أكد خبراء الاقتصاد أن البنوك المصرية تعاني فائضا كبيرا في السيولة الموجودة لديها نتيجة العجز الواضح خلال السنوات العشر الأخيرة في تمويل المشروعات الإنتاجية دفعتها إلي الاتجاه إلي الإقراض الاستهلاكي والمنافسة الشرسة علي برامج الإقراض الاستهلاكي بهدف تصريف السيولة غير المستغلة, خاصة أن نحو55% من إجمالي الودائع لدي الجهاز المصرفي لم يتم توظيفها. وقال إساعيل حسن رئيس بنك مصر إيران: إن أزمة فائض السيولة التي تعدت المليارات والتي تعانيها أغلب البنوك المصرية نتجت عن زيادة حجم الودائع لديها بنسبة تفوق نسبة الإقراض التي تقدمه لعملائها, مؤكدا ضرورة حث البنوك علي السعي في البحث عن مشروعات كبري ذات جدارة ائتمانية مرتفعة يمكن من خلالها توظيف السيولة المتاحة بشكل يمكنها من تحقيق أرباح جيدة تتناسب مع تكلفة استغلال تلك الأموال. وأوضح أن فائض السيولة الموجودة في البنوك يعني أن هناك مليارات من الجنيهات معطلة لا تجد لها وسائل تشغيل تفيد المجتمع, مشيرا إلي أن البنوك ينبغي أن تقوم بدور أكبر في إعادة ضخ أموال المودعين في الأسواق مرة أخري بشكل استثماري يزيد من حجم الإنتاج المحلي, ومن ثم ارتفاع نسب التشغيل, مؤكدا أنه يتمني أن تصل نسبة تشغيل استغلال السيولة في البنوك إلي60%. وانتقد لجوء معظم البنوك إلي إيداع أموالها الزائدة في البنك المركزي بنظام الكوريدور الذي يتيح الحصول علي عائد مجز دون تشغيل حقيقي لها, مؤكدا أهمية عدم الاعتماد بشكل دائم علي هذا النظام الذي وضعه البنك المركزي لتخفيف الآثار السلبية الناتجة عن تراكم السيولة في البنوك. وأضاف أن توسع البنوك علي قروض التجزئة ظاهرة لها العديد من الإيجابيات إذا كانت من شأنها زيادة الطلب المحلي, ومن ثم زيادة الإنتاج وزيادة فرص العمل. وقال الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي: إن السبب الرئيسي في تراكم السيولة في البنوك المصرية هو ضعف القدرة الاستيعابية للاقتصاد المصري في تشغيل تلك الأموال, مشيرا إلي أنه ينبغي العمل علي تحفيز الطلب الداخلي وفتح مجالات جديدة لتسويق المنتجات والمشروعات المصرية في الداخل والخارج, وهو ما تحاول أن تقوم به الحكومة في الوقت الراهن التي بدأت من خلال قانون المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص الذي سيساعد القطاع الخاص علي الاقتراض من البنوك, بالإضافة إلي برامج التوسع في إقراض الموظفين, وهو الأمر الذي سيسهم بشكل كبير في سحب أي سيولة زائدة في القطاع الاقتصادي. وأوضح الشريف أنه من الطبيعي أن تكون لدي البنوك تخوفات من التوسع في إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة بسبب ارتفاع نسبة المخاطرة برأس المال في المشروعات الناشئة التي ليست لديها القدرة علي تحمل أي صدمات مفاجئة في الاقتصاد. من جانبه يحذر الدكتور محمد عبدالحليم عمر أستاذ الاقتصاد ومدير مركز الشيخ صالح كامل للاقتصاد الإسلامي سابقا من سلبيات توسع البنوك في القروض الاستهلاكية, خاصة إذا تم استهلاكها في تلبية الاحتياجات الأساسية مثل المأكل والملبس والصحة والتعليم, الأمر الذي قد يؤدي إلي زيادة الأعباء والمديونيات علي المواطنين وزيادة نسبة التعثر.