هل المسألة صعبة الفهم إلي هذا الحد ؟ ألم نتعرض منذ منتصف السبعينات لسلسلة من أعمال الإرهاب التي طالت الجميع, وأصبحنا نعرف ماهو الإرهاب بالضبط, كما أصبحنا نعرف الجماعات الإرهابية بالإسم, وأصبحت لدينا خبرة واسعة بأساليب المخططين لأعمال الإرهاب, وأصبحت لدينا فكرة جيدة عمن يمكن أن يقوموا بأعمال إرهابية, ولو علي سبيل الاحتمالات ؟ثم, ألم نتعرض خلال التسعينات لموجة كاملة من أعمال الإرهاب شبه الأسبوعي التي جعلت رءوسنا أكثر برودة تجاه مايتعلق به, بحيث يمكننا أن نفكر بتعقل, وأن نميز بين ماهو أعمال إرهابية تستهدف الدولة والمجتمع, وبين أعمال بغيضة تتعلق بالطائفية بصورة ما, وتستهدف واحدة من فئات المجتمع ؟ التذكير ببعض الحقائق قد يكون ذا فائدة من نوع ما, ففي البداية كانت حادثة الفنية العسكرية, التي ارتبطت باسم صالح سرية, ثم جاءت واقعة بشعة تتعلق باختطاف واغتيال الشيخ الذهبي, وأكررها مرة أخري, فالواقعة أن جماعة شكري مصطفي قررت اغتيال أحد الشيوخ, وعندما وصلنا إلي بداية الثمانينات, قررت الجماعة الإسلامية المسلحة اغتيال الرئيس السادات, الذي كان يقول إنه رئيس مسلم لدولة إسلامية, مضيفا علي الفور ومع ذلك, لادين في السياسة ولا سياسة في الدين, ويمكن سؤال المعاصرين وقتها عما جري في أسيوط, لمعرفة كيف يفكر هؤلاء ومن يستهدفون. في الثمانينيات, تم استهداف الدكتور فرج فودة, والأستاذ مكرم محمد أحمد والأديب الكبير نجيب محفوظ, ولنا أن نتخيل مافي عقل وقلب شاب قرر أن يطعن شخصا في سن ومقام نجيب محفوظ وقتها بالسكين, وهي مسألة لايصعب إدراكها فقد كان التنظيم يسمي نفسه الناجون من النار, قبل أن تأتي التسعينيات ببداية حملة استهداف لرجال الدولة أولا, بدون استثناء, ثم ما اعتبروا أنه القطاعات الحساسة في الدولة, كالسياحة تحديدا, مع محاولة استهداف البنوك, ثم تم الاقتراب من المواطنين الأقباط, كقطاع حساس مؤلم للدولة, ومثير للفتنة, فالأمر أولا وأخيرا يتعلق بالدولة, ومن لايصدق, عليه أن يعد إلي رقم10 ليهدأ قليلا, ثم يعيد التفكير.