اختلطت معاني و دلالات مجزرة الإسكندرية الإرهابية علي البعض, و الذي تعامل معها علي خلفية مفاهيم المحنة الطائفية, رغم كونها عملية إرهابية من الدرجة الولي استهدفت ترويع الأمة المصرية من دون استثناء. و رغم صحة الحديث عن العملية الإرهابية, إلا أننا لا نستطيع تجاهل جوانب طائفية في الموضوع اطلت برأسها و فرضت نفسها علي الحدث, بما لا يمكن تجاهله, أو التعامل معه باستهانة. فهناك طرف من أطراف المعادلة يشعر بالغبن و الظلم, و تسربت إلي نفوسه مشاعر الاضطهاد, تعامل مع المحنة بمنطق الأزمة الدينية و الاستهداف الذاتي من الآخر, وخلط بين مظاهر طائفية أطلت برأسها في المجتمع في الآونة الأخيرة و بين مجزرة الإسكندرية متعاملا مع الحدثين بمفهوم التواصل. واستغل هذه الأحداث فريق من المتطرفين و المتشددين هناك, محاولين استخدام المحنة لدفع الأمور في اتجاه تعميق المظاهر الطائفية, و توتير الأوضاع بأشكال و وسائل استفزازية, تتيح إمكانية الصدام بين المسلمين و المسيحيين, توطئة للمطالبة بالتدخل الدولي و فرض الحماية علي أقباط مصر. من هنا كان من الصعب التعامل مع المحنة بمفهوم الإرهاب وحده, فأنت لا تستطيع فرض رؤيتك علي جماعة من البشر اختلطت الأمور في داخلها بحكم الغضب الكامن في النفوس, و كان من الضروري بل من الأهمية بمكان إظهار دلائل التضامن و مشاعر التوحد بين المصريين جميعا لنفي المظاهر الخاطئة من أذهان البعض. ليست المسألة في تأكيد كون الحادث إرهابي من عدمه في هذه المرحلة البالغة الحساسية في التاريخ المصري, قدر ما يجب استيعاب غضب البعض, و تحمل نتائج سلبية أفرزتها دعوات طائفية حقيقية في فترات سابقة, لنتمكن في مناخ أفضل صحية من بناء درع من الإجراءات الكفيلة ببناء مجتمع صحي يتعامل مع الإرهاب مباشرة دون الحاجة إلي الوقاية من بعض مضاعفاته. الضمانة الحقيقية هي تكريس مبدأ المواطنة و إنفاذ القانون علي أصحاب الدعوات الطائفية.