهرام المسائي قائلا: إنه يحتسب نجله عند الله شهيدا, وإن الله قد استرد أمانته, ولا اعتراض علي مشيئته. حيث قطعت شهقته حديثه وغلبته الدموع وردد: إنا لله وإنا إليه راجعون. وأوضح والد الشهيد أنه توقع بقلب الأب منذ تجنيده من خمسة شهور استشهاد نجله في سبيل الله والوطن, وخرج صوته بطيئا في إيمان ملحوظ مؤكدا أن ابنه كتب علي الفيس بوك الخاص به أنه غدا سوف يكون في غرفة مغلقة وبجواره ملكين, وأشار الأب وعيناه تغرغران بالدموع أنه أصر علي فتح المقبرة انتظارا لوصول جثمان ابنه الشهيد ودفنه بيده. وحدث شقيق الشهيد الأكبر أحمد في صوت متحشرج ومتقطع أن شقيقه الشهيد قام بزيارة أقاربه في آخر زيارة له منذ أسبوعين, كما كان آخر اتصال هاتفي معه قبل الحادث بساعات, حيث كان حريصا دائم الاطمئنان علي أفراد الأسرة. وأضاف أن الله قد منحه الشهادة, وعزاؤنا الوحيد أنه في جنة الخلد, وطالب المسئولين بسرعة القصاص من الخونة. بينما وقع خبر استشهاد عريس المحلة النقيب محمود الدسوقي نصر الدين علي أسرته كالصاعقة, كما لم تستطع زوجته الذي تزوج منها حديثا في نوفمبر الماضي تحمل الخبر, ودخلت في نوبة بكاء متواصل, حيث أكد أحمد العريان جار وزميل الشهيد أنه كان مثالا لرجل الجيش الملتزم والفدائي, وكان يعلم جيدا واجبه نحو وطنه وحجم الخطر الذي نعيشة جميعا في ظل هذه الظروف الصعبة والحرجة للبلاد, ورغم ذلك لم يرهبه أو يثنيه الخوف من الموت حيث قام بتجديد فترة تجنيده عامين جديدين لخدمة القوات المسلحة بلاخوف رغم المخاطر الحالية, حرصا علي خدمة الوطن بكل إخلاص وتفان وأمانة, ولا نزكيه علي الله ولكن حقه لن يضيع هدرا, ولدينا ثقة كاملة في القيادات المسئولة بمطاردة الإرهابيين والقصاص منهم وتقرر إقامة جنازة عسكرية وشعبية مهيبة للشهيدين تنطلق من أكبر مساجد المدينة بالمحلة فور وصول جثمانيهما, ومن المنتظر أن يتقدمها جميع القيادات الأمنية بالغربية وعائلة الشهيدين والآلاف من الأهالي والمواطنين للمشاركة في تشييع جثماني الشهيدين.