ذكرت في مقال سابق أن القضاء علي الإرهاب يبدأ بصحوة عربية وايمان بأن من يكتوي بنار الأزمة هو الكفيل بإيجاد مخرج لها. وفي بادرة عملية من أجل إيقاف زحف التنظيمات الإرهابية وما تشكله من تهديدات, دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي الدول العربية إلي تشكيل قوة تدخل عربية لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة. وهي الدعوة أيضا التي سبق وطرحها أمين عام جامعة الدول العربية السيد نبيل العربي في كلمته أمام وزراء الخارجية العرب, في سبتمبر الماضي, طالبا تحركا عكسريا عربيا في مواجهة الإرهاب وقوي التطرف التكفيرية, مشيرا إلي ضرورة إحياء إتفاقية الدفاع العربي المشترك الموقعة في عام1950 والتي تمنح الحق في شن حرب عسكرية بقوات عربية مشتركة. ومن1950, حيث لم تفعل الاتفاقية بالشكل الذي تنص عليه, إلي يومنا هذا حيث تشهد المنطقة والعالم هجمات إرهابية موجعة بدءا باستمرار حصد ماكينة الإرهاب لأرواح الأبرياء في مصر, وحادثة شارلي ابدو في فرنسا, وحرق الأردني معاذ الكساسبة في سوريا, وذبح21 مصريا في ليبيا إلي الجرائم الإرهابية الوحشية اليومية التي يرتكبها داعش ضد الأقليات العرقية والدينية في العراق وغيرها من المناطق, مما يؤكد تصاعد وتيرة الإرهاب وتوسعه, ومما يجعل فكرة التنسيق العربي, ليس فقط علي الصعيد السياسي, ولكن أيضا علي المستوي العسكري ضرورة وليس ترفا, من خلال قوة عربية مشتركة, تشير التقارير إلي أن فكرتها تلقي الدعم من مصر, صاحبة المشروع, والأردن والسعودية والامارات والبحرين ولبنان, فيما رفضت الجزائر طلب الانضمام لأسباب عزتها أولا لقناعتها, كما جاء علي لسان أحد مسئوليها, بأن معالجة قضية الارهاب يجب أن تتم ضمن أشكال الحوارات الفردية أو مع المجموعات, وثانيا لكون الطلب يتقاطع مع حاجز دستوري لا يسمح لقوات الجزائر العسكرية بالقتال خارج حدودها مهما كانت الأسباب. وأيا تكن الأسباب والمبررات, فتبقي هناك قناعة أكثر اقناعا وواقعا لا يجب اغفاله وهو ان التنظيمات الإرهابية باتت تشكل خطرا ليس فقط علي مصر والعراقوسوريا وليبيا, ولكنها تهدد كل دول المنطقة, طالما تواصل التنظيمات الارهابية تفريخها وانتعاشها في منطقة هشة ومتخنة بالاسلحة. وطالما تنظيم داعش وصل إلي ليبيا, ويبحث ربما عن التوسع في منطقة الساحل والصحراء لتشتيت جهود التحالف الدولي, ونجح في استقطاب مقاتلين من المنطقة والعالم, وأصبح يروج لفكرة الدموي المتستر بغطاء الدين, حيث أصبح وطنا لمن لا وطن له ومأوي للساخطين والغامضين والحاقدين, مما يتطلب تكاتف جهود الدول العربية ووحدة صفها لاتخاذ إجراءالت حاسمة ضد هذا التنظيم وباقي التنظيمات الارهابية. وفكرة القوة العربية المشتركة توقظ في الذاكرة تجربة الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وهي التجربة/ الحلم الذي تعثر بعد3 سنوات من انطلاقه وتم الانفصال بعد انقلاب عسكري في سوريا اختار علي أثره الراحل جمال عبد الناصر الانتصار لوحدة سوريا ولو علي حساب انفصال الجمهورية المتحدة. وسواء كانت التصريحات بخصوص القوة العربية مشروعا مطروحا للمناقشة وقابلا للتنفيذ, أو مجرد جس نبض أو تمنيات يراها البعض صعبة التحقيق, لكن يجب الإقرار بأن تشكيل حلف عربي بوسعه فعلا أن يوفر الغطاء الأمني العربي لكل دولة, ويغني عن الاعتماد علي الحليف الأمريكي الذي لم ولن يدافع سوي عن مصالحه. وبوسعه أيضا, أن توافرت له جميع الامكانات والمعلومات, أن يوجه ضربة قاضية لجميع التنظيمات الإرهابية متي ما تحقق فيه أهم شرط وهو الاتفاق الكامل بين دول التحالف, والتكامل بين الغاية والاستراتيجية, التي يجب أن تكون مدروسة وواضKحة, حتي لا يتكرر سيناريو فشل دولة الوحدة. فهل سيتفق العرب علي تأسيس هذه القوة وهل ستسمح أمريكا بأن تري النور؟ هذا ما ستثبته الأيام القادمة..